خلّف طرح وزارة الصحة مشروعَ مرسوم جديد يقضي بخوصصة التعليم الطبي على الحكومة موجة استياء عارمة في صفوف الأطر الصحية وعدد من الفاعلين الصحيين، الذين عبّروا عن رفضهم هذا القرار، الذي سيفتح بموجبه المجال للقطاع الخاص بإحداث كليات للطب والصيدلة. فقد اعتبرت مصادر صحية نقابية أنّ الأمر يأتي في إطار ما سمي «المؤامرة» الهادفة إلى تحويل كليات الطب والصيدلة إلى «شركات تجارية ترمي إلى تحقيق مكاسب مالية تقوم على المنافسة والمضارَبة بالصحة»، وهي العملية التي ستؤدي -حسب تعبير المصادر ذاتها- إلى «تحويل الخدمة الصحية إلى بضاعة استهلاكية تباع وتشترى». وفي هذا السياق، أكد علي لطفي، رئيس المنظمة الديمقراطية للشغل، التي أصدرت بيانا في الموضوع، أنه سيكون لخوصصة التعليم الطبي تأثير كبير على الأمن الصحي، معتبرا أن هذا المجال لا يمكن إخضاعه للتحرير أو الخوصصة. وقال لطفي عن هذا القرار، الذي تنبأ له بأن يُحدث «زوبعة»، إنه يأتي في وقت كان طلبة كليات الطب والصيدلة وأساتذتهم ينتظرون من الحكومة أن تشرع في وضع مخطط إرادي متكامل لإصلاح منظومة التكوين في كليات الطب والصيدلة وجراحة الأسنان، مضيفا أنه تم طرح مشروع المرسوم دون استشارة الهيئات المسؤولة للأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان، كما أكد أن للقرار تداعيات خطيرة على الأمن الصحي وعلى طلبة الكليات الأربع في كل من الدارالبيضاء وفاس والرباط ومراكش . وحمّل لطفي مسؤولية إخفاق مسيرة التعليم الطبي الجامعي للحكومة، التي قال إنها تخلّت عن عدد من الالتزامات بخصوص مُراجعة مناهج التكوين ومدته وتوفير الموارد البشرية والأطر التربوية والبيداغوجية . وتحدث رئيس المنظمة الديمقراطية للشغل عما «تعرفه منظومة التعليم الطبي والصيدلي والتمريضي من ترَدٍّ بفعل ضعف الإمكانات المادية وغياب للتأطير بسبب النقص الكبير في الأساتذة الجامعيين، مقابل ارتفاع عدد الطلبة في كليات الطب، علاوة على تخلف المناهج التعليمية التقليدية وأنظمة التداريب والمداومة في المستشفيات». أمام هذا الوضع «المقلق»، الذي تعاني منه كليات الطب والصيدلة الأربع بارتباطها بالمراكز الاستشفائية الجامعية، التي قال المتحدّث نفسُه إنها تعاني، بدورها، من عدة اختلالات، طالب لطفي رئيسََ الحكومة عبد الإله بنكيران ب»وقف مثل هذه القرارات الارتجالية التي تسعى إلى تدمير المؤسسات العمومية، وضمنها كليات الطب والصيدلة ومعاهد تكوين الممرضات والمهن الطبية الموازية».