حل كل من وزير التربية الوطنية والتعليم العالي أحمد اخشيشن، وكاتب الدولة في الداخلية، سعد حصار، صباح أول أمس الاثنين بفاس، وللاطلاع على مستجدات «الأزمة» التي وصفت بالحادة والتي نشبت بين أمنيي المدينة وجامعييها بعدما قامت قوات الأمن مساء يوم الجمعة باقتحام الحرم الجامعي ظهر المهراز، دون الحصول على إذن من الجامعة، وعبث رجال «السيمي» و»المخازنية» بأرشيف وحواسيب ومختبرات كلية العلوم، ودخلوا الحي الجامعي للبنات بجناحيه وعبثوا بممتلكاتهن، واعتقلوا ما يقرب من 70 شخصا وطالبا بالقرب من الجامعة وداخل الأحياء الصفيحية المحيطة بها، وتعرض عشرات الطلبة لإصابات تباينت بين جروح وكسور. اخشيشين وحصار عقدا لقاءات مع مسؤولي الجامعة للاطلاع على الوضع وملابسات هذا الاقتحام، كما عقدا لقاءات أخرى مع مسؤولين أمنيين وإداريين ومنتخبين. هذا قبل أن يقوما بجمع الأطراف كلها في لقاء عقد مساء أول أمس بمقر ولاية جهة فاس بولمان، حضره مسؤولو الدرك وولاية الأمن والاستعلامات العامة و»الديستي» والشؤون الداخلية، إلى جانب مسؤولين من رئاسة الجامعة. وتحكي المصادر أن الاجتماع عقد في أجواء متوترة، حاول فيها كل طرف من الأطراف أن يدافع عن «مشروعية» موقفه والخطوات التي بادر إليها على ضوء الأحداث الأخيرة للجامعة. قبل أن يتم التوصل إلى «اتفاق» يقضي بالتنسيق «اللازم» بين الأطراف ل«استتباب الأمن وخدمة التعليم في نفس الوقت». وتقرر في هذا الاجتماع «تفتيت» جامعة ظهر المهراز بكلياتها الثلاثة، وذلك للتقليص من حدة الاحتجاجات بها. وقال بلاغ صادر عن ولاية جهة فاس بولمان إن هذا الاجتماع، الذي حضره كذلك رؤساء المجالس المنتخبة بالمدينة، خصص ل»بلورة مخطط تحويل بعض المرافق التابعة لكليات الآداب والعلوم الإنسانية وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الواقعة بفضاء ظهر المهراز والتي تعرف اكتظاظا كبيرا». وذكر البلاغ أن هذا المخطط يهدف إلى إحداث الحي الجامعي الجديد لسايس وتأهيل الحي الحالي، وإحداث قطب للتكوين والبحث في مجال الاقتصاد والتدبير تابع لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية لظهر المهراز، وإحداث قطب للتكوين والبحث في حقل العلوم الاجتماعية تابع لكلية الآداب بظهر المهراز، وإعادة إصلاح وتأهيل مجموع البنايات الحالية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس، وإعادة تأهيل كلية العلوم القانونية «وفق مواصفات عصرية واستبدال المفكك منها»، وتوسعة كلية العلوم وفق «تنويع عرضها التربوي»، وإصلاح وتقوية البنيات الرياضية، «وذلك بإنجاز قاعة مغطاة وتهيئة محيطها الخارجي وتجهيزها بالمعدات الضرورية». وأورد ذات البلاغ أن هذا الاجتماع تدارس كذلك «التدابير المواكبة» لتجسيد هذا المخطط، «خاصة تعبئة العقارات اللازمة لإنجاز هذه المشاريع التي ستنطلق خلال الأسابيع المقبلة». وكان عدد من الأساتذة الجامعيين قد تحدثوا سابقا عن وجود مخطط يرمي «إلى القضاء على الذاكرة التاريخية لجامعة ظهر المهراز»، وهي من أقدم الجامعات العصرية بالمغرب، لكن إدارة الجامعة نفت وجود أي مشروع من هذا القبيل على المديين القريب والمتوسط، قبل أن تفرض الأحداث الأخيرة التي تعيشها الجامعة «الكشف» عن المخطط «الاستعجالي» والإعلان عن وجود «إرادة ورغبة» في تسريع تجسيده على أرض الواقع. وهو المشروع الذي يرتقب أن يخلف بعض ردود الفعل المعارضة، سواء من قبل الطلبة أو من طرف نقابة التعليم العالي، وهي الجهة التي سبق لها أن أصدرت بيانا يعارض أي حديث حول «الإجهاز» على جامعة ظهر المهراز من قبل «لوبي العقار» بفاس. وفي السياق ذاته، علم بأن الشرطة القضائية قد أخلت سبيل جل المعتقلين، فيما قدمت صباح يوم الإثنين 6 طلبة في حالة اعتقال إلى محكمة الإستئناف. وقضت هذه الأخيرة ساعات بعد توصلها بالملفات بعدم الاختصاص، محيلة الملف على المحكمة الابتدائية. وامتد التحقيق مع المتهمين ب»الإخلال بالأمن العام» لساعات أخرى. وأشرف وكيل الملك بالمحكمة على مباشرة التحقيقات، قبل أن يطلب من هيئة الدفاع مهلة من الوقت «للتشاور» قبل «النطق بالقرار». وتقررت، بعد حوالي ساعة من الانتظار، متابعة هؤلاء الطلبة في حالة سراح مؤقت. وحددت المحكمة الجلسة الأولى للنظر في هذه الملفات في 24 مارس المقبل. واضطر جل المفرج عنهم، بعد زوال يوم الإثنين، إلى مرافقة ذويهم إلى قراهم وأحيائهم. وفضل بعضهم «نسيان» التجربة، فيما تحدث آخرون عن «أيام عصيبة» في مخفر الشرطة «تميزت» بالسب والقذف وغيرهما من أنواع الإهانة. ومن جهة أخرى، لا زال حوالي 14 طالبا يرقدون بمستشفى الغساني، وذلك بعدما نقلوا بسيارات إسعاف من وسط الساحة الجامعية، وهم في حالة إغماء، إلى قسم المستعجلات مساء الجمعة الماضي. وقالت المصادر إن إصابة بعضهم تستدعي المكوث بالمستشفى لعدة أيام. ولتفادي إزعاج» الصحافة، عملت إدارة المستشفى على عزل هؤلاء الطلبة في غرفة خاصة، مع إصدار «تعليمات» تمنع دخول أي صحفي للوقوف على الوضع الصحي للمصابين.