بدأت طبول الحرب تقرع في شمال مالي، حيث تفيد التقارير الواردة من العاصمة باماكو بأن رؤساء أركان جيوش تجمع دول غرب إفريقيا «إيكواس»، التي تضم في عضويتها 16 دولة، قد وضعوا خطة للتحرك العسكري ضد الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة في المنطقة، في وقت تتعالى فيه الأصوات الداعية إلى عدم مشاركة المغرب في هذا التدخل العسكري، بالنظر إلى تداعياته المرتقبة على الوضع في الصحراء المغربية. وقال عبد الرحمان المكاوي، الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، إن المفاوضات مع جماعة أنصار الجهاد وصلت إلى الباب المسدود، وبالتالي أصبح الحل العسكري وشيكا، رغم المعارضة التي تبديها الجزائر، والتي تحاول من خلالها ضمان استمرار هيمنتها على شمال مالي، ومنع المغرب من التدخل عسكريا في المنطقة، على اعتبار أن الجيش الجزائري يرى في جنوبالجزائر، الذي من المرتقب أن يكون قاعدة لعمليات «إيكواس» والحلف الأطلسي، عمقا استراتيجيا لا يمكن القبول بأن يوجد فيه الجيش المغربي. وأضاف المكاوي أن تقارير مديرية الاستراتيجية العسكرية التابعة للحلف الأطلسي، والتي أكدت أن الجيش المغربي هو الأقدر على التدخل في شمال مالي، بالنظر إلى خبرته الواسعة في حروب العصابات داخل المناطق الصحراوية، عمقت مخاوف الجزائر، ودفعتها إلى تكثيف ضغوطها على الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا لمنع أي مشاركة مغربية في العملية العسكرية المرتقبة. وحذر الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية من أن مشاركة المغرب في التدخل ضد القاعدة في شمال مالي، في ظل الموقف الجزائري، يمكن أن تزيد من حرارة الوضع في الأقاليم الجنوبية، حيث ستعمل السلطات الجزائرية على تسهيل تنقل الجماعة الإرهابية قريبا من الحزام الأمني، في الوقت الذي يقوم فيه الجيش الجزائري بحشد قوات مدعومة بالدرك والجمارك يصل تعدادها إلى ما يقارب 35 ألفا على حدودها مع مالي. ولم يستبعد المكاوي مشاركة الولاياتالأمريكية في العملية العسكرية، التي من المرتقب أن تعرض تفاصيلها على مجلس الأمن في 28 نونبر الجاري، وذلك إلى جانب كل من فرنسا وبريطانيا، مشيرا إلى أن الدور المرتقب لهذه البلدان سيقتصر على تنفيذ عمليات دقيقة لقصف مواقع الجماعات الإرهابية عبر صواريخ «توماهوك». وأكد الخبير العسكري أن القصف الجوي، وكذا التدخل البري لقوات «إيكواس» سيدفعان الجماعات الإرهابية إلى التوجه شمالا نحو موريتانيا والمغرب، وبالتالي سيفتح أمام هذين البلدين بؤرة جديدة للمعارك يمكن أن تقلب الوضع في المنطقة رأسا على عقب. وكانت «المساء» قد نشرت تفاصيل عملية أمنية تقودها حاليا الجزائر في شمال مالي، وتحمل هذه العملية اسم «فاكوسيطوز» أو «البلعمة»، وسيكون الفاعل الرئيسي فيها هو الجيش الجزائري، وذلك بعد أن حصل مؤخرا على موافقة وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، خلال محادثات أجرتها مع مسؤولين سياسيين وعسكريين كبار في الجزائر. وتركز العملية الجزائرية، أساسا، على محورين، أولا «التقطيع»، وذلك عبر ضرب حركة تحرير الأزواد، وقطع جميع الأواصر بين الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها جماعتي «أنصار الدين» و«التوحيد والجهاد»، ودفعها إلى التناحر فيما بينها، وثانيا، ضرب جميع الحاضنات الشعبية للقاعدة، وذلك عبر استقطاب قبائل «إيفوغاس» و«ابرابيش» و«الأجواد» لسحب البساط من تحت تنظيم القاعدة، الذي يجد في هذه القبائل ملاذا آمنا.