تدخلت القوات العمومية، في وقت متأخر من ليل أول أمس الخميس (ليلة الخميس -الجمعة) لتفريق احتجاجات طلبة يقطنون بالحي الجامعي في فاس سايس. وشهدت الطرق والشوارع المجاورة للحي الجامعي حالة استنفار غير عادية لعناصر الأمن، امتدّت لعدة ساعات في وقت متأخر من ليلة الخميس -الجمعة. وقد حمَل المحتجّون «نعشا»، في إشارة إلى جثمان الطالب محمد الفيزازي، الذي توفي جراء نزيف وكسور أدخلته إلى غرفة العناية المركزة في المستشفى الجامعي، قبل أن يُفارق الحياة. وقال الطلبة إنّ التدخل الأمني تسبب في إصابات. كما أوقدوا شموعا بالمناسبة، قبل أن تتدخل عناصر القوات العمومية لفضّ هذه الاحتجاجات، التي تزعمها الطلبة الفصيل القاعديّ. ويشهد الحي الجامعي سايس في مدينة فاس أوضاعا غيرَ عادية منذ بداية الموسم الدراسي الحالي، بلغت أوجها أثناء تدخل للقوات العمومية في 14 يناير الماضي، ما أسفر عما يقارب 11 اعتقالا في صفوف الطلبة، الذين دخلوا في اعتصامات للمطالبة بالحق في السكن. وينتمي عدد كبير من المعتقلين إلى جماعة العدل والإحسان. وقد توفي الطالب محمد الفيزازي بعد دخوله قسم العناية المركزة بحوالي أسبوع من اندلاع أحداث التدخل الأمني. واتهمت إدارة الحي الطلبة وقتها باحتجاز موظفين، وتقدَّمَ مدير الحي بشكاية في الموضوع إلى الوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف في فاس. وتباشر السلطة القضائية تحقيقات لم يُعلن بعدُ عن نتائجها حول ملابسات وفاة هذا الطالب، الذي يتحدر من مدينة تاونات، في وقت لا تتردد فصائل الطلبة، بمختلف توجهاتها، في اتهام عناصر الأمن بالوقوف وراء الإصابات التي لحقت الطالب المتوفى. وطاردت عناصر الأمني الطلبة المحتجّين في الأحراش المجاةرة، واضطرّ العديد من الطلاب المقيمين في الحي الجامعي إلى مغادرة غرفهم على وجه السرعة خوفا من اقتحام جديد للحي. وكان الطلاب المحتجّون قد خرجوا في تظاهرات في الشارع العام، تزامنت مع انتهاء أطوار محاكمة «ماراطونية»، امتدت لساعات في المحكمة الابتدائية لطلبة ينتمون إلى مختلف الفصائل، جرى اعتقالهم على خلفية أحداث الحي الجامعي. وقررت المحكمة الابتدائية في فاس، أول أمس الخميس، حجز ملف ستة طلبة يتابَعون في القضية (5 منهم في حالة اعتقال والطالب السادس في حالة سراح) للمداولة والنطق بالحكم في جلسة ستعقد يوم الخميس المقبل (21 فبراير). وشهدت الساحة المقابلة للمحكمة الابتدائية تعزيزات أمنية، واتهمت جماعة العدل والإحسان السلطات بمنع عائلات المعتقلين وعدد من أعضاء الكتابة العامة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب من متابعة أطوار المحكمة، ما تسبب في احتجاج عدد كبير من المحامين الذين حضروا من مختلف مناطق المغرب للدفاع عن المعتقلين. وطالبت هيئة الدفاع المحكمة، رئاسة ونيابة، برفع الجلسة لمعاينة مبدأ العلنية المنصوص عليه في المادة 300 من قانون المسطرة الجنائية. وكانت النيابة العامة في المحكمة الابتدائية لفاس قد قرّرت متابعة الطلبة الستة من أجل جنح «إهانة موظفين عموميين أثناء وبسبب قيامهم بعملهم واستعمال العنف والإيذاء في حقهم، والعصيان والتهديد والمشاركة في عصيان وقع أثناءه ضرب وجرح، والمشاركة في تجمهر مسلَّح والانتماء إلى جمعية غير مرخص لها». واتهم تقرير لجماعة العدل والإحسان القواتِ العمومية ب»الاستعمال المفرط للقوة أثناء التدخل»، يوم 14 يناير الماضي لتفريق اعتصام كان منظما من طرف طلبة الحي الجامعي فاس سايس للمطالبة بالحق في السكن. وفي السياق ذاته، يُرتقب أن يَمثُل 5 طلبة ينتمون إلى فصيل طلبة العدل والإحسان أمام قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف في فاس يوم 25 فبراير الجاري، في حالة اعتقال، باستثناء الطالب أحمد أسرار، الذي يُتابَع في حالة سراح. واستشهدت جماعة العدل والإحسان بملف طلبة الحي الجامعي سايس في فاس لتأكيد «تدهور» أوضاع حقوق الإنسان في المغرب. وقالت الدائرة السياسية للجماعة، في بيان لها، إنّ «السلطات تعتمد القمع والتنكيل كأسلوب غالب في معالجة الأزمات المُستفحلة في الجامعات والأحياء الجامعية».