توصل بحث أنجزه المركز المغربي للظرفية حول آثار الأزمة و تداعياتها على الاقتصاد الوطني إلى أن 80 في المائة من الذين استطلعت آراؤهم، طالتهم آثار الظرفية الاقتصادية التي يعرفها العالم، منذ انفجار الأزمة المالية والتي امتدت إلى الاقتصاد الحقيقي. وعبر 95 في المائة من المستجوبين الذين يمثلون146 جمعية مهنية و95 مقاولة في المغرب، و الذين حاول من خلالهم المركز المغربي للظرفية رسم صورة أمينة للظرفية الاقتصادية، عن اعتقادهم بأن الأزمة سوف تمتد إلى قطاعات أخرى، علما أن السلطات العمومية عينت ثلاثة قطاعات خصتها ببرنامج استعجالي من أجل مساعدتها. وخلص المركز من خلال التحقيق الذي أجراه لدى رجال الأعمال المغاربة في فبراير الماضي والذي نشرت نتائجه أول أمس الأربعاء، إلى أن الوضعية الحالية، التي يعاني منها شركاء المغرب،تقلق الفاعلين المغاربة، خاصة أولئك الذين يعملون في قطاعات السيارات والنسيج والألبسة والصيانة. ويأتي هذا التحقيق، حسب المركز، في وقت مازالت بعض الآراء تشير إلى أن المغرب غير معني مباشرة بالأزمة، وهي فكرة، يرى المركز المغربي للظرفية بأنها خادعة، على اعتبار أن تراجع الطلب العالمي لا يمكن أن يستثني المغرب، حيث سينعكس عليه ذلك عبر الصادرات و الواردات. وأوضح المركز أن تراجع الطلب العالمي الموجه للمغرب أو ارتفاع الواردات سيفضي إلى انخفاض النشاط، و هو ما سيؤدي استمراره إلى تداعيات خطيرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، في سياق متسم منذ أشهر بتدهور القدرة الشرائية و الأزمة المالية في العالم. وكان المركز المغربي للظرفية لاحظ في نشرة سابقة، أن المغرب مسته الأزمة، عبر قناة تجارة السلع و الخدمات و الاستثمارات، مما يؤشر على هشاشة النسيج الاقتصادي والحدود التي يعاني منها شكل من التصنيع يخلق القليل من القيمة المضافة، و التي تتمثل في الأنشطة التقليدية، من قبيل النسيج أو الأنشطة الطيارة مثل الأوفشورينغ. وأشار إلى أن الاقتصاد المغربي يظل هشا، غير أنه تحت تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية، يبدو أن المغرب يعرف أزمة نمو، يرتقب أن تتفاقم بالرغم من غزارة التساقطات المطرية، حسب المركز المغربي للظرفية، التي لا يمكن أن تخفف من ثقل المؤثرات الخارجية. ويعتبر المركز أن هذه الوضعية تفترض تغييرا في المقاربة، وهو ما يفرض بلورة ميثاق وطني للنمو الاقتصادي، حيث سيعطي معنى وهدفا للمخططات القطاعية المتفرقة، غير المتناغمة، والتي تصيب مجالات جد متنوعة، مثل السياحة و الصناعة و الفلاحة والسكن. ويشدد المركز على أن وحده ميثاق وطني للنمو شرط لا محيد عنه لخلق دينامية شاملة وقوية، خاصة أن الاقتصاد المغربي يتوفر على إمكانيات نمو مهمة، على اعتبار أن معدل استعمال القدرات الإنتاجية لا يتعدى ما بين 60 و70 في المائة، بحيث يتصور المركز أن تعبئة تلك القدرات ممكنة، إذا ما تم الاسترشاد برؤية مندمجة واضحة. ويعتبر المركز أن إحدى دعامات تلك الرؤية، يجب أن تتمثل في المراهنة على السوق الداخلي، الذي يضطلع بدور تثبيت النمو الاقتصادي عندما تكون هناك ظرفيات صعبة، و هذا لن يمر سوى عبر دعم القدرة الشرائية، و يشكل دعم الاستثمارات التي تفضي إلى تحسين تنافسية المقاولات، الدعامة الثانية، لذلك الميثاق، في تصور المركز المغربي للظرفية،مما يعني تقليص الآثار السيئة لارتفاع الطلب الداخلي و الذي يترجم في غالب الأحيان بارتفاع كثيف للواردات،وتكمن الدعامة الثالثة، في الالتفات إلى الجهوية، التي تفترض إصلاح الدولة و إعادة تحديد سلطاتها لفائدة الجهة.