حسن البصري حينما كان يتهيأ معد برنامج مائة في المائة أسود، لإنجاز روبورطاج حول أسد جريح يعاني سكرات التنكر والجحود، توصل بخبر إحالة ابراهيم زهار اللاعب الدولي السابق الشهير بلقب طاطوم على مصحة جرادة واستحالة الحديث إلى هرم كروي يرقد في غرفة العناية المركزة، بعد أن فقد العناية من أهل الكرة والقائمين عليها، وقبل إنهاء الحضر المضروب على غرفته، خرج طبيب وعلى وجهه تقاسيم القلق ليعلن مساء أول أمس عن وفاة زهار عن سن 77 عاما. انتقل الخبر سريعا إلى حي الأحباس مسقط رأس وقلب طاطوم، وتداول أصدقاؤه في المقهى الشعبي الذي كان مكانه المفضل بالقرب من البازارات، النبأ الأليم وبحثوا عن صور للذكرى مع رمز كروي لم ينل من مسؤولي الكرة سوى التسويف، باستثناء بعض الزيارات التي كانت تقوم بها جمعية صداقة ورياضة وحفل التكريم الذي قامت به جمعية جافا للأعمال الاجتماعية. مات طاطوم الذي لم تفارقه الابتسامة حتى في أحلك الظروف، فهي رفيقة دربه كعكازه المصنوع من خشب العرعار، مات الرجل الذي يداوي جراح التنكر بقراءة الصحف والمجلات والتفرج بحسرة على صور زمان، حين كان يصول ويجول في ملاعب فرنسا والمغرب ويهدي بسخاء فرجة بلا حدود للعرب والعجم، ليس فقط في لعبة كرة القدم بل في رياضة كرة السلة التي كان يعشقها، بل إن الملك الراحل الحسن الثاني كان حريصا على دعوته لمشاركته مباريات كرة السلة، وهو من أطلق عليه لقب طاطوم لأنه كان يشبه إلى حد كبير نجم «الباسكيت» الأمريكي طاطوم. ساعدت ابراهيم زهار قامته في اقتناص الأهداف، منذ أن كان لاعبا في صفوف اليوسا إلى جانب رفيق دربه عبد الرحمن بلمحجوب، قبل أن يلتحق طاطوم بباريس ويوقع لنادي راسينغ مباشرة بعد حصول المغرب على الاستقلال، في المهجر شكل إلى جانب بلمحجوب والعربي بن مبارك والبطاش والخلفي والوركة والتباري وامبيريك تمثيلية ديبلوماسية حقيقية قبل إيفاد سفير للمغرب في هذا البلد، وقبل التوقف في بوردو قام ابراهيم بجولة عبر مجموعة من الأندية الفرنسية لازالت مقراتها تحمل صورا لفتى أسمر مهمته تسجيل الأهداف. حمل ابراهيم قميص المنتخب الوطني وقاده في المباراة التاريخية لسنة 1961 المؤهلة لنهائيات كأس العالم، أمام المنتخب الإسباني، وشوهد ديستيفانو وهو يأخذ صورا للذكرى مع ابراهيم في أعقاب مباراة الإياب في ملعب البرنابيو بمدريد ، قبل أن يستقر به المقام في المغرب حيث التحق بنادي لاسمير الذي لعب له ثم دربه بعد أن التحق بوطيفة في معمل تكرير البترول بالمحمدية. حين اعتزل الكرة قضى زهار وقتا طويلا في البحث عن «الزهر» الذي عاكسه، وقدم ملتمسات لجامعة بن سليمان لعلها تخرجه من عزلته لكن دون جدوى، فقد كان قدر اللاعبين القدامى أن ينتهوا كما بدؤوا عراة إلا من تاريخهم.