تفاقمت مؤخرا مجموعة من أحداث العنف داخل الجامعة المغربية، هذه الأحداث التي تولدت معها مجموعة من التساؤلات والاستفهامات التي يصب جلها في مصب نبذ العنف ومحاربته. "" فما هي الجذور التاريخية للأحداث العنيفة داخل الجامعة المغربية؟ ومن المستفيد منها؟ وما هي أنجع الوسائل للخروج من هذه الأزمة؟ العنف... منذ متى في جامعاتنا؟؟؟ يصعب تحديد التاريخ المضبوط لبداية العنف داخل الجامعة المغربية لكن التسعينيات من القرن الماضي كانت فترة عاشت فيها الجامعة على إيقاع أحداث حافلة بالدموية والعنف، فمع ظهور الوليد الإسلامي في تلك الفترة وخصوصا مع التجاوب الكبير الذي أبدته الجماهير الطلابية مع البديل الذي أتى به كان لابد للفصائل اليسارية المهيمنة على الساحة آنذاك أن تقف في وجه انتشاره في الساحة الطلابية إضافة إلى العمل على ترسيخ خيار قاعدي ثوري أو اشتراكي، ولم تجد وسيلة غير شن حرب دموية على "الخوانجية" و "الظلاميين" كما كان يحلو للرفاق تسمية الإسلاميين الذين طالما تميز خطابهم بنبذ العنف والدعوة إلى الحوار وإشراك الآخر، لكن العقلية المُتحجرة للرفاق أبت إلا أن تدفعهم إلى تهشيم الرؤوس وتكسير العظام مُسجلة بذلك خيبة تاريخية في سجله الحافل بالتنازلات. إضافة للهجوم الوحشي الذي شنه الرفاق على الطلبة الإسلاميين لم يشأ المخزن أن يبقى مكتوف الأيدي دون أي يشارك "أعداء الأمس حلفاء اليوم" في القضاء على الإسلاميين بزعمهم، فبعد أن ضم اليسار إلى صفه اعتمد المخزن مجموعا من الوسائل للضغط على الإسلاميين والقضاء عليهم أو بالأحرى ضمانهم إلى جانبه كما فعل مع اليساريين، وبذلك نزل للساحة الجامعية بالهراوات والاختطافات والاعتقالات التي لا تخلو من تعذيب وحشي وهمجي إضافة إلى مجموعة من المحاكمات الصورية "أبرزها محاكمة 12 عشرا مناضلا من موقع وجدة بتهمة واهية يعلم الجميع ملابساتها وحقائقها". لتمتد الأحداث وتطول إلى أن تُقدم مجموعة من القاعديين مدججين بأسلحة بيضاء على استهداف عناصر من القطاع الطلابي للتوحيد والإصلاح بمراكش وآخرين محسوبين على حزب الاستقلال بالقنيطرة وأيضا طالبين من العدل والإحسان بكلية الحقوق بمراكش، ونشاطا طلابيا لأوطم بكلية الآداب بمراكش، وقبل كل هذا بسنتين استهداف حلقيات لكل من التجديد الطلابي وطلبة العدل والإحسان في موقع خريبكة الفتي، إضافة مجموعة من الأحداث العنيفة الأخرى التي كان السبب الأول فيها هذا الفصيل الذي أصبح بمثابة عصابة تعثو في الجامعة فسادا وإجراما مهددة بذلك أمن واستقرار الجامعة المغربية. خلاصة القول إذا أن اللجوء إلى الأساليب العنيفة داخل الواقع الجامعي ليس حدثا جديدا أو طارئا، كما أن مصدره لم يكن بالضرورة خارجيا بل في كثير من الوقائع اتخذ صبغة محلية وحركته عوامل داخلية"1". العنف... من المستفيد منه؟ من خلال مجموع الأحداث التي شهدها تاريخ الجامعة المغربية تبين أن السبب الرئيس في استخدام العُنف التغطية عن فراغ في برامج اليسار إضافة إلى محاولته الفاشلة في القضاء على الإسلاميين الشيء الذي يخلق جوا من الاحتقان داخل الساحة الجامعية وبالتالي تجد السلطات المخزنية الباب مفتوحا على مصراعيه للتدخل واقتحام الحرم الجامعي وتبرير جرائمها في حق الطالب المغربي وبالتالي زيادة الطين بلة، كما أن هذه المواجهات وما يترتب عنها من توتر قد يغطي عن القضايا المحورية التي يجب أن ينصب اهتمام الفصائل الطلابية عليها، ففي الوقت الذي تتطاحن فيه الفصائل الطلابية في الساحة يُحاك في الكواليس مجموعة من المخططات التي هدفها إفساد الجامعة وكسر شوكة النضال الطلابي الصادق، وبالتالي يكون المستفيد الأول من هذه الأحداث هو المخزن المغربي بجميع أذنابه باختلاف أشكالهم وتجلياتهم. فماذا إذن نعطيه الفرصة ليتكالب علينا مع بائعي الذمم والمبادئ؟ العنف... ما السبيل للخروج من دوامته؟؟؟ ونحن اليوم في مرحلة حاسمة في تاريخ الحركة الطلابية المغربية نجد أنفسنا أمام مسؤولية كبيرة، فالفصائل الطلابية مسؤولة اليوم أكثر من ذي قبل عن الحفاظ عن المكتسبات التاريخية الذي حققتها الحركة الطلابية، ولن يتم هذا دون التخلي عن الانسحاب الذي قامت به مجموعة من الفصائل الطلابية من الإطار النقابي أوطم لأن الوحدة الطلابية وتظافر الجهود أساس نجاح مبادرة الحد من المواجهات العنيفة، كما أن هذه الوحدة لا يمكنها أن تؤتي أكلها دون طي صفحة خلافات الماضي والحسابات الجانبية الضيقة بين الفصائل وصياغة أرضية للنقاش الصادق والحر بين جميع المكونات الفاعلة في الساحة الطلابية وبالتالي الدخول في حوار هادئ ومسؤول للاتفاق على حل يشرك ويرضي جميع الأطراف ويحد من التطاحنات الطلابية وكذا التدخلات القمعية للأجهزة المخزنية. الهوامش: "1" مقتطف من مقال:" لأجل ميثاق جامعي يطوق العنف ويجتث مصادره" للطالب:" عبد العزيز أبرابرين" [email protected]