- كيف تقيمون، في المجلس، أداء التجارة الخارجية للمغرب خلال السنة التي نودعها؟ < يمكن أن نعتبر السنتين الأخيرتين استثنائيتين بالنظر لاعتبارين اثنين، الأول يتمثل في ارتفاع سعر البترول والثاني يتجلى في زيادة واردات المنتوجات الفلاحية، وهذا فاقم عجز الميزان التجاري، خاصة أن الصادرات لم ترتفع بوتيرة كبيرة، باستثناء الفوسفاط. - يبدو أن عجز الميزان التجاري يتجه إلى أن يصبح مزمنا، رغم الإجراءات التي تعلن عنها السلطات العمومية.. < المشكل ليس في العجز بل في القدرة على تمويله، فإلى حدود 2007 لم يكن العجز التجاري يمثل أي خطر على الاقتصاد الوطني، حيث إن ميزان الحساب الجاري عرف فائضا بفضل عائدات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، وهي عائدات كانت تساعد المغرب على تحمل عجز الميزان التجاري، وقد مكن فائض ميزان الحساب الجاري الاقتصاد المغربي من سيولة كافية. وابتداء من 2007 لم يعد ممكنا التخفيف من عجز الميزان التجاري عبر عائدات السياحة وتحويلات المهاجرين المغاربة، ففاتورة الطاقة تضاعفت بثلاث مرات وارتفعت واردات المنتوجات الغذائية، وهذه عوامل خارجية لا يمكننا التحكم فيها. - لكن، مع ذلك، لم يتمكن المغرب من رفع صادراته بوتيرة تسمح بالحد من آثار ارتفاع الواردات. < يجب أن ندرك أن أداء الصادرات ليس ناتجا عن عمل المقاولة فقط، فعندما يكون ثمة ضعف على مستوى إصلاحات التعليم والنقل مثلا، لا يمكن أن نطالب من المصدر أن يكون تنافسيا في السوق الخارجية. بطبيعة الحال، تحسن أداء الصادرات لا يمكن أن يتأتى دون إعادة هيكلة القطاعات الإنتاجية، وهذا ما انخرط فيه المغرب. ورغم ذلك نعتبر أن التصدير هو سلسلة تقتضي تأهيل جميع المتدخلين بما في ذلك التعليم والنقل واللوجستيك. فقضية التصدير تهم جميع المغاربة. أعتقد أن كل متدخل يجب أن يضطلع بمهتمه في إطار تنافسي من التكوين إلى النقل بأسعار تنافسية - صادرات المغرب الأساسية محدودة، لماذا لم يستطع المغرب تنويع منتوجاته في ظل المنافسة المحتدمة مع بروز لاعبين جدد في السوق الدولية؟ < الطلب في السوق العالمي على المنتوجات المغربية يفوق إمكانيات العرض المغربي في مجال التصدير. وعندما أقول هذا يفترض ذلك، كما أتصور، أنه يجب توسيع العرض في بعض القطاعات، وهذا هو الهدف الذي ترنو إليه البرامج القطاعية، وعندما نحقق هذا الهدف يمكن أن نفتح أسواقا جديدة، لأن السوق الخارجية تستوعب ما نصدره حاليا. - ما هي أسباب عدم تنويع العرض التصديري من المنتوجات المغربية؟ < يجب الاستمرار في الاستثمار رغم أنه ارتفع بشكل ملفت في السنوات الأخيرة. في نفس الوقت نجد أن المغرب يحاول إعادة هيكلة العرض عبر مجموعة من المشاريع الكبرى، من قبيل ميناء طنجة المتوسطي ومنطقته الحرة، بحيث إذا نجحت مشاريع، مثل رونو – نيسان في المنطقة، فسيحقق المغرب ربحا كبيرا. هناك عمل ينجز، لكن تنويع العرض يحتاج إلى الكثير من الوقت، خاصة وأن الأزمة الحالية سوف تحد من بعض المشاريع في المغرب، كما في بقية بلدان العالم. - إلى أي حد استطاع المغرب الاستفادة من الإمكانيات التي تتيحها الاتفاقيات التي وقعها مع العديد من البلدان، من قبيل تلك المبرمة مع الولاياتالمتحدة الأمريكية؟ < كما قلت سابقا، إذا كان لديك مشكل على مستوى العرض، فإنك لن تستفيد كثيرا من الاتفاقيات التجارية التي تبرمها مع الدول والتكتلات الجهوية، ففي الولاياتالمتحدة إذا أردت التعامل مع سلسلة للتوزيع فيجب أن تكون لك القدرة على الاستجابة لانتظاراتها، فهناك مشاكل على مستوى طبيعة العرض وحجم المقاولات التي تحد من إمكانيات الاستجابة لنوعية الطلب الأمريكي، وهذا يتطلب إعادة الهيكلة في جميع المجالات. أكيد أننا لم نستفد بما يكفي من الإطار التفضيلي الذي تتيحه اتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدة وهذا مشكل يجب أن نحله نحن في المغرب. - يبدو أن الكثير من القطاعات الإنتاجية التصديرية في المغرب بدأت، تحسبا لتداعيات الأزمة الدولية على مبيعاتها في الخارج، تولي وجهها جهة السوق الداخلي، إلى أي حد يبدو السوق الداخلي مؤهلا لتخفيف آثار الأزمة؟ < أكيد أن تراجع الطلب الخارجي بفعل الأزمة الاقتصادية الدولي ولد اتجاها نحو تعويض جزء مما تفقده القطاعات التصديرية بالمراهنة على السوق الداخلي. وما يجب أن ندركه هو أن الطلب الداخلي كان محركا للاقتصاد الوطني طيلة الخمس سنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي ساهمت فيه مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية. وظهر أنه بالطلب الداخلي يمكن مواجهة الأزمة الحالية، وهذا ما دأبت على نهجه دول أخرى. - ما الذي يمكن أن يؤثر، ضمن ما قد يترتب عن الأزمة المالية الحالية، على الميزان التجاري والحساب الجاري؟ < إلى حدود الآن، بدا ان القطاع المالي محصن نسبيا ، بحيث لن تطاله آثار الأزمة المالية التي يعرفها العالم، غير أن آثار الأزمة يمكن أن تتجلى في الاقتصاد الحقيقي، وسيظهر على مستوى صادرات المواد، من قبيل منتوجات النسيج ذات الجودة العالية، لكن ثمة منسوجات لن تعاني كثيرا لأن المستهلك لا غنى له عنها. وستظهر آثار الأزمة على مستوى الخدمات، وأعني بذلك، على وجه التحديد، السياحة الراقية، غير أن انخفاض مستوى الصادرات سوف يجري التخفيف من تداعياته ما يمكن أن نلحظه من تراجع الواردات المغربية بعد تراجع أسعار البترول والمواد الأولية والمواد الغذائية في السوق الدولية، خاصة في ظل التساقطات المطرية التي عرفها المغرب والتي تبشر بموسم فلاحي جيد يجنب المغرب تداعيات الاستيراد. هذه المعطيات تتيح لنا أن نتوقع أن الميزان التجاري سيستقر في السنة القادمة في الوقت الذي يفترض فيه أن يتدهور بفعل الأزمة؛ وهذا في صالح المغرب.