شهدت العديد من الجامعات المغربية أحداث عنف بين بعض الفصائل الطلابية خصوصا المحسوبة منها على التيار القاعدي، وذلك بكل من الراشدية، فاس، مكناس ومراكش...، وقد ثبت عبر التاريخ أن اللجوء إلى العنف لا يتم إلا من فاقد لوسائل الإقناع للحفاظ على وجوده ومكتسباته، أو خاسر في معركة المنافسة والتدافع السلمي، و كلا الحالتين لا تنطبقان إلا على اليسار الرادكالي الذي فقد مبررات وجود. ومن جهة أخرى فالعنف ليس جديد على الجامعة، ولم يقترن بوجود الإسلاميين بل كان متأصلا رغم محاولة البعض إلصاق تهمة إدخاله للجامعات المغربية بالإسلاميين، إلا أن الأحداث التي شهدتها الساحة الجامعية قبل ظهور الإسلاميين كفاعل طلابي تفند هذا الادعاء، ونسجل هنا حادثة منع محاضرة كان يعتزم الزعيم التاريخي لحزب الاستقلال الراحل علال الفاسي إلقائها برحاب إحدى الجامعات المغربية، إذ تم منعه بالقوة من طرف فصيل الطلبة القاعديين، كما تلا ذلك منع محاضرة للدكتورة عائشة بنت الشاطئ بدعوى أنها تغذي الفكر الظلامي، ويعتبر ظهور الفصائل الإسلامية نهاية الثمانينات ظاهرة غير مرغوب فيها من قبل المكونات اليسارية، حيث تجلى ذلك من خلال عدة مؤشرات أهمها قرار أصدره الطلبة القاعديون بجامعة فاس يقضي بمنع رموز التوجه الإسلامي من متابعة دراستهم الجامعية، لتندلع أحداث عنف دموية يوم 25 أكتوبر من سنة 1990 كان سببها بيان عممه فصيل الطلبة القاعديين حدد تاريخ ذلك اليوم كآخر آجل لولوج الطلبة الإسلاميين للجامعة، ولم يسلم الإسلاميون من أحداث عنف متتالية شهدتها جل المواقع الجامعية التي كانت تعد معقلا لليسار الرادكالي، وهكذا تم نزع حجاب إحدى الطالبات بكلية الحقوق ثم تلاها منع لمعارض الكتب الإسلامية والمصاحف، وما واكب ذلك من تدنيس للقرآن الكريم، وتبول في مساجد الكليات، ومحاولة نسف الأسابيع الثقافية للفصائل الإسلامية. وتظل جامعة سيدي محمد بن عبد الله خير شاهد على دموية اليسار الراديكالي المتمثل في البرنامج المرحلي، إذ عادت مظاهر العنف من جديد تطفوا على المشهد الطلابي في السنين الاخيرة، وشهدت كلية الحقوق بفاس السنة الماضية، أحداث دامية نتيجة هجوم عصابات اليسار العدمي المتطرف (البرنامج المرحلي) على طلبة منظمة التجديد الطلابي، بعد معركة نضالية خاضتها المنظمة، وأسفر الهجوم على إصابة العديد من الطلبة، وفي نفس السنة شهدت كلية الآداب اظهر المهراز هجوما على مجموعة من الطلاب الذين كانوا يقاطعون إمتحانات الدورة الإستدراكية شعبتي علم الإجتماع والجغرافية، حيث فوجئ الطلبة والطالبات بهجوم مباغث أسفر عن إصابة خمس طلبة من فصيل العدل والإحسان، وأقدم الطلبة القاعديون على تدنيس مسجد كلية الآداب المخصص للإناث خلال نفس الأحداث، بعدما لاحقوا طالبا إختبأ بالمسجد لينهالوا عليه بالضرب مما نتج عنه جروح على مستوى الرأس خلفت آثارا للدم لطخت به جنبات المسجد، ومع بداية الموسم الحالي استغل القاعديون براءة الطلبة الرافضين للإصلاح البيداغوجي ورغبتهم في مواجهته ليزج بهم في مطالب تعجيزية، وتوظيفهم كدروع واقية له أثناء مناداته بمطالبه السياسية وفق أجندة خارجية، وهو ما وقع بكلية العلوم -اظهر المهراز- بفاس، أو ما حدث بكلية الحقوق بمكناس، حيث استدرج القاعديون الطلبة إلى خارج أسوار الكلية وتم رفع شعارات مسيئة للدين ومعادية للمغرب ولوحدته الترابية، وتم منع الطلبة بالقوة من اجتاز الإمتحانات في كليتي العلوم والحقوق مستعملين مختلف وسائل الترهيب اتجاه الطلبة والاساتذة، وهو ما استنكره الأساتذة في بيانات لهم، لتندلع مواجهات عنيفة بين القاعديين وقواة الأمن أسفرت عن اعتقال العشرات من الطلبة، ليتابع 10 منهم بتهمة محاولة القتل لأحد رجال الأمن إبان مظاهرات التضامن مع غزة، بالإضافة إلى وضع متاريس في الطريق العمومية وعرقلة القوات العمومية، وكذا انتزاع عقار في إشارة للحي الجامعي... وأمام هذه الوضعية المتميزة بعودة اليسار الراديكالي إلى الجامعة، وإيثاره للعنف كقاعدة للتدافع في الأوساط الجامعية، وكأنه أريد له أن ينبعث من جديد في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الجامعة المغربية، أصبحت بعض الأوساط الجامعية تتطلع لمعرفة المستفيد من جر الجامعة المغربية لمستنقع العنف، الذي طالما عانى منه الجسم الطلابي المغربي إلى عهد قريب، فأحداث العنف الممارسة من طرف تيار النهج الديمقراطي القاعدي (البرنامج المرحلي)، تكرس إبعاد الحركة الطلابية عن الخوض في مناقشة القضايا ذات الصلة المباشرة بالطالب المغربي من قبيل قضايا البحث العلمي وحقوق الطالب النقابية والاجتماعية والثقافية، ويتحقق من ورائه هدف واحد وأوحد ألا وهو صرف النظر عن واقع التعليم العالي المتسم بالإرتجالية، ونحن على مشارف انتهاء عشرية .