أدى اقتحام العشرات من رجال «السيمي» و«المخازنية» ل«الحرم الجامعي»، مساء يوم الجمعة الماضي، إلى إلحاق أضرار مادية، وصفت بالبليغة، بتجهيزات باهظة الثمن في مختبرات كلية العلوم ظهر المهراز. كما ألحقت خسائر، قيل إنها فادحة، بأرشيف الكلية بعدما أقدم هؤلاء الأمنيون ب«العبث» بسجلات الطلبة وتقطيع بعضها وتوزيع الباقي على مختلف أطراف الكلية. وتعرض عدد من حواسيب الإدارة، وهي تتضمن معطيات عن الطلبة ونقطهم ومستوياتهم، ل«الإجهاز» عليه من قبل الأمنيين بعدما اقتحموا الكلية «بحثا» عن طلبة فصيل النهج الديمقراطي القاعدي. وكان هؤلاء قد خرجوا في تظاهرة من الساحة الجامعية متوجهين إلى مركز المدينة احتجاجا على مقتل «رفيقهم» في جامعة القاضي عياض من قبل رجال الأمن، على خلفية تدخل لتفتيت مسيرة تضامنية مع غزة. واستعمل رجال الأمن في تدخلهم بفاس القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. وخلف هذا التدخل ما يقرب من 70 إصابة بجروح متفاوتة الخطورة، بينها كسور. ولم يتمكن هؤلاء المصابون من التوجه إلى مستشفى الغساني، أكبر مستشفيات الجهة، خوفا من أن يتعرضوا للاعتقال. وتعرض الحي الجامعي الخاص بالطالبات بظهر المهراز، بجناحيه، لاقتحام رجال «السيمي» و«المخازنية». وتعرضت بعض الطالبات للسب والقذف والكلام الساقط. كما أوردت المصادرأن سرقات وقعت في غرفهن. واشتكت إحداهن من سرقة مبلغ 11 ألف ريال كان في حوزتها. وقالت أخريات إن هواتفهن النقالة تعرضت للسرقة. وأدى هذا الوضع بجل طالبات هذا الحي إلى إخلائه. فيما تعرض مدير الحي بدوره لبعض «التعنيف»، رفقة عدد من مساعديه، بعدما حاول أن يمنع رجال الأمن من اقتحام حيه. وهو نفس «التعنيف» الذي تعرض له الكاتب العام لكلية العلوم لما حاول أن يمنع الأمنيين من العبث بتجهيزات وأرشيف الكلية. ولم يبال «السيمي» و«المخازنية» بالرجاء المتكرر لهذا المسؤول، وقاموا بعدما أنهوا «مهمتهم بدخول إحدى قاعات الدرس وكتبوا في سبورتها «البوليس والمخازنية رجال»، وفي سطر آخر كتبوا كلاما يهدد الطلبة بممارسة الجنس عليهم في حال اعتقالهم. وخرج هؤلاء من الكلية وهم يرددون شعار «اتحدوا يا طلاب»، في محاولة «فاشلة» منهم لإخراج الطلبة المختبئين إلى الساحة لاعتقالهم. وبعد ذلك ساروا في استعراض عسكري رددوا فيه النشيد الوطني. وأصيب عميد كلية العلوم، الذي فضل الاحتماء داخل مكتبه أثناء الاقتحام، بنوبة هستيرية بعد الحادث، وظل يهاتف مسؤولي وزارة التعليم ويدعوهم إلى إيفاد لجنة للوقوف على «الكارثة». أما مدير الحي الجامعي فقد اتصل مساء اليوم ذاته بالإدارة العامة للأحياء الجامعية بالرباط، وسارعت الأخيرة إلى إرسال لجنة للاطلاع على ما جرى. وفي صباح اليوم الموالي، أي يوم أول أمس السبت، حل رئيس جامعات فاس بكلية العلوم ومعه طاقم كلفه بإعداد شريط فيديو يصور «الخسائر» لإطلاع مسؤولي وزارة التعليم على مخلفات الاقتحام. وأسفرت هذه «العملية الأمنية» عن اعتقال عدد من الطلبة والطالبات، وبجانبهم عدد من قاطني حي ظهر المهراز الصفيحي المجاور، وحي الليدو القريب بدوره من فضاء الجامعة. وقدرت المصادر عدد المعتقلين بحوالي 70 معتقلا، وضمنهم حوالي 20 طالبا. وإلى حدود وقت متأخر من ليلة يوم السبت الأخير، أفرجت السلطات الأمنية عن حوالي 50 معتقلا، بعدما أنجزت لهم محاضر، ويجهل مصير الباقين. وظل مقر ولاية الأمن، طيلة ليلة الجمعة/السبت محجا لعدد من الأسر ممن «اختفى» أبناؤها، دون أن تجد أي مسؤول يخبرها بمصير هؤلاء المعتقلين. وفي السياق ذاته، نقلت مصادر جامعية أن هذه المستجدات تنبئ بأن الموسم الدراسي بكلية العلوم ظهر المهراز سيكون أبيض، مضيفة أنه يبدو من المستحيل إتمام هذه السنة بعد الخسائر المسجلة في تجهيزات وأرشيف وحواسيب الكلية. وقال إن النقابة الوطنية للتعليم العالي ستجتمع لتدارس الوضع واتخاذ الموقف المناسب.