اعتُقل بلقاسم وزان، الذي يعتبر من أهمّ ضحايا «سنوات الرصاص»، حسب وثائق هيئة الإنصاف والمصالحة، يوم 17 أبريل 1973، وهو يزاول عمله كحارس للحدود المغربية -الجزائرية في منطقة «الحلوف»، قرب مدينة فكيك مباشرة بعد أحداث مارس. ونقل وزان، الذي كان يعتبر من أهمّ رموز المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في الجهة الشرقية، إلى مركز الاحتجاز السري ،الكائن بمطار أنفا، والمعروف ب«الكوربيس»، ثم إلى مركز الاحتجاز السري «درب مولاي الشريف» في الدارالبيضاء إلى حدود يونيو 1973، حيث أودع السجن المركزيَّ في القنيطرة. ظل بلقاسم وزان معتقَلاً في السجن المذكور إلى حدود 30 غشت 1973، تاريخ إصدار المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة في القنيطرة حكما بالبراءة في حقه، ليتم اختطافه في اليوم ذاته الذي صدر فيه الحكم من داخل السجن المركزيّ في القنيطرة ويتعرض لعملية اختفاء قسريّ. شوهد في مدة اختفائه في أحد المعتقلات السرية في تمارة، حيث قضى حوالي سنة، ثم نقل في صيف 1974 إلى المعتقل السري في «تاكونيت»، حيث مكث حوالي سنتين، ثم نقل إلى معتقل «أكدز»، مع مجموعة من المعتقلين. ورغم الجهود المضنية التي بذلتها عائلته من أجل معرفة مصيره عبر مختلف الوسائل فإنها لم تتمكن من ذلك، إلى حدود سنة 1998، تاريخ إدراج اسمه من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ضمن مجموعة المتوفين. وبعد عفو 1980، الذي هَمَّ معتقلي أحداث 1973، تم إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الذين كان لهم ارتباط بتلك الأحداث، غير أن بلقاسم لم يعد إلى بيته، كباقي المعتقلين الذين حوكموا على خلفية الملف. وأمام هذا الوضع لم يكن أمام العائلة إلا طريق واحد هو الدفاع عن حقها في معرفة مصير ابنها عبر اللجوء إلى الصحافة الوطنية والدولية والمنظمات الحقوقية، الوطنية والدولية، وبعض الأحزاب السياسية، بعد أن فقدت الأمل في معرفة مصيره. واستمر الغموض يلفّ هذا الملف إلى حدود انعقاد الدورة ال12 للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في أكتوبر 1998، والذي أصدر ما أصبح يعرف ب«لائحة المختطفين»، أو لائحة 112، كما سميت آنذاك، والتي أكدت أن بلقاسم وزان توفيّ في معتقل أكدز، وهو الخبر الذي تزكيه شهادات بعض المعتقلين السابقين الذين تم الإفراج عنهم.. لكن العائلة ستفاجأ بمراسلة لوزير العدل، مؤرخة في 31 دجنبر 2000، تقول إن بلقاسم وزان، الذي أدرِج اسمه في اللائحة 112 توفيّ وصدر حكم من المحكمة الابتدائية في بوعرفة يفيد تقييد وفاته في سجلات الحالة المدنية. وإثر تلك الرسالة توجّهت العائلة إلى المحكمة الابتدائية لبوعرفة والتقت وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية المذكورة وطلبت معرفة الجهة التي قدّمت الشكاية بتقيده في عداد الموتى، وتحديد مكان الوفاة، فأمدها الوكيل بشهادة طبية تحمل ختم طبيب تؤكد أن بلقاسم وزان توفيّ في مستوصف قروي في زاكورة.. وأمام التضارب في الروايات الرسمية حول مكان وزمان وفاة بلقاسم وزان، طالبت العائلة بمعرفة مكان دفن الجثة وتسلم الرفات بعد إجراء الفحوصات اللازمة التي تؤكد تطبق العيّنات من أجل دفنه كجميع العائلات التي تفقد عزيزا عليها. ورغم مرور سنوات طويلة على تجاوب العائلة مع مطلب المجلس الاستشاريّ لحقوق الإنسان بإجراء تحاليل جينية تأكيدية، فإن الجهات المسؤولة ما زالت ترفض الكشف عن النتائج المتوصَّل إليها، وهو الأمر الذي جعل عائلة وزان تعتبر أنّ جريمة الاختفاء القسري ستظل قائمة ما لم تتسلم رفات ابنها بعد التأكد من هوية الرفات المنسوبة إليه.