يعرف بعض العلماء والباحثين في المجال الطبي الوحم بكونه حب المرأة الحامل، لأغذية بعينها دون أخرى، ويربطون ذلك بمواقف تكون قد مرت منها الحامل، لذلك نجد البعض منهن، قد تأكل الثلج، الطين، الفحم والطباشير وإن كانت هذه حالات نادرة، لكنها موجودة، بينما تتمنى حوامل أخريات؛ فاكهة الشتاء في الصيف أو العكس. ويعزو الدارسون ذلك إلى الارتفاع السريع لهرمون الحمل (G H C) الذي تفرزه المشيمة، وأيضا ارتباطه الوثيق بهرمون الاستروجين وارتفاع هرمون الحمل في الدم، وكذا التمدد السريع لعضلات الرحم، والاسترخاء النسبي لنسيج عضلة القناة الهضمية، وزيادة حموضة المعدة. ولا يخفى على أحد أن معاناة النساء مع الوحم تختلف من امرأة لأخرى، فمن المعروف أن الوحم يكون حادا بالنسبة للمرأة في حملها الأول، والأسباب يمكن تصنيفها إلى عضوية ومعنوية. فمن الناحية العضوية فإن جسم الحامل يكون في الحمل الأول، أقل استعدادا لزيادة الهرمونات المرتبطة به وأيضا مختلف التغيرات الأخرى التي سبق ذكرها. ومن الناحية المعنوية فالحامل للمرة الأولى تكون أكثر عرضة للقلق والخوف الذي يسبب اضطرابات معدية بعكس اللواتي سبق لهن الحمل. وتشهد فترة الحمل حدوث تغيرات انفعالية تكون واضحة تماماً في الثلاثة شهور الأولى، من قبيل عدم القدرة على التركيز الجيد والشعور بالدوار والإغماء، كما تصاب بعضهن بنوبات من الاكتئاب والحزن وحدة الطبع والرغبة المتواصلة في الغثيان، خاصة في فترة الصباح، مما يؤثر سلبا على بعض النساء بإحساسهن باشمئزاز ونفور شديدين تجاه بعض أنواع الطعام وكما ذكرنا تشتهي أنواعا أخرى قد تبدو غريبة ومن الصعب الحصول عليها مثل البطيخ في غير موسمه . وأود الإشارة إلى أن الوحم لا يحتاج إلى علاج إلا إذا استمر القيء بشكل يؤثر على صحة الحامل؛ ففي مثل هذه الحالة ينبغي عرض الأمر على الطبيب المختص من أجل الاستشارة وأيضا إيجاد الحلول المناسبة للمرأة الحامل، التي تتناسب مع صحتها العامة. وما يميز فترة الوحم قوة حاسة الشم، مما يجعل الحامل لا تحتمل رائحة البصل أو رائحة الدجاج وهو يُطهى، أو رائحة اللحم أو حتى رائحة العطور، كما يمكن أن يطغى الوحم على حاستي النظر والسمع، وذلك من فرط حساسية المرأة ويبلغ الوحم ذروته بين الأسبوع الثاني والثاني عشر من الحمل، وتنتهي فترة الوحم من تلقاء نفسها وفي معظم الأحيان قبل انتهاء الشهر الثالث للحمل. أشير هنا إلى أهمية العامل النفسي بالنسبة للحامل الذي يجب مراعاته من قبل المحيطين بها، وخاصة الزوج وتفهمه لحالتها النفسية وتوترها الدائم ودعمها عاطفياً ومعنوياً بالتفكير الدائم من قبله بالمولود الجديد الذي سيضفي سعادة على حياتهما معا. وأود التذكير بأن الحمل غالبا ما يمر من دون أي تأثيرات جانبية على صحة الجنين وأيضا الحامل طالما أن الأمر لا يؤثر على تغذية الحامل، اللهم في بعض الحالات إذا استمرت حالة الغثيان المستمر عند الحامل ولم تخضع لعلاج فيمكن أن يتسبب لها ذلك في نقص التغذية والجفاف، إن لم تعالج باكرا، مما قد يؤثر على صحتها، لكن هذه المضاعفات يمكن تداركها باتباع النصيحة التالية: عند إحساسك سيدتي بأول أعراض الوحم، عليك بمرافقة زوجك عند طبيب النساء ليشرح له حالتك الصحية والنفسية ليجنبكما ما يقع فيه بعض الأزواج من مشاكل قد أن تؤدي بهما إلى الطلاق، وبذلك تكون المرأة وفي سبيل الإتيان بطفل تظلم فيزيولوجيا واجتماعيا . وهنا وجب التذكير بمنافع العيش على نمط أجدادنا في «الدار لكبيرة» وما كان لذلك من فضل في خلق جو من المودة وروح التكافل واستشارة كبار السن من ذوي الخبرة والمراس في الحياة، فعلى سبيل المثال كنا نجد الجدة التي أنجبت على الأقل 6 أطفال لها من الخبرة في أمور الحمل وصحة الأطفال ما قد يحير بعض الأطباء، وتلك الفطنة عند جداتنا كانت نعم العون بالنسبة لأمهاتنا. وكطبيب لم أجد ما يؤكد المزاعم الشعبية التي تفيد بأن المرأة الحامل إذا لم تأكل ما اشتهته وحكت على جسدها، فإن الطفل عند ولادته سيحمل علامة في جسده تشبه في شكلها ما اشتهته أمه ولم تحصل عليه. وتبقى فترة الوحم بالرغم مما يصاحبها من إزعاج للمرأة، إلا أنه ليس لديها أي آثار جانبية سلبية على الجنين، ماعدا نسبة بسيطة من النساء لا تتجاوز معدل (1%) يعتبر الوحم بالنسبة لهن حالة مرضية نتيجة تسببه في نقص حاد في وزن المرأة الحامل، أو فقدان السوائل والأملاح ... إلخ. وعليه فإن الوحم مرحلة مؤقتة تنتهي عادةً بنهاية الثلاثة أشهر الأولى من الحمل وهناك أدوية مساعدة، لتخفيف حدة أعراض الوحم، فقط تجب استشارة ذوي الاختصاص.