قال المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج السيد حفيظ بنهاشم إن المندوبية التي تعمل جاهدة على الرقي بواقع السجون في المغرب، تبقى منفتحة على باقي المؤسسات، ومنها جمعيات المجتمع المدني في إطار ما ينص عليه القانون. وأضاف السيد بنهاشم في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن المندوبية تسخر كافة الإمكانيات المتاحة لديها، وتعمل إلى جانب مؤسسات أخرى، من أجل تحويل العقوبة السجنية من حيز زمني تسلب خلاله الحرية، إلى فرصة لتأهيل السجين على المستويات المهنية والتربوية والنفسية. المؤسسات السجنية مؤسسات منفتحة في إطار ما ينص عليه القانون+ لتوضيح معنى وحدود الانفتاح, أكد المندوب العام أن هذه السجون منفتحة على كافة المؤسسات العاملة في هذا المجال، وباب الحوار مفتوح مع جميع الجمعيات، مبرزا أن تعامل بعض الجمعيات الحقوقية مع إمكانية الترخيص لها بزيارة السجون «بمنطق المراقبة والتفتيش مخالف للقانون المنظم للسجون» الذي يحدد مرامي هذه الزيارات في تقديم الدعم المادي والمعنوي للسجناء ولعائلاتهم في حدود الإمكان. وقد بلغ عدد الزيارات التي قامت بها الجمعيات للمؤسسات السجنية السنة الماضية 762 زيارة، مقابل531 سنة 2007 التي قام خلالها المجلس الاستشاري لحقوق الانسان ب13 زيارة. ومن جهتها، قامت السلطات القضائية ب700 زيارة خلال سنة2008 ، في حين قام قاضي تطبيق العقوبات ب359 زيارة. أجرى الحوار.. لمياء ضاكة (و.م.ع) الحرص على تحويل العقوبة السجنية إلى فرصة لتأهيل السجين على المستويات المهنية والتربوية والنفسية أنسنة المؤسسات السجنية إن أنسنة المؤسسات السجنية هو أمر تلقيته من جلالة الملك،وأنا حريص على تنفيذه .. وهو يكمل ما يفرضه علينا القانون،»هكذا لخص السيد بنهاشم حرص المندوبية على أنسنة المؤسسات السجنية وما تبذله من جهود من أجل ضمان احترام كرامة السجين، فالمؤسسة السجنية هي بالدرجة الأولى مؤسسة للتأهيل والتكوين من أجل إعادة الإدماج وليس أداة لتنفيذ العقوبة فحسب. وفي هذا السياق، قال إنه، تنفيذا للتوجيهات السامية لجلالة الملك، حظيت جوانب كالتغذية والتطبيب والتكوين باهتمام خاص في عمل المندوبية، مؤكدا أن جهودا حثيثة بذلت لتحسين مستوى تغذية السجناء، إذ لم يكن القدر المالي اليومي المخصص لتغذية كل سجين يتجاوز خمسة دراهم، مبرزا أنه تمت بفضل تظافر جهود جميع المتدخلين وبدعم وتوجيه من جلالة الملك, مضاعفة هذا القدر ثلاث مرات. وعلى مستوى التطبيب والرعاية الصحية، اعتبر السيد بنهاشم أن التطبيب يعد من الأعباء المكلفة التي تقع على عاتق المندوبية, فالمؤسسات السجنية توفر خدمات طبية مجانية لكل المعتقلين الذين يستفيدون من فصوحات طبية دورية منها التي تقدم داخل المؤسسات السجنية، ومنها التي تقدم داخل المستشفيات بإذن من الطبيب المعالج الذي هو موظف داخل هذه المؤسسات. وأضاف أن عدد الأطباء الموظفين داخل المندوبية يبلغ107 ، بالإضافة إلى الفحوصات التي يقدمها أطباء في تخصصات مختلفة تتعاقد معهم المندوبية لتوفير العلاجات الضرورية لكل النزلاء. وتولي المؤسسات السجنية أهمية كبرى للجانب الوقائي، إذ يستفيد السجناء من تلقيحات ضد الأوبئة سنويا كالتهاب السحاياو ومن كشوفات عن داء السل مخافة انتشار العدوى, يضيف السيد بنهاشم الذي يؤكد أن عدد الفحوصات الطبية انتقل من238 ألف و323 فحص طبي سنة2003 إلى265 ألف و840 فحص سنة2007 . كما عملت المندوبية على مضاعفة القدر المالي المخصص لتطبيب كل سجين ثلاث مرات، حيث انتقل من70 ر0 سنتيم يوميا إلى ما بين ثلاثة وأربعة دراهم للسجين يوميا؛ وبما أنه ليس كل السجناء مرضى, فإن هذا القدر يرتفع بالنسبة للمرضى منهم، هذا إلى جانب تكاليف العمليات الجراحية التي تجرى لبعض السجناء التي تتطلب حالتهم الصحية تدخلا جراحيا تتكلف المندوبية بتغطية