عادت «المواجهات» مرة أخرى بين الطلبة ورجال الأمن بجامعة ظهر المهراز بفاس، بعد «هدنة» دامت منذ ما قبل عيد الأضحى بأسبوع. وشهد يوم الجمعة الماضي تدخلا لرجال القوات المساعدة في حق طلبة مقربين من منظمة التجديد الطلابي، التابعة لحزب العدالة والتنمية، مما أسفر عن إصابة طالبين، فيما انتزعت ملابس أحد أعضاء هذه المنظمة وتم الحجز عليها وعلى بطاقة الانخراط في الوكالة وبطاقته الوطنية. وقالت المصادر إن هذه «المواجهة» اندلعت بسبب رفض سائقي الحافلات العمومية نقل الطلاب إلى فضاء الساحة الجامعية، وهو المكان المخصص لهم لنقل الطلبة، وتشبثهم ب«إفراغ الحمولة» قرب مستشفى الغساني. ويأتي هذا الرفض من قبل سائقي الحافلات بعد تعليمات تلقوها من مسؤولي الوكالة تقضي بعدم التنقل إلى الساحة الجامعية، خوفا من ردود فعل أخرى ربما تكون عنيفة من قبل فصيل النهج الديمقراطي القاعدي، وهو الفصيل الذي سبق له أن «احتجز» عدة حافلات للمطالبة بالاستجابة لمطالب رفعها تخص تحسين جودة النقل العمومي وتخفيض أثمان التذاكر والرفع من عدد الحافلات. في السياق ذاته، أوردت المصادر أن طالبا ينتمي إلى منظمة التجديد الطلابي قد تعرض، وسط الأسبوع الماضي، إلى اعتداء من قبل أحد أعوان الوكالة المستقلة للنقل، بمركز المدينة. وتطالب هذه المنظمة بتقديم اعتذار إليها عن هذا الحادث، ملوحة بإمكانية اللجوء إلى القضاء لرد الاعتبار إلى الطالب «المهان». وقال إلياس تيار، الطالب المعتدى عليه، إن الشرطة القضائية رفضت الاستماع إليه لتسجيل شكاية رسمية، وأخبر بأنه من الضروري أن يحضر الطرفان المتصارعان معا، لتدوين محضر في الموضوع، وهو ما اعتبره هذا الطالب خرقا لمقتضيات القانون. ومن جهة أخرى، أعلنت منظمة التجديد الطلابي، ذات التوجه الإسلامي، أنها شنت حملة لجمع 18 ألف توقيع، وهو عدد المشتركين من الطلاب في الوكالة، وذلك بغرض إعطاء مصداقية أكبر لمطالب ترفعها تهم هذا الموضوع. وكان مسؤولون من الوكالة قد عبروا عن استعداد هذه المؤسسة لإعادة الوضع إلى ما كان عليه في البداية، لكنهم طلبوا من منظمة التجديد الطلابي حماية الحافلات، وهو ما رفضه طلبة هذه المنظمة، معتبرين أن تلك السياسة ترمي إلى فتح مواجهات «ثانوية» بينهم وبين «رفاق» النهج الديمقراطي القاعدي. وقال ياسر العابدي من ذات المنظمة: «إننا غير مستعدين للتخلي عن كتبنا واستبدالها بالحجارة والعصي لحماية الحافلات أو مواجهة من يستهدفها، ولتتحمل القوى الأمنية مسؤوليتها في حماية ممتلكاتها عوض التدخل الهمجي في حق طلبة عزل، مطلبهم الوحيد والمشروع هو حل مشكل النقل الجامعي». وكانت قوات الأمن قد تدخلت بعنف في الآونة الأخيرة في حق طلبة مقربين من فصيل العدل والإحسان بالحي الجامعي سايس، واقتحمت هذا الحي، وذلك بعد خلاف حاد بينهم وبين أحد مستخدمي الوكالة متهم بإهانة أحد «إخوانهم» الطلبة. وأسفر هذا التدخل عن إصابات في صفوف الطلبة، فيما فضل آخرون الهروب إلى محيط هذا الحي لإمضاء ليلتهم في الخلاء، في انتظار «هدوء العاصفة». أما «رفاق» النهج الديمقراطي القاعدي، فقد احتموا داخل الحي الجامعي بظهر المهراز، لمدة أسبوع تقريبا، وأحاطوا المكان كله بالأحجار، إظهارا لاستعدادهم لمواصلة المواجهة بينهم وبين رجال الأمن والتي انتهت في السابق بإصابة ما يقرب من 20 رجلا من قوات التدخل السريع وإلحاق خسائر بوسائل نقلهم، هذا قبل أن يعود «الهدوء النسبي» إلى الجامعة مع اقتراب عيد الأضحى. ويعرف النقل العمومي في فاس أزمة توصف بالحادة. فأسطول حافلات النقل العمومي قليل، وأغلب هذه الحافلات مهترئة. ويسبب هذا الوضع «أزمات» مستمرة في المدينة، تفرض، في كل مرة، تدخل الأمنيين ل»معالجتها». ويرفض المجلس الجماعي، في ظل هذا الوضع، أي حديث عن تفويض أو خوصصة هذا القطاع لاعتبارات يقول إنها اجتماعية، في حين يتحدث البعض عن اعتبارات حزبية تتحكم في القرار. ويعتبر هذا القطاع من القطاعات التي يهيمن عليها حزب الاستقلال ونقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب. وبالرغم من وجود أزمة في النقل، فإن السلطات «تحرم» على سيارات الأجرة الكبيرة ولوج المجال الحضري لفاس والعمل به. وهو المجال الذي يبقى حكرا على «لوبيات» سيارات الأجرة الصغيرة التي يقال إن «كريماتها» تهيمن عليها شخصيات سياسية وأمنية توصف بالنافذة في المدينة.