قرر قاضي التحقيق في استئنافية القنيطرة، يوم الجمعة المنصرم، متابعة المتهم «ل. ع. غ». المُشتبَه في ارتكابه جريمة اغتصاب امرأة مسنة في «دوار اسليم» في جماعة «عين الدفالي» -إقليمسيدي قاسم، في حالة سراح، بعد إصرار هذه الأخير على إنكار المنسوب إليه ونفي التهمة التي يُتابَع من أجلها جملة وتفصيلا. ورغم أن الضحية «ر. ز.» تعرفت على المعتدي حينما عرض عليها الدرك 4 أشخاص أمامها، وأشارت بيدها إليه بسرعة وبدون تردد، فإن القضاء قرّر إخلاء سبيله ومتابعته في حالة سراح، وحدد تاريخ 18 دجنبر الجاري لانطلاق أولى جلسات المحاكمة. ولم تتمالك الأم العجوز نفسها وهي ترى المتهم باغتصابها يمر أمامها بدون أصفاد، وعلامات الفرحة بادية على محياه، متجها خارج المحكمة بخطى المنتشي ب»الانتصار»، وهي التي لم تكن تتوقع يوما أن تتعرّض لما تعرّضت له من اعتداء جنسيّ فظيع، بعدما بلغت من العمر عتيا وأنهكت السنين الطويلة جسدها النحيل، ليبقى شرفها الشيءَ الوحيد الذي استطاعت الحفاظ عليه على مدار عدة عقود.. وقد انطلقت فاصيل هذه الواقعة في الساعات الأولى من صباح الفاتح من هذا الشهر، حينما قرع شخص مجهول باب الكوخ المتهالك الذي تعيش فيه الضحية، فاستيقظت العجوز مفزوعة واتجهت، بحذر، صوب مصدر الصوت، مستندة إلى عصاها، لتسأل عن هوية الطارق، الذي لم يكن سوى أحد أبناء جيرانها، وفق تصريحاتها. وقالت الضحية ل»المساء» التي زارتها في بيت ابنتها الوحيدة: «شعرت بخوف شديد، وتردّدت في فتح الباب على مصراعيه أمام زائر الليل»، خاصة أنها لم تكن تعلم بما يدور في ذهن ابن الجار في هذا الوقت المتأخر، وتابعت موضحة «أحسست بأنّ هناك خطرا ما يحدق بي، فطلبتُ منه الرحيل بعيدا، خاصة أنني وحيدة في المنزل، قبل أن أفاجأ بالواقف خلف الباب وهو يقتحم المكان بقوة، وينقضّ عليّ بلا رحمة أو شفقة».. التقطت المسنة أنفاسها، وبدت مذهولة، وفي حالة أقربَ إلى الصدمة، وكأنها لم تصدق إلى حد الآن ما وقع لها، لكنها مع ذلك قررت مواصلة الكشف عن تفاصيل ما جرى لها من أحداث أفسدت عليها حياتها وعمّقت جراحها، وتابعت سردَ مأساتها: «أمسك بوجهي، ووجّه لي سلسلة من اللكمات العنيفة في مختلف أنحاء جسدي، قبل أن يُطوّق عنقي بين بيديه، ثم شرع في هتك عرضي، مهدّدا إياي بالقتل في حالة البوح لأحد بما جرى».. ورغم مقاومة المرأة للجاني فد أصرّ على اعتدائه عليها، لضعفها ووهنها، وأجبرها على معاشرته دون رغبتها.. ولم تنفع توسلات الضحية، التي ترافقت مع دموع حارة من الحزن والخوف، جرت على خطوط رسمها الزمن على وجهها الشاحب، في ثني الشاب عن فعلته وتركِها وشأنها، حيث تخلى عن ضميره وإنسانيته وفقد إحساسه، وزادت المسنة مؤكدة «أخذتُ أتوسل إليه ليتركني ولا يخدش شرَفي، شرعتُ في الصراخ والبكاء، إلا أنه لم يلتفت أبدا إلى ذلك». وقد اكتشفت الجريمة «فاطنة»، الابنة الوحيدة للضحية التي كانت قد قضت الليلة عند عائلة مجاورة، فبينما هي في طريقها إلى المنزل، وجدت أمها وهي في حالة هستيرية، تحمل عصا في يدها، ومتجهة صوب المسكن الذي يقطنه المتهم، على حد قولها، وبعدما استوقفتها لمعرفة سرّ الغضب الشديد الذي كان ينتابها حينها، لم تتمالك هي الأخرى أعصابها، فقامت باقتحام منزل المشتبَه فيه، ووجّهت له سيلا من العتاب أمام أنظار والدَيه دون أن يُبديَّ أي رد فعل، قبل أن تغادر المكان بمعية الضحية لتسجيل شكاية في الموضوع. أبلغت الفتاة أهالي القرية بما حصل، لكنْ دون أن تلقى أي مساندة أو مؤازرة، فنقلت أمها العجوز إلى مصحة خاصة في مدينة جرف الملحة في حالة سيئة، حيث سُلِّمت لها شهادة طبية حددت مدة العجز في 40 يوما، ثم أخطرت مصالح الدرك الملكي، التي تولت التحقيق في هذه القضية. وقال مصدر مقرب من الضحية إن عائلة الظنين حاولت الضغط على ابنة العجوز للتنازل عن الشكاية، طالبة منها تلفيق التهمة لشخص آخر فاقد لعقله.. وأمام رفض الابنة، توعّدت العائلة هذه الأخيرة بأوخم العواقب، مدّعية أنها «محمية من طرف جهة نافذة في العاصمة»، وأن ابنها المتهم لن يطاله أيّ عقاب.