مصاريفه بشكل كامل. +المعادلة ما بين فرض النظام والأنسنة .. تفعيل للقانون+ نظرا لكونها معادلة تستلزم تحقيق التوازن ما بين المتطلبات الأمنية وغايات الإصلاح والتأهيل، قال السيد بنهاشم إن هناك متابعة يومية لظروف الاعتقال يسهر عليها أطر المندوبية، مبرزا أن السجين يعامل داخل المؤسسات السجنية ك «إنسان ارتكب جرما عوقب عليه وسلبت منه حريته». السجن فضاء يؤطره قانون داخلي وأوضح أن السجن فضاء يؤطره قانون داخلي، يتوجب على السجناء والموظفين احترامه على حد سواء، مضيفا أن هذا القانون كما ينص على معاقبة أي سجين تمرد أو شكل خطرا على السجناء أو على الموظفين، فإنه يقنن عمل القيمين على سير السجون ويفرض عليهم عقوبات في حالة عدم احترام مقتضياته. وأكد المندوب العام أنه أقدم منذ تعيينه من طرف جلالة الملك في أبريل من سنة 2008 على توقيف ما يزيد عن خمسة مدراء سجون، وما يزيد عن20 حارسا وموظفا ، ممن لا يحترمون القانون أو لا يتقنون عملهم. وأضاف «نحن متهمون بمداهمة بعض أماكن الاعتقال»، موضحا أن الأمر يتعلق «بعمليات تفتيش تدخل في إطار ما يفرضه علينا القانون»، ومبرزا أن هذه العمليات تتوخى بالأساس تطهير هذه الأماكن من الممنوعات التي من شأنها الإخلال بالأمن داخل السجون، ولاسيما تلك التي تشكل خطرا على صحة السجين كالمخدرات بكافة أنواعها، والهواتف النقالة، والآلات الحادة. وخلافا لما يروج له ، فالتأديب ليس تعذيبا،والتأديب منصوص عليه في القانون رقم98 23 الذي ينص على أن أعضاء لجنة التأديب يعينهم المندوب العام وليس مدير المؤسسة، ولهذه اللجنة دور استشاري، والسجين خلال جلسة التأديب من حقه بأن يطالب بمن يؤازره, كما أن المنازعة في قرار التأديب يبت فيها المندوب العام، والعقوبات التأديبية المنصوص عليها قانونا لا تتضمن أي إجراء يتعلق بالعنف, يوضح السيد بنهاشم. ويضيف أنه يتم اللجوء إلى إمكانية تأديب سجين ما بوضعه في مكان منعزل ربما لكونه يشكل خطورة على الموظفين أو على السجناء أو حتى على نفسه، مشيرا إلى أن التأديب الذي تحكمه مسطرة خاصة ولجنة خاصة, تفرضه الممارسة اليومية، فالمندوبية مسؤولة عن سلامة أزيد من60 ألف سجين. وبهذا الخصوص، أكد السيد مصطفى حلمي مدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء بالمندوبية أن هناك, خلافا لما تروج له بعض الجهات، آليات مراقبة خارجية لدى تفعيل مسطرة التأديب، تتجسد في كل من وكيل الملك والوكيل العام للملك وقاضي التحقيق وقاضي تطبيق العقوبات، وفي اللجان الإقليمية التي تضم عدة فعاليات أخرى. وللوقاية من العنف داخل السجون وهو عبء ثقيل تتحمله المندوبية، يؤكد المسؤول أنه يتم تجنيد كافة الوسائل للحيلولة دون وقوعه، فحدوث نزاع بين السجناء مسألة طبيعية مردها في غالب الأحيان إلى كون السجين لا يتحمل نفسيا تواجده في السجن. وسجل السيد حلمي أن حالات العنف في تناقص مستمر بفضل العمل على توفير الإمكانيات المادية والبشرية, فقد انخفضت هذه الحالات بنسبة67 ر12 في المائة سنة 2008 مقارنة بالسنوات السابقة ابتداء من سنة2003 ، عازيا تراجع حالات العنف إلى الحزم في تسيير المؤسسات السجنية, وإلى الأنشطة التعليمية والتكوين المهني التي تندرج في إطار مبادرات إعادة الإدماج. وبخصوص الوفيات المسجلة داخل السجون، فلم تتجاوز، حسب السيد بنهاشم، خلال السنة الماضية125 حالة, وهو رقم يقارب ما تم تسجيله في السنوات الماضية، معتبرا أن هذا الرقم «»يبقى طبيعيا جدا»». وأضاف أن66 في المائة من هذه الوفيات وقعت داخل المؤسسات الاستشفائية، كما أن نسبة الوفيات في السجون لا تتعدى5 ر1 وفاة في الألف من مجموع السجناء الوافدين الذي يبلغ تعدادهم80 ألف سجين في السنة، مشيرا إلى أن هذه النسبة تقل عن المعدل الوطني المسجل لدى قطاع الصحة العمومية، وأن أكثر من32 في المائة من الوفيات ترجع أسبابها