بعد تعثر دام ما يقرب من خمس سنوات، تم، يوم الجمعة الماضي بالرباط، التوقيع بين الدولة والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية على ملحق تعديلي لعقد يتعلق بالترتيبات النهائية لانطلاق القناة التلفزية الأمازيغية التي ينتظر أن تشرع في بث برامجها بعد تسعة أشهر من الآن. ورصدت الدولة لهذا المشروع زهاء 500 مليون درهم على مدى أربع سنوات. مراسيم التوقيع على هذا الملحق، الذي جاء ليسد ثغرات كانت السبب الرئيسي وراء تأجيل تفعيل هذا المشروع لأكثر من مرة، حضرها كل من خالد الناصري وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، وصلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية، وفيصل العرايشي الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. وسجل خالد الناصري، في كلمة له بالمناسبة، أن هذا المنتوج سيعكس من خلال برامجه مغرب الحداثة والديمقراطية والانفتاح. ويرى صحفيون متخصصون في الأمازيغية بالإذاعة الوطنية أن التسعة أشهر المقدمة كأجل يرجح ألا تكون مدة كافية لانطلاق هذا المشروع، نظرا إلى أنها قناة ستبدأ كل شيء من الصفر. فالموارد البشرية القليلة الموجودة في الإذاعة تحتاج إلى إعادة التكوين، والقطب الإعلامي العمومي لم يعمد بعد إلى اختيار الأطقم التي ستعمل في هذه القناة. كما أن عمليات الترجمة والدبلجة وإعداد أرشيف الأشرطة الوثائقية والأفلام لم تنطلق بعد. وتتخوف هذه المصادر من أن تبدأ هذه التجربة بنفس العيوب التي بدأت بها تجربة إدماج الأمازيغية في المنظومة التعليمية، حيث الارتجالية والتسرع. ويظهر أن الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة يقلل من كل هذه التخوفات، فقد أشار في كلمة له، إبان حفل التوقيع على هذا العقد، إلى أن الترتيبات النهائية المصاحبة لإطلاق هذه القناة ستنتقل إلى مرحلة السرعة النهائية من خلال توظيف العاملين واقتناء الآليات، بالإضافة إلى إعداد مخططات التكوين التي ستشرف عليها أطر من الشركة الوطنية وأخرى أجنبية. وفي السياق ذاته، علم من مصدر مسؤول في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بأن هذه القناة ستعتمد على مبدأ اللهجات، وليس على ما يطلق عليه اللغة الأمازيغية المعيارية. المصدر ذاته أضاف أن هذه القناة ستبث برامجها بالريفية وأمازيغية الأطلس المتوسط والسوسية، ويرتقب أن تحدد مدة البث، في البداية، في ست ساعات، ستمتد من الساعة السادسة مساء إلى حدود منتصف الليل. وستوزع هذه المدة بالتساوي على اللهجات. من جهة أخرى، يرتقب أن تعود مرة أخرى إلى الواجهة تلك الحرب الإعلامية التي سادت منذ تقديم وعود بتفعيل هذا المشروع منذ السنة الماضية، بين بعض رموز الحركة الأمازيغية التي تطمح إلى قيادة سفينة هذه القناة. وحصر الصراع، في تلك الفترة، بين كل من محمد مماد، مستشار في ديوان مدير القناة الثانية ورئيس تحرير سابق للأخبار بها، وامحمد صلو، رئيس مركز الدراسات الفنية بالمعهد الأمازيغي سابقا وعضو مجلسه الإداري سابقا، وأحمد عصيد، باحث في نفس المؤسسة وعضو سابق بمجلسها الإداري. وينحدر مماد من جهة الراشيدية، في حين ينحدر صلو من جهة الريف، أما عصيد فينحدر من منطقة سوس.