كشفت وثائق رسمية، حصلت «المساء» على نسخة منها، مستجدات مثيرة في ملف اقتحام الحي الجامعي سايس في 14 يناير الماضي، لتحرير موظفين قيل إنهم كانوا مُحتجَزين من قِبل طلبة معتصمين في قلب إدارة الحي الجامعي للمطالبة بالحق في السكن. وتؤكد رسالة وجّهها الوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف في فاس إلى رئيس مصلحة الشرطة القضائية في ولاية أمن فاس أن والي الجهة (جهة فاس بولمان) هو من «يتحمل» مسؤولية التدخل الذي أفضى إلى اعتقال 17 طالب، جرى الاحتفاظ ب5 منهم رهن الاعتقال الاحتياطيّ. ويتهم الطلبة القوات العمومية بتعنيفهم، إلى حد إصابة أحدهم (الطالب محمد الفيزازي) إصابات خطيرة، أمضى بسببها أكثر من أسبوع في غرفة الإنعاش ف المستشفى الجامعي، قبل أن يتوفى. وأكدت الوثيقة أن الوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف في فاس تلقى مكالمة هاتفية من والي الجهة عامل عمالة فاس، وشكاية من مدير الحي الجامعي سايس ضد عدد من الطلبة يحتجزون مجموعة من الموظفين داخل إدارة الحي الجامعي. وطلب الوكيل العام للملك في استئنافية فاس من رئيس مصلحة الشرطة القضائية التدخل لتحرير الموظفين المحتجَزين بعد التأكد من حقيقة الأمر واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير القانونية لضمان سلامة الجميع، مع فتح بحث ضد المتهمين وإعداد تقرير مفصل بعد تنفيذ العملية. وأوردت شكاية مدير الحي الجامعي أن من بين الموظفين المُحتجَزين مقتصد الحي ورئيس مصلحة الشؤون الطلابية وموظفين آخرين في مصلحة الصيانة والمصلحة الاقتصادية. وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد حمّلت مسؤولية «جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي نتجت عن التدخل الأمني في الحي الجامعي»، لكل من والي ولاية جهة فاس ووالي ولاية الأمن والوكيل العام في محكمة الاستئناف في المدينة نفسها»، حسب تقرير توصلت «المساء» بنسخة منه. وتعود آخر تطورات الملف إلى يوم الإثنين المنصرم، حيث اعتقلت عناصر الشرطة القضائية الطالب عثمان الزبير، وهو طالب يُقدَّم على أنه ينتمي إلى جماعة العدل والإحسان. ووصل عدد المعتقلين في صفوف هذه الجماعة على خلفية أحداث الحي الجامعي في فاس إلى ثلاثة معتقلين. وقالت المصادر إن الشرطة اعتقلت الطالب، الذي أدرج اسمه في لائحة المبحوث عنهم، في مدينة تارودانت، حيث تقطن عائلته. ويواصل هذا الطالب دراسته في كلية الشريعة في العاصمة العلمية. كما يوجد ضمن المعتقلين طالب قاعديّ وآخر من حزب النهج الديمقراطي وثالث لا منتم. وتمت متابعة عضو في منظمة التجديد الطلابي في حالة سراح. وأشار تقرير مفصل للشرطة القضائية إلى أن عناصر الأخيرة عاينت حزاما بشريا يُسيّج إدارة الحي الجامعي، «ما تأكد وبشكل يقينيّ أن الأمر يتعلق، فعلا، باحتجاز لمُوظَّفين». وقال التقرير إن هدف التدخل كان هو تحرير الموظفين، مع ضمان سلامتهم. ومن أخطر الفقرات التي تضمَّنها التقرير إشارته إلى أنّ مجموعة من الطلبة كانت مُدجَّجة بالأسلحة البيضاء والمقالع والعصيّ واجهت عناصر الشرطة بكل شراسة، لكنّ قوات الأمن تمكنت -حسب التقرير- من إرجاع الأمور إلى نصابها، وأصيب إثر التدخل شرطيان. وأسفرت العملية عن إيقاف 11 طالبا، تم إخلاء سبيل عدد منهم والاحتفاظ بستة منهم على ذمة التحقيق. ووجهت تهمة تزَعّم احتجاجات في كلية الشريعة لجماعة العدل والإحسان، التي وصفها التقرير ب»المحظورة». ووصلت الاحتجادات ذروتها في الحي الجامعي باحتجاز الموظفين. وقال التقرير إن خمسة طلبة معتقلين اعترفوا بأنهم شاركوا في رشق عناصر الأمن بالحجارة، بينما نفى ذلك الطالبُ المنتمي إلى منظمة التوحيد والإصلاح. وعادة ما تنفي جماعة العدل والإحسان تهم العنف عن نفسها وعن أعضائها، وتقول إنها تدين اللجوء إليه أو استعماله.