إلى أمراض مزمنة. وبخصوص حالات الانتحار، فقد أكد المندوب العام أنها «جد محدودة» وتقدر بحالة كل شهرين في ما بلغ عدد هذه الحالات في فرنسا مثلا السنة الماضية115 ، أي بمعدل انتحار كل ثلاثة أيام، مرجعا الأسباب المؤدية إلى إقدام السجناء على الانتحار إلى حالتهم النفسية. إصلاح يتوخى الرفع من مستوى الأداء وبخصوص ورش الإصلاح الذي انخرطت فيه المندوبية والذي يروم تجاوز عدة اختلالات يعاني منها القطاع, أكد السيد بنهاشم أن الإجراءات المستعجلة التي تعكف المندوبية على تفعيلها ستمكن، بحلول منتصف السنة الجارية, من فتح ستة سجون بمواصفات عصرية ستسهم بشكل كبير في التخفيف من عدة إشكاليات, وفي مقدمتها الاكتظاظ. وأوضح أن هذه الاجراءات تروم بالأساس التسريع من وتيرة بناء هذه السجون التي كانت متعثرة شيئا ما, مشيرا إلى أن سجنا بتطوان انطلقت أشغال بنائه قبل11 سنة، ستكتمل في ظرف8 أشهر، إضافة إلى سجون أخرى. وأبرز أن المندوبية تعمل وفق برنامج استعجالي تم طرحه على أنظار الحكومة، حيث تمت مساعدتها على تنفيذه بغلاف مالي يقدر ب24 مليار سنتيم، ويهم أساسا إكمال بناء المؤسسات التي تم الشروع في تشييدها وإصلاح مؤسسات أخرى. وسجل أن المندوبية تعكف، حاليا وبشكل حثيث, على تنفيذ هذا البرنامج في شقه المتعلق بالإصلاح حيث يتم ترميم وإعادة تأهيل السجون التي تحتاج إلى إصلاح، ولاسيما سجن (عكاشة) بالدار البيضاء وسجن القنيطرة. وفي هذا السياق، قال المندوب العام إن إشكالية الاكتظاظ تم التطرق لها في عدد من المناسبات أمام الحكومة والبرلمان، وهذا المشكل تعاني منه عدد من الدول حتى المتقدمة منها كفرنسا، مؤكدا أن الانتهاء من تشييد السجون الستة سيسهم في التخفيف من هذه الإشكالية. وبعدما ذكر بأن معدل المساحة المخصصة لكل سجين هو في حدود5 ر1 و6 ر1 مترا، سجل السيد بنهاشم أن هذه المساحة ستنتقل خلال السنة المقبلة إلى ثلاثة أمتار لكل سجين، مؤكدا أن هذه السجون، ستتوفر على عدة مراكز وفضاءات مخصصة لتعليم السجناء وتكوينهم مهنيا في أفق إعادة إدماجهم في الحياة العامة. ولم يفت السيد بنهاشم، بالمناسبة، الإشارة إلى الإشكالية التي تطرحها مسألة اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، إذ بلغ عدد المعتقلين الاحتياطيين إلى غاية31 يناير الماضي،29 ألف و213 معتقل احتياطيا، أي نصف الساكنة السجنية، (احتياطيو المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف والمجلس الأعلى)، مسجلا أن المندوبية تتحمل مسؤولية هؤلاء على المستوى الأمني وباقي الجوانب المتعلقة بالتطبيب والتغذية. ولأن مبتغاها الأسمى هو الإصلاح والتهذيب وليس العقاب، فإن المندوبية تحرص على توفير مختلف الوسائل والتجهيزات التي من شأنها توفير تكوين ملائم للسجناء حتى يتسنى لهم الاندماج في سوق الشغل بشكل سلس بعد انتهاء مدة العقوبة, حيث تعمل المندوبية, إلى جانب مؤسسة محمد السادس لإعادة الإدماج على تجهيز مراكز التكوين وتسهر إلى جانب المؤسسة على تسيير هذه المراكز، يضيف السيد بنهاشم الذي لم يفته التنويه بالعمل والجهود الجبارة التي تبذلها مؤسسة محمد السادس لإعادة الإدماج، والتي تعتبر ركيزة أساسية في عمليتي التكوين والإدماج. هيكلة جديدة وفي هذ الصدد، أكد السيد بنهاشم أن انتقال المندوبية إلى جهاز قائم الذات تابع للوزير الأول، له استقلاليته التامة على مستوى التدبير والميزانية والتكوين والتوظيف، توخى تمتيعها بإمكانيات واسعة على مستوى التخطيط للمستقبل ووضع البرامج وتنفيذها، فضلا عن اختزال المساطر الإدارية التي تعرقل عمليات التسيير اليومي, وذلك على غرار العديد من الدول المتقدمة. وأضاف أن المندوبية عملت، بفضل هذا التحول الذي تم تنفيذا لتوجيهات ملكية، على تهييئ وإخراج قانون أساسي جديد للموظفين جاء بمكتسبات كبيرة لجميع الموظفين والعاملين بها.