كشفت العداءة مليكة عقاوي المتخصصة في سباق 800 متر أنها تعيش وضعا نفسيا صعبا جراء المضايقات التي تتعرض لها بالمعهد الوطني لألعاب القوى، وقرار المسؤولين بطردها منه. وقالت عقاوي في حوار أجرته معها "المساء" إنها تستغرب لاستهدافها دون بقية العدائين، وحكت بالتفصيل وقائع ما جرى بينها وبين منسق اللجنة التقنية أحمد الطناني، وكيف رفض رئيس الجامعة عبد السلام أحيزون استقبالها والاستماع إلى شكواها. عقاوي التي بدت متذمرة قالت إنه في الوقت الذي تبحث فيه الدول عن العدائين المتميزين ب"الريق الناشف" فإن مسؤولين في الجامعة يقومون بتحطيمهم، مشيرة إلى أنها طلبت بعد صدور قرار طردها من المعهد وثيقة تثبت الاستغناء عن خدماتها لتكون حجة لها ضد من اتخذوا القرار. في الحوار نفسه تتحدث عقاوي عن كيف وصل بها اليأس إلى حد التهديد بالانتحار، وكيف أنها أصبحت تجد الأعذار للعدائين الذين حملوا جنسيات بلدان أخرى، مبرزة أنها بدل أن تتفرغ للتداريب ولتحسين أرقامها أصبحت تبحث عن حل لمشاكل قالت إنها "مفتعلة". - كيف وجدت نفسك مهددة بالطرد من المعهد الوطني لألعاب القوى؟ لقد كنت أخوض تداريبي بشكل عادي، أستعد وكلي حماس لأن لي هدفا أرغب في تحقيقه، ولأن أرقامي تسير في خط تصاعدي، كنا نتدرب تحت إشراف المدربين الذين عينتهم الجامعة في إطار مجموعات، إذ كنت ضمن المجموعة التي تضم سهام الهيلالي والبحراوي، ولما حدث التغيير في الإدارة التقنية جاؤونا بمدرب من مدينة خنيفرة، أشرف علينا لفترة لم تتجاوز الأسبوع، لكن هذا المدرب لم يتمكن من أن يواصل معنا وقيل لنا إنه موظف تابع لوزارة الشباب والرياضة وأن الأخيرة لم تمنحه الترخيص، لذلك واصلت استعدادتي ببرنامجي السابق الذي حققت بواسطته نتائج جيدة داخل القاعة وشاركت في مجموعة من الملتقيات، وفي مرحلة لاحقة جاؤوني بمدرب اسمه البكاري، لكنه ظل يراقب تداريبي من بعيد وفي بعض الأحيان يسألني مثل بقية العداءات إذا كنت في حاجة إلى أي شيء، دون أن يتدخل في برنامج التداريب. في أحد الأيام بعد عودتي من مدينة إيفران فوجئت بمدير المعهد يستدعيني وهو يقول لي ستغادرين المعهد، اعتقدت أن الأمر يتعلق بمزحة فقلت له «اللي جات من عندكم مرحبا بيها» ، فقال لي إن الأمر جدي ولا مجال فيه للمزاح، وأوضح لي بأنه توصل برسالة من الجامعة تؤكد أنني لم ألتزم بالقانون الداخلي للمعهد، وأنه يتوجب علي المغادرة، فقلت له من هو هذا المدرب الذي اقترحته الجامعة ورفضت أن أتدرب معه ومن هي هذه الإدارة التقنية التي عينته، قال لي إنه لا دخل لي بكل هذه التفاصيل، وأنه مدير للمعهد وليس مديرا تقنيا. - ماذا حدث بعد ذلك؟ قررت أن أتوجه صوب أحمد الطناني منسق اللجنة التقنية فأكد لي أن علي أن أغادر المعهد، على أساس أن أعود له بعد أيام عندما تتم تسوية ما يعتبره مشكلا قائما، قلت له هذا الذي يحدث غير معقول، وأنني منذ شهر دجنبر وأنا أتدرب دون أن يتم استفساري عن وضعيتي، كما استفسرته عن سبب استهدافي لوحدي دون بقية العدائين، فقال لي العداؤون الآخرون كبار ولديهم ترخيص من رئيس الجامعة عبد السلام أحيزون، ولما سألته عن المعايير التي تجعل من هذا العداء كبيرا والآخر صغيرا قال لي هذا ليس من اختصاصك، فقلت له إذا كنتم قد اتخذتم قرارا بطردي من المعهد فيجب على الأقل أن تسلموني ورقة تثب ذلك، وتؤكد أنكم لا تريدونني أن أدافع عن ألوان المغرب لتكون حجة لدي، حتى لا تقولون غدا إنني غادرت المعهد بمفردي. - ماذا كان رد الطناني؟ قال لي لن أسلمك أية وثيقة، وأن عمله انتهى عند حدود إبلاغي بالقرار، وأن الغد ( تقصد يوم الخميس الماضي) هو آخر أجل لتغادري المعهد، وأنني إذا لم أجمع أغراضي وأغادر فسيقوم برميها، ثم قال لي اذهبي إلى الصحافة التي لجأت إليها لتحل لك مشاكلك فأنت لم تعودي محسوبة علينا. - ماذا كان ردك؟ ماذا سيكون ردي، وأنا أتابع كيف أنهم يسعون لتدميري وتحطيمي، فهم يعرفون أنني ابنة مدينة ميدلت وأن عائلتي لا توجد في هذه المدينة، لم يفكروا في هذا الأمر، ولا في كونهم يدفعونني إلى التشرد والضياع، لم يفكروا في أن هذه المرحلة مهمة في التحضيرات وأن لدي مجموعة من الملتقيات يجب أن أشارك فيها وأن أواصل تحقيق نتائج إيجابية لأنتزع الميداليات وأحقق أحلامي الشخصية وأرفع راية بلدي عاليا. ألم تحاولي اللقاء برئيس الجامعة عبد السلام أحيزون؟ لقد حاولت أن أتحدث معه في فاتح مارس الماضي على هامش الاستقبال الذي خصصه للعدائين، وقلت له لو سمحت سيدي الرئيس امنحني دقيقة من وقتك، لكنه قال لي إنه منشغل بالحديث مع رؤساء العصب والأندية، لم أتحدث معه بسبب انشغالاته مع المسيرين خصوصا أن الجمع العام كان على الأبواب، ثم حاولت أن ألتقيه في مقر عمله ب»اتصالات المغرب» لأشرح له وضعيتي بالتفصيل، وانتظرته لثلاث ساعات، دون أن يستقبلني ، علما أنه يقول دائما إن أبوابه مفتوحة في وجه العدائين، وأنا أتساءل إذا كان رئيس الجامعة لا يستقبل العدائين في أوقات محنهم، ويعمل على حل مشاكلهم الحقيقي منها و»المفتعل» فلماذا يقوم باستقبالهم عندما يحققوا إنجازات. - ألم تحاولي طرق أبواب أخرى؟ أنا لا أجيد إلا العدو وإجراء التداريب والصراع مع العداد وليس مع المسؤولين، أحلامي وطموحاتي كبيرة، وأحلم باليوم الذي سأصعد فيه لمنصة التتويج في بطولة العالم أو الأولمبياد وأتابع النشيد الوطني وهو يعزف، لكن اليوم لم أعد أعرف هل أتدرب أم أتفرغ لحل هذه المشاكل، لقد حطموا معنوياتي وجعلوني أعيش وسط الخوف والقلق، وأصبحت أقول إذا كان المسؤولون عن ألعاب القوى يحاربونني ولا يحفزونني، فلماذا كل هذا التعب وكل هذه التداريب. أنا في حيرة من أمري، ولم أعد أعرف هل هؤلاء المسؤولين يريدون عدائين في المستوى ومتفرغين يرغبون في حمل راية الوطن أم يريدون عدائين بدون أثر ولا إنجازات ولا حتى حد أدنى في التوقيت، هل يريدون دعم ألعاب القوى أم يريدون القضاء عليها، في السنة الماضية وفي أول مشاركة لي في الأولمبياد بلغت نصف نهائي 800 متر وكنت قريبة من بلوغ النهاية، وحسنت توقيتي ونزلت عن حاجز الدقيقتين، وأصبحت قريبة من دخول دائرة المرشحين للتتويج، وبدل أن يحاول المسؤولون الدفع بي قدما والبحث عن سبل تجعلني أحرز الميداليات هاهم يحطمونني، الدول تبحث عن العدائين ب»الريق الناشف» والمسؤولون في الجامعة يقومون بالتحطيم والهدم. - ولماذا يتم استهدافك؟ لأنني صريحة وأطالب بحقي، وأدافع عن حلمي، ولذلك «كناكل العصا» ويتم قتلي عشرات المرات في اليوم، اعتقد أنهم يريدونني أن أغادر ألعاب القوى المغربية نحو وجهة أخرى ويرغبون في أن أحمل جنسية بلد غير المغرب، يريدون قتل الأمل، صدقني اليوم عرفت لماذا اختار عدد من العدائين الهجرة وحمل جنسيات بلدان أخرى، فمثل هذا «الإرهاب» دفع كثيرين إلى أن يغمضوا عيونهم ويرحلون في صمت. تصور أن لا أحد حاول أن يتدخل ولو ب»خيط أبيض» لتقريب وجهات النظر وللبحث عن المصلحة العامة، لا أحد واساني وسعى إلى كسر الحواجز، فهل هذا معقول. - هددت بالانتحار ما الذي جعلك يائسة؟ الرئيس عبد السلام احيزون لا يريد استقبالي ومنسق اللجنة التقنية أحمد الطناني يقول لي إنه يمارس عمله وأن علي أن أجمع أغراضي وأغادر، إذا كان هو يمارس عمله، فما هو عملي أنا أليس ألعاب القوى التي أعيل من خلالها عائلتي ووالدتي وتركت من أجلها الدراسة، وغادرت مدينتي ميدلت لأقيم بالمعهد الوطني، عندما يدمرونك ويقتلون طموحاتك، هل يبقى هناك من حل غير أن أصعد إلى الطابق الثالث بالمعهد وأرمي نفسي وأريحهم وأريح نفسي من هذه الحياة وأضعهم أمام مسؤولياتهم.