في الوقت الذي أعلنت فيه هيلاري كلينتون في ختام زيارة سريعة للجزائر تحادثت خلالها مع الرئيس بوتفليقة أن الجزائر وواشنطن قررتا مواصلة المشارورات حول الوضع في جمهورية مالي عن طريق الخبراء في إطار ثنائي و في إطار مشاورات مع شركاء المنطقة مع الاتحاد الإفريقي و المجموعة الاقتصادية لتنمية غرب إفريقيا و الأممالمتحدة لمحاولة إيجاد حلول لهذه المشاكل كشفت الصحافة الجزائرية أن الجزائر أبلغت وزيرة الخارجية الأمريكية موافقتها على المساهمة ''في التخطيط العسكري للتدخل في شمال مالي''، دون أن يكون للجيش الجزائري مشاركة مباشرة في الحرب المتوقعة ضد جماعات إرهابية. ويؤكد الخبراء و المتتبعون أن هيلاري كلينتون و بتوصية من باريس الحليف القوي لواشنطن في مبدأ ضرورة التدخل العسكري بشمال مالي لوضع حد للامتداد المقلق للمد الارهابي بالساحل الافريقي قد توفقت في إقناع الرئيس بوتفليقة بالتخلي عن منطق الحياد الايجابي و الذي كانت الجزائر و بمقتضاه ترفض أي عملية عسكرية أجنبية بالتراب المالي بما يترتب عليه من مخاطر أمنية محدقة بمئات الكلمترات من الحدود المشتركة مع مالي جنوبالجزائر . الواضح إذا أن الديبلوماسية الجزائرية كسرت مبدأ عدم التدخل في القضايا الداخلية للبلدان ذات السيادة و إن كان التعتيم ما زال يحيط بأشكال الدعم و المساندة التي سيضعها الجيش الجزائري رهن إشارة قوات التحالف الغربي المشاركة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في عمليات عسكرية مركزة تستهدف الخلايا الارهابية النشيطة بالشمال المالي و التي يربط بعضها صلات وثيقة بالحكومة الجزائرية كما هو الحال بالنسبة لجماعة أنصار الدين التي تدين بالولاء المطلق لحكام المرادية و تخدم أجندتها بالمنطقة . فشلت باريس قبل أيام في إنتزاع إلتزام من بوتفليقة بدعم مشروع التدخل العسكري بشمال مالي , و لكنها في المقابل ضمنت مساندة الخارجية الجزائرية لمشروع قرار مجلس الأمن 2071 الذي يمنح شرعية لحسم الموقف عسكريا و يضع أجلا للفرقاء السياسيين الماليين لتطهير البلاد من الحضور القاعدي قبل منح الضوء الأخضر للخيار العسكري الذي تقوده باريس . مدلسي برر المرونة المفاجئة في الموقف الرسمي الجزائري المتحفظ الى أقصى درجات قبل أيام بدعم بلاده لجهود إجتثات الارهاب الدولية . باريس غير المقتنعة بالحياد الجزائري المزيف بادرت الى إستعمال الورقة الأمريكية التي تربط إدارتها بنيويورك بالنظام الجزائري العديد من المصالح الاقتصادية المشتركة . كلينتون عزفت على وتر الدور الرياديا للجزائر في مكافحة "الارهاب و التطرف" و موقعها كشريك "مفضل " للولايات المتحدة في هذا الكفاح لتنتزع بدون مجهود إقناع معتبر تموقعا إيجابيا للشريك الجزائري الى جانب محور الخير الذي ينوب عن العالم لملاحقة الارهاب و تجفيف منابع . من السابق لأوانه تقييم حجم مشاركة المنظومة العسكرية الجزائرية في عمليات محتملة بشمال مالي و لكن من السهل ترتيب آثارها الجيو سياسية على المنطقة ككل . الحدود الجزائرية الصحراوية الواسعة ستكون حتما ملاذا إضطراريا لآلاف النازحين من شمال مالي و بينهم قد تتسلل آلاف القطع الحربية و الأسلحة المتطورة المتداولة بكثرة بالشمال المالي . الجزائر تدرك حتما هذا التحدي الأمني المحدق و المقلق و تتمثل إمتداداته الى مناطق في العمق الجزائري و من بينها طبعا مخيمات تندوف التي تحولت الى ملجىء آمن و قاعدة خلفية لتجنيد الارهابيين و المرتزقة بصفوف القاعدة . شظايا الحرب المالية التي بدأت طبولها تقرع بالمنطقة ستعيد رسم الخريطة السياسية و الاستراتيجية بالمنطقة ككل و من هنا تتوفر للمغرب فرصة ذهبية ثمينة لاعادة ترتيب أولوياته الديبلوماسية و الأمنية بالمنطقة طالما أن كل الظروف مهيأة في ظل الظروف الراهنة لتعرية الوجه الحقيقي و البشع للكيان الانفصالي الوهمي بمخيمات لحمادة أمام المنتظم الدولي و هو مل لن يتأتى إلا بإعادة النظر في المنظومة الاستخباراتية المغربية ككل و تحيين إهتماماتها و أولوياتها .