فاجأ خالد الناصري، الناطق الرسمي باسم الحكومة والقيادي في حزب التقدم والاشتراكية، الجميع عندما نفى أول أمس الأربعاء، خلال حلقة تلفزية من برنامج «مباشرة معكم» على القناة الثانية، وجود معتقلين سياسيين في المغرب. ورفع الناصري التحدي أمام قيادات حقوقية شاركت في هذه الحلقة قائلا: «أعطوني اسما لسياسي واحد معتقل في سجون المغرب لأنه عبر عن رأيه؟»، وحينما ردت عليه خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بوجود 6 معتقلين سياسيين في ملف ما أصبح يعرف بقضية بلعيرج، فإن الناصري لم يتردد في نفي صفة الاعتقال السياسي عن هؤلاء المعتقلين، وقال في هذا السياق: «المعتقلون الستة في خلية بلعيرج تم اعتقالهم ليس لأنهم عبروا عن آرائهم وأفكارهم، وإنما لأن لهم ارتباطات بشبكة إرهابية تستهدف استقرار المغرب». ولم يتقبل الناصري أن تقاطعه الرياضي لتقول إن المعتقلين السياسيين الستة تعرضوا إلى التشويه من طرف وزيرين وهما وزير الداخلية شكيب بنموسى والناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري، فرد عليها الأخير قائلا: «نحن في الحكومة، اكتفينا فقط بإخبار المواطنين بأن السلطات المغربية فككت شبكة إرهابية، فهل كنتم تتوقعون منا ألا نخبر المواطنين بما وقع». تصريحات الناصري حول نفي وجود الاعتقال السياسي بالمغرب لم تكن مفاجئة بالنسبة إلى البعض، لأنها لا تخرج عن تصريحات مماثلة لمسؤولين مغاربة لا يعترفون بوجود معتقلين سياسيين في السجون المغربية إلا بعد الإفراج عنهم. وحسب مصادر حقوقية، فكل معتقلي الرأي، في نظر السلطات المغربية، لم يعتقلوا لأنهم عبروا عن آرائهم، وإنما لأنهم ارتكبوا جرائم تمس بالأمن القومي للدولة، والاستثناء الوحيد الذي اعترفت فيه الدولة بوجود معتقلين سياسيين في سجونها قبل أن تفرج عنهم، هو المتعلق بقضية اعتقال أبراهام السرفاتي في عهد الحسن الثاني. وفسر الراحل الحسن الثاني حينها الاحتفاظ بالسرفاتي في السجن خوفا على حياته من طرف المواطنين المغاربة بكون السرفاتي «خالف الإجماع الوطني وشكك في الوحدة الترابية للمغرب ودافع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره». وسرق الناصري الأضواء كلها في هذه الحلقة التلفزية عندما أجاز لنفسه تفسير فقرة من الرسالة الملكية المتعلقة برفع التحفظات عن الاتفاقية الخاصة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة. وهي الفقرة التي قال فيها الملك إن المغرب سحب هذه التحفظات لأنها أصبحت متجاوزة، بفعل التشريعات المتقدمة التي أقرتها المملكة. فبالنسبة إلى الناصري، هذه الفقرة من الرسالة الملكية لا تعني أن المغرب سيدخل في صدام مع ثوابت الدستور المتعلقة بوراثة العرش والمساواة في الإرث بين الجنسين وغيرها من المقومات الدينية للبلاد، وإنما تعني أن المغرب ماض في مسار طويل للارتقاء بالانتقال الديمقراطي إلى مستويات عليا. ودعا الناصري الجمعيات المعنية بحقوق الإنسان في المغرب إلى إعادة النظر في خطابها الحقوقي لأن مغرب 2008 ليس هو مغرب السبعينيت، مؤكدا أن المغرب في العهد الجديد قطع بصفة نهائية مع ممارسات الماضي ولم تعد الانتهاكات سياسة رسمية للدولة في تعاملها مع حقوق الإنسان.