يولي الصناعيون المغاربة وجوههم جهة السوق الداخلي، بعد أن تجلى لهم تراجع الطلب على منتوجاتهم في السوق الخارجي، وهو الاتجاه الذي يمكن أن يتكرس في الشهور القادمة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، التي يبدو أن آثارها بدأت تظهر في القطاعات التصديرية في المغرب. هذا ما يمكن أن يستشف من بحث الظرفية الذي نشره البنك المركزي والذي يحاول أن يحيط بأداء قطاعات المقاولات الصناعية المغربية، التي ترى استمرار اتجاه أسعار منتوجاتها نحو الانخفاض. لاحظ رؤساء المقاولات الذين شملهم البحث الذي يجريه بنك المغرب والذي يحاول من خلاله التوفر على تقييم صحيح للظرفية في القطاع الصناعي بالمغرب، تراجع الإنتاج الصناعي في شهر نوفمبر الماضي، فقد عبر 33 في المائة من رؤساء المقاولات عن تطور الإنتاج الصناعي مقارنة بشهر أكتوبر، مقابل 44 منهم صرحوا بأن الإنتاج الصناعي تراجع، بحيث يرد هذا الانخفاض في تقدير الصناعيين إلى تقلص الإنتاج في الصناعات الغذائية والصناعات الكيماوية وشبة الكيماوية، بينما تحسن الإنتاج في القطاعات الصناعية الأخرى. ووصل استعمال قدرات الإنتاج إلى 69 في المائة في شهر نوفمبر، بانخفاض نقطة واحدة مقارنة بشهر أكتوبر ،غير أن هذا المعدل بلغ حسب البحث، 73 في المائة في صناعات النسيج والألبسة و72في المائة في الصناعات الكيماوية وشبه الكيماوية، و63 في المائة في الصناعات الميكانيكية والحديدية والصناعات الغذائية، و60 في المائة في الصناعات الكهربائية والإلكترونية. وإذا كان رؤساء المقاولات الصناعية المستجوبون يتوقعون نموا للإنتاج الصناعي في الثلاثة أشهر التالية، فإن هذه الوضعية تخفي، حسب البحث الذي شمل 40 مقاولة صناعية بالمغرب، تباينات على مستوى التوقعات، حيث يترقب تراجع في الصناعات الغذائية واستقرار في الصناعات الميكانيكية والحديدية وارتفاع في فروع الصناعات الأخرى. و صرح رِؤساء المقاولات بأن المبيعات ظلت مستقرة في نوفمبر الماضي، وهو الاستقرار الذي ضمنته المبيعات في السوق المحلية في ظل تراجع الصادرات. غير أن البحث يلاحظ تراجع المبيعات في الصناعات الغذائية والصناعات الكهربائية والإلكترونية وارتفاع المبيعات في فروع الصناعات الأخرى. و تظل التوقعات في المدى المتوسط إيجابية، حسب البحث، في جميع فروع النشاط الصناعي في علاقة بالارتفاع المتوقع في المبيعات المحلية، بحيث يرتقب أن يشمل هذا الارتفاع جميع فروع النشاط، باستثناء الصناعات الغذائية والصناعات الكهربائية والإلكترونية، حيث المهنيون يتوقعون تراجعا للمبيعات في السوقين الداخلي والخارجي. وانعكست الصعوبات التي يجدها رؤساء المقاولات الصناعية في المغرب في تصريف منتوجاتهم في السوق الخارجي، على المخزونات لديهم التي تبدو أعلى من المستوى العادي في نوفمبر الماضي، خاصة في الصناعات الكهربائية والإلكترونية والصناعات الميكانيكية والحديدية، بينما تبدو تلك المخزونات عادية في القطاعات الأخرى. و استقرت الطلبيات الجديدة في شهر نوفمبر الماضي، بعد تراجعها في شهر أكتوبر،ويرتبط هذا المنحى بالتراجع الذي ميز تدفق الطلبيات في جميع فروع النشاط، باستثناء الصناعات الميكانيكية والحديدية التي سجلت ارتفاعا للطلبيات الموجهة إليها مقارنة بأكتوبر. ويعتبر المستوى الحالي للطلبيات دون المستوى العادي في جميع الفروع، خاصة في الصناعات الكهربائية والإلكترونية وصناعات النسيج والألبسة. و في نوفمبر الماضي تكرس مسلسل تراجع أسعار المنتوجات المنتهية الصنع الذي انطلق في غشت الماضي في جميع فروع النشاط الصناعي، ويترقب رؤساء المقاولات، أن يتوصل هبوط الأسعار في الثلاثة أشهر التالية.