يرتقب أن تشهد مدينة مراكش، ابتداء من غد السبت، لقاء فكريا رفيع المستوى لتشريح وضعية الإسلاميين بعد مضي أزيد من سنتين على اندلاع شرارة الربيع العربي. ويرصد اللقاء، الذي تنظمه منظمة «مؤمنون بلاحدود» أبرز المواقف، التي اشترك فيها الإسلاميون في المراحل الانتقالية التي تجتازها أكثر من دولة عربية، إضافة إلى تسليط الضوء على حاجتهم إلى التجديد، ودراسة آفاق تطور أنشطتهم وتنامي شعبيتهم، خصوصا التيارات الإسلامية التي كان الربيع العربي سببا رئيسيا في إيصالها إلى السلطة في بلدانها في ظل التحديات التي تعترض بلوغ الأهداف التي وعدت بتحقيقها. وحرص المنظمون على تقسيم أشغال هذا اللقاء الفكري، التي ستستمر على مدى يومين، إلى أربعة محاور أساسية تتفرع عنها إشكاليات ستكون موضوع مداخلات علمية من قبل باحثين وجامعيين من المغرب وخارجه. ويسلط المحور الأول الضوء على «إشكالية التقاطع بين المجال الديني والمجال السياسي». وسيعمل هذا الشق من اللقاء على رصد ما بين السياسة والدين من اتصال وانفصال عبر إبراز حدود التقاطع بين الدين والسياسة. كما سيبحث هذا المحور في جذور علاقة الدين بالدولة، من خلال بعض المواقف التي صدرت عن القياديين الإسلاميين العرب إثر تعيينهم أو انتخابهم لشغل مناصب سياسية، قبل وضع إسلاميي المغرب، بجميع أطيافهم، تحت المجهر، ودراسة تحديات مشاركتهم السياسية. أما المحور الثاني، فسيخصص لاستشراف «مستقبل فكر الإسلام السياسي في ظل احتكاك بعض رموزه بالتدبير اليومي»، وهذه حالة حزب العدالة والتنمية في المغرب، وحركة النهضة في تونس، وجماعة الإخوان المسلمين، ممثلة في حزب الحرية والعدالة في مصر. وستنبري المداخلات التي سيتم إلقاؤها في هذا الإطار للإجابة عن أسئلة جوهرية وذات راهنية في الفكر الإسلامي المعاصر. ومن أبرز هذه الأسئلة: «كيف يمكن تحقيق المصالحة التاريخية بين الإسلام والحداثة؟». ولأن الإجابة عن هذا السؤال تفرض بالضرورة التطرق لمفاهيم لا تزال محط جدل في العالم العربي من قبيل العلمانية والهوية، فإن منظمي اللقاء الفكري حرصوا، وفق جدول أعمال اللقاء، الذي حصلت «المساء» على نسخة منه، على مناقشة مواقف الإسلاميين من المسألة العلمانية، ودراسة النقط المشتركة والعناصر الخلافية بين الدولتين الدينية والمدنية، إضافة إلى بحث رهانات وآفاق انتقال الإسلاميين من التركيز على شعارات الهوية إلى العمل الوظيفي والتدبير اليومي بعد تسلم زمام تدبير الشأن العام في أكثر من دولة عربية. وسيكرس المحور الثالث رصد واقع التعددية السياسية والدينية والإيديولوجية والهوياتية في العالم العربي، ولا سيما في الدول التي صعد فيها الإسلاميون إلى السلطة. وسيبرز هذا المحور أثر الربيع العربي على هيئات المجتمع المجدي في العالم العربي. كما سيعمل على الكشف عن المعالم الرئيسية لتعامل الإسلاميين حديثي العهد بالسلطة مع ما يعرف ب«الإيديولوجيات المعاصرة». وتندرج في هذا الباب أيضا الإجابة عن سؤال بات يطرح نفسه بقوة في المنطقة العربية، ويهم «مستقبل الدولة بمفهومها الحديث في بلدان ما بعد ربيع الثورات»، إضافة إلى «قضايا الديمقراطية والمواطنة والتعددية» في تلك البلدان. وسيكون تكريس الديمقراطية مضمونا وإجرائيا في العالم العربي، على ضوء التحولات الأخيرة، الموضوع الرئيس للمحور الرابع والأخير من أعمال هذا اللقاء. وستتم، في هذا المحور دراسة حالة الحركات الإسلامية في الوطن العربي على ضوء التحولات الأخيرة واستشراف آفاق البناء الديمقراطي بعد صعود الإسلاميين للسلطة، وقياس أهمية الثقافة السياسية التي تتمتع بها هذه الفئة من الإسلاميين، قبل تسليط الضوء على الواقع الاقتصادي الراهن لبعض الدول العربية، ضمنها المغرب، والنتائج التي ستتمخض، على هذا المستوى، عن التحولات التي عرفتها المنطقة العربية في سياق الربيع العربي.