يبدو قطاع النسيج والألبسة في المغرب من الأنشطة الصناعية التي ستعاني من تداعيات الأزمة العالمية، بالنظر إلى أن الأسر في البلدان التي يصدر إليها تقلصت نفقاتها في الفترة الأخيرة، غير أن محمد التازي، مدير الفيدرالية المغربية لصناعات النسيج والألبسة، متفائل بخصوص قدرة القطاع على الاستفادة من عامل القرب من أوربا، خاصة إذا ما توضحت الرؤية في الربع الأول من السنة القادمة. - يستفاد من البحث الشهري الذي أنجزه بنك المغرب حول الظرفية في الصناعة أن قطاع النسيج في شهر أكتوبر استطاع تحقيق نتائج لا بأس بها مقارنة مع القطاعات الأخرى، غير أن المهنيين يبدون غير متفائلين بالنسبة للثلاثة أشهر القادمة، هل هذا التحقيق يعكس واقع القطاع؟ < عموما كان شهرا غشت وشتنبر صعبين، بسبب تراجع الاستهلاك، بحيث لم يكن المهنيون يتوفرون على طلبيات ،لكن الأمور تطورت في شهري أكتوبر ونوفمبر، بحيث إن الطلبيات انتعشت، وإن كنا سننهي بناقص 5 أو6 % مقارنة بالسنة الفارطة. وهذا جد طبيعي لأن سنة 2007 كانت جيدة، فلأول مرة حققنا رقم معاملات عند التصدير ب31 مليار درهم. غير أننا لا نتوفر على رؤية واضحة حول القطاع في الثلاثة أشهر الأولى من السنة القادمة،علما أن جميع البلدان تتوقع أن تكون هذه الفترة جد صعبة، على اعتبار أن العلامات الكبرى في العالم سوف تعاني من قيود على خطوط قروضها، وبالتالي سوف يواجه زبناؤنا صعوبات على مستوى التمويل، ونحن بصدد تتبع ما إذا كان بإمكانهم البيع في نهاية السنة وتقليص حجم المخزون لديهم، حتى يتأتى لهم التعبير عن طلبيات جديدة. - كيف تتوقعون تداعيات الأزمة الحالية على القطاع، علما أن الأخبار الواردة من فرنسا، مثلا، تفيد بأن أكثر من سبعين في المائة من الأسر خفضت مشترياتها من الألبسة؟ < هذه الدراسة أنجرت في نوفمبر الحالي في فرنسا، لكننا نحن ننظر إلى المسألة في شموليتها، فمبيعات المغرب تراجعت ب5 في المائة، مقابل 11في المائة مقارنة بتركيا، وهذا الانخفاض هم جميع البلدان، بما فيها البلدان الأسيوية، بحيث أصبحت تلك البلدان تتخذ مجموعة من الإجراءات للتعاطي مع انخفاض الاستهلاك المنتظر. والناس يتوقعون أن تتضرر القطاعات الأكثر اتجاها نحو التصدير، وهذا هو حال قطاع النسيج، والسياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج،هذه هي القطاعات التي ستتأثر في البداية، لكن الاقتصاد الوطني ككل سيعاني، إذا ما تعمقت الأزمة العالمية. ورغم التوقعات نظل نحن متحلين بنوع من التفاؤل الواقعي، فمن المنطقي أنه عندما لا تتوفر على رؤية على المدى الطويل، تعمد إلى الشراء على المدى القصير، ومن أجل تحقيق ذلك لا يمكنك أن تشتري من آسيا، بل تتوجه إلى المناطق القريبة، وهذا ما يدفعنا إلى التفاؤل، وإننا حريصون على مراقبة ما سيحدث في الربع الأول من السنة القادمة، الذي سيعطينا الإشارات لما سيكون عليه القطاع في ظل ما يعرف بالأزمة الدولية. قبل أيام قليلة شاركت في ندوة بمارسيليا أفردت لهذا الموضوع، بحيث صرح العديد من المشاركين بأن ما يحدث حاليا في العالم، لا يجب التعاطي معه كأزمة، بل باعتباره تطورا يحتاج إلى التكيف معه، وقطاع النسيج تطور عبر التعاطي مع ظرفيات صعبة، وأفلح دائما في الخروج معافى منها . - خلال الجمع العام، المنعقد في الصيف الماضي، دقت الفيدرالية المغربية لصناعات النسيج والألبسة ناقوس الخطر، بحيث توقعت أزمة في القطاع تمتد إلى نهاية السنة القادمة، بعد ذلك انفجرت الأزمة الحالية، هل استجابت السلطات العمومية بشكل إيجابي لانتظاراتكم؟ < لنضع الأمور في سياقها، في الصيف تحدثنا عن تراجع الاستهلاك منذ نهاية السنة الفارطة، وقلنا إننا لا نواجه ضعفا في تنافسيتنا كما في2005، بل نبهنا إلى أن المشكل يوجد اليوم على مستوى الاستهلاك والسوق، حيث حدث تغيير على مستوى سلوك المستهلك الذي يخفض نفقاته، وبعد ذلك جاءت الأزمة الدولية التي تنذر بتعميق ما أشرنا إليه. في الصيف الماضي قلنا إنه يجب على جميع شركائنا أن يساعدونا على تجاوز هذه الوضعية الصعبة، واستغلال القرب من أوروبا. نحن نعلم أنه على مستوى الأسعار لا يمكننا منافسة البلدان الأخرى، غير أننا نتوفر على التجربة التي تساعدنا على التجاوب بسرعة مع الطلبيات في مجال الموضة السريعة، ونحن نفقد بعض الطلبيات بسبب زيادة أيام قليلة في الآجال المقررة للتسليم. ونستمر في الاعتقاد بأننا نتوفر على فرص عديدة، إذا تمكنا من تجاوز بعض العوائق، والمتمثلة في تذليل صعوبات خروج ودخول السلع، والتصدي لمعالجة عائق ساعات العمل والتي تشكل إحدى الإشكاليات الكبيرة في القطاع، بحيث إنه لا يمكننا أن نتجاوز عددا معينا من الساعات الإضافية، علما أن الطلب غير مستقر، مما يعني أن ثمة مقتضى في مدونة الشغل غير قابل للتطبيق. وهناك عائق آخر ذو طبيعة مالية، ففي ظل هذه الوضعية المتميزة بصعوبات تجارية، يجب تبني إجراءات تساعد على مواكبة المصدرين على مستوى التحصيل وتمديد آجال الوفاء بالديون. وقد عقدنا العديد من اللقاءات مع متدخلين في القطاع من أجل إيجاد حلول للمشاكل التي تحدثنا عنها. - هل جميع المهنيين في القطاع استنبطوا التحولات التي عرفها قطاع النسيج والألبسة في الأربع سنوات الأخيرة، وهل هم مدركون للتداعيات الممكنة للأزمة الحالية؟ < منذ سبع سنوات يعرف القطاع نوعا من الانتقاء الطبيعي، فالعديد من المقاولات التي لم تساير وتيرة التغيرات التي طرأت، واجهت صعوبات وبعضها اختفى، بينما مقاولات أخرى، ومن بينها تلك التي نشأت في ظل التحولات التي طرأت في السنوات الأخيرة استطاعت الاستمرار. والآن في ظل الوضعية الحالية، التي يؤطرها تراجع الاستهلاك والأزمة المالية الدولية، أعتقد أن العديد من المقاولات ستستطيع الصمود، على اعتبار أن العمل في الموضة السريعة، يقتضي تفاعلات سريعة وتكيفا مع المعطيات. - العديد من المهنيين يشتكون من صعوبات عند طلبهم التمويل من الأبناك، كيف تعالجون هذا المشكل ؟ < منذ 2004 يتمتع قطاع النسيج والألبسة بصورة جيدة لدى الأبناك المغربية، قد تحدثنا إلى المؤسسات البنكية حول الطريقة التي سيتعاطون معها مع القطاع في ظل الأزمة المالية الحالية، وقد عبروا عن أنهم غير مستعدين للتخلي عن قطاع يجنون من ورائه أرباحا، وأخبرونا بأنهم مستعدون لمواصلة تمويل المقاولات التي تتوفر على وضعية متوازنة، مما يعني أن المقاولات التي تواجه عجزا ماليا، لا يمكنها أن تخوض مغامرات تتجاوز قدراتها في الظرفية الحالية. هذا على مستوى الخطاب. وأنا أؤكد أن بعض المقاولات تشتكي من صعوبات تواجهها في تعاملهامع بعض الوكالات، علما أن المسؤولين في تلك الأبناك يؤمنون بالقطاع. - هل يمكن أن نفهم مما قلته، خلال هذا الحوار، أن القطاع يوجد في وضعية جيدة؟ < السنة الماضية كانت قياسية، ولا يجب أن نشتكي إذا كان ثمة تراجع ب5 في المائة في السنة الجارية، ونعتقد أن القطاع يمكن أن يخرج أكثر قوة من الأزمة الحالية، إذا استطعنا زحزحة بعض العوائق التي تحول دون تطوره.