رسم حفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون، صورة قاتمة لواقع المؤسسات السجنية في المغرب، وقال إنه منذ تعيينه في منصبه منذ بضعة شهور اضطر إلى وضع برنامج استعجالي خارج ميزانية المندوبية من أجل الاستجابة لعدد من الحاجيات الملحة، وقال بنهاشم، خلال تقديمه ميزانية المندوبية أمس أمام مجلس المستشارين، إنه تمكن «بدعم من جلالة الملك وتحت إشراف الوزير الأول عباس الفاسي» من الحصول على غلاف مالي قدره 240 مليون درهم خصص لتسريع بناء 6 سجون جديدة في كل من تطوان، وادي زم، آسفي، تيفلت، خريبكة وبني ملال، والتي من المنتظر أن تفتح في بداية السنة المقبلة، وأكد المندوب العام أنه بفضل هذا الغلاف تم تحسين برنامج الغذاء للسجناء في رمضان الماضي، وتغطية مصاريف ارتفاع أثمنة المواد الاستهلاكية، والخصاص في الأدوية، وتسوية جزء من فاتورة الكهرباء المتأخرة التي على الإدارة، والتي وصلت إلى 7 ملايير سنتيم. وحصلت المندوبية على هذا الغلاف المالي من صندوق خاص يسمى «ميزانية الصندوق الخاص لدعم المحاكم ومؤسسات السجون»، والذي كان يتوفر على غلاف مالي غير مستغل يقدر بأكثر من مليار درهم. بلغت ميزانية التسيير لمندوبية السجون، في القانون المالي 2009، ما قدره مليار و59 مليون و830 ألف درهم، تذهب 51 في المائة منها إلى الموظفين، و49 في المائة منها إلى المعدات والنفقات المختلفة، أما ميزانية الاستثمار فوصلت إلى 712 مليون درهم معظمها سيخصص لبناء السجون الجديدة وترميم القائمة، أما نصيب المندوبية من الصندوق الخاص لدعم المحاكم ومؤسسات السجون فبلغ في الميزانية ما قدره 222 مليون و500 ألف درهم. وتمكن حفيظ بن هاشم من الحصول على أكبر عدد من التوظيفات في إدارته، حيث وصل عدد المناصب المالية التي سيحدثها السنة المقبلة إلى 1000 منصب (800 منصب فقط أحدثت في إدارة السجون على مدى 7 سنوات الماضية)، كما يطمح بنهاشم ضمن هذه الميزانية إلى الرفع من المبلغ المخصص لتغذية السجناء من 5 دراهم في اليوم إلى 14 درهما لكل سجين، والتخفيف من الاكتظاظ في السجون بالانتقال من مساحة 1.65 المخصصة حاليا لكل سجين إلى 1.85 متر مربع بعد افتتاح ست مؤسسات سجنية، وبلوغ 3 أمتار لكل سجين عند بداية سنة 2010 (المعدل الدولي هو 9 أمتار لكل سجين). كما يسعى بنهاشم إلى الرفع من عدد الحراس لكل سجين من حارس لكل 14 سجينا إلى حارس لكل 12 سجينا (المعدل الدولي هو حارس لكل ثلاثة سجناء). ووصف بنهاشم ظروف عمل موظفي السجون بالصعبة، وقال إنهم يعملون أحيانا 14 ساعة في اليوم ولا يحصلون على التعويضات عن الساعات الإضافية، حيث تتراوح أجورهم ما بين 2100 و2600 درهم شهريا فقط، ويتعرضون بشكل متكرر للاعتداءات الجسدية من طرف السجناء، وقال إنه تمكن من إخراج قانون أساسي جديد لموظفي السجون يضمن كثيرا من حقوقهم. كما انتقد بنهاشم عدم توفر المؤسسات السجنية على وسائل متطورة للمراقبة، وعرض صورا لطريقة تسريب المخدرات والممنوعات إلى السجون سواء داخل الأحذية، أو الأغذية، وقال إنه خصص جزءا من الميزانية لاقتناء معدات للمراقبة. كما أكد المندوب العام أن كافة المؤسسات السجنية لا تتوفر على شروط السلامة وضمان صحة السجناء ولا تتوفر على فضاءات للبرامج التعليمية والتكوين، إضافة إلى تآكل البنايات وشبكات الماء والكهرباء، وقال: «عندما تسلمت مهمتي على رأس المندوبية، اكتشفت أن إدارة السجون مثقلة بديون تصل إلى 7 ملايير سنتيم، تتعلق بمتأخرات فواتير الماء والكهرباء، أي أننا كنا مهددين بقطع الماء والكهرباء عن السجون». من جهة أخرى انتقل عدد السجناء في المغرب من 20819 معتقلا سنة 1980 إلى 60154 في حدود شهر نونبر 2008، وحسب إحصائيات مندوبية السجون، فإن عدد السجناء المحكومين نهائيا يصل إلى 53 في المائة، أما السجناء الاحتياطيين فتبلغ نسبتهم 20 في المائة، والسجناء الذين هم في حالة استئناف أو نقض فيشكلون 27 في المائة. وبخصوص العقوبات، فإن هناك 131 سجينا مغربيا محكوما بالإعدام، و631 محكومون بالمؤبد. وتحتل جرائم تجارة المخدرات وجرائم الأموال نسبة كبيرة من بين السجناء، حيث يصل عدد السجناء المتابعين بسبب تجارة المخدرات إلى 13457 سجينا، أما المتورطون في جرائم الأموال، مثل خيانة الأمانة أو إصدار شيك بدون رصيد، فيبلغ عددهم 14898، وتشكل نسبة هذه الجرائم ما نسبته 49 في المائة من مجموع السجناء. وبخصوص توزيع السجناء حسب الجنس، فيلاحظ أن العنصر النسوي يشكل نسبة ضعيفة جدا، حيث لا يتعدى 3 في المائة، أي 1800 امرأة معتقلة في المغرب كله مقابل 97 في المائة من المعتقلين الرجال. أما بخصوص سن السجناء، فتشير المعطيات التي قدمها حفيظ بنهاشم إلى أن 73 في المائة من السجناء تتراوح أعمارهم ما بين 21 و40 سنة و9 في المائة منهم ما بين 13 و20 سنة، و0.1 في المائة يتجاوز سنهم 70 سنة (91 شيخا معتقلا). أما بخصوص التغذية، فأكد المندوب العام أن ميزانيتها كانت محددة في 5 دراهم في اليوم، مع عدم توفر الإدارة على طباخين مختصين في تهييء الوجبات الجماعية، مما يجعل السجناء هم من يتكفلون بهذا الأمر، أما الحصة من الأدوية فحددت في 0.75 درهم لكل سجين كل يوم، فضلا عن عدم وجود فضاءات لعزل السجناء المصابين بأمراض معدية، وعدم توفر عدد من السجون على سيارات الإسعاف، وقال إنه سيعمل على تدارك هذا النقص في المستقبل.