«لا وجود لسلطة بدون برستيج»، هكذا كان يرى الجنرال شارل دوغول السلطة التي كان يقرنها بالضرورة بالبرستيج. «الألمعية» أو «البرستيج» تلك الكلمة الفرنسية التي تستخدم في المجتمع المغربي في معان مختلفة. اقتربنا من الشارع المغربي لمعرفة ما تمثله هذه الكلمة بالنسبة إلى المغاربة، فهل يختلف مفهومها حسب الفئة العمرية أو حتى الطبقات الاجتماعية. «المساء» استقصت رأي المغاربة وقمنا بجمعها في الروبورتاج التالي. «لكلاص» هكذا كانت تصف رشيدة أحد رؤسائها في العمل لإحدى صديقاتها، فبالنسبة إلى رشيدة ذات الثلاثة والعشرين ربيعا، فإن البرستيج هو أن يكون الشخص له هيبة ولا يتحدث إلا في الوقت المناسب، كما أن تصرفاته يجب أن تكون محسوبة وفي مكانها. فهذا الشخص، الذي تكون له مكانة في المجتمع، يكون عادة متحدثا لبقا وله قدرة كبيرة على الإقناع من خلال استعمال لغة بسيطة وسلسة قادرة على تحقيق الوقع المنشود. لحسن هو الآخر لا يختلف كثيرا مع رشيدة بخصوص تعريف البرستيج، فالبرستيج بالنسبة إلى لحسن مرتبط بمدى قدرة الإنسان على أن يفرض احترام جميع الناس له، ويجذبهم إليه بتصرفاته وتعامله الجيد غير المصطنع. ويضيف لحسن أن بعض الناس يحاولون التعامل بطريقة لبقة لكنها تكون مصطنعة. حياة الرفاهية استعمال اللغة ليس الرمز الوحيد للبرستيج، فيونس يرى أن البرستيج ليس سوى التوفر على فيلا فاخرة مبنية بطريقة فنية تأخذك إلى قصور ومآثر القرن الثامن عشر والمؤثثة طبعا بأحدث الأدوات والأجهزة العصرية، التي ستوفر للمرء حياة الرفاهية، إلى جانب سيارة تأسر من ينظر إليها، لكنه يستدرك حديثه قائلا إن ارتداء خاتم في الخنصر بالنسبة إلى الرجل هو الآخر يعتبر من مظاهر البرستيج أو ارتداء بعض الإكسسوارات الجلدية التي توضع في المعصم. وكما يونس، يرى محمد أن مظاهر الغنى هي علامات البرستيج، فلا يصح الحديث عن إنسان له برستيجه في المجتمع دونما الحديث عن درجة غناه وتوفره على حياة الرفاهية. البرستيج والثقافة وعلى العكس تؤكد نجلاء أن البرستيج هو قبل كل شيء أخلاق وليس مظاهر، كما يجمع على ذلك أغلب الناس، فالإنسان المتخلق يحظى باهتمام واحترام الجميع، بالتالي فهو لديه برستيجه في المجتمع. وتفسر قولها بأن توفر الإنسان على المال ليس سببا كافيا يوفر الاحترام للفرد داخل أسرته أولا وحتى داخل المجتمع، لذلك فالتخلق وحده القادر على ذلك، وفي نفس الصدد ترى أن البرستيج هو مستوى ثقافي، فالإنسان المثقف له برستيج معين، كما يجب على هذا المثقف أن يستثمر أمواله في دورات تدريبية في التنمية البشرية أو ما يصطلح عليه بالبرمجة اللغوية العصبية، إلى جانب إتقانه للعديد من اللغات الحية، كما يجب أن يكون إنسانا مواظبا على الرياضة البدنية بنفس القدر الذي يواظب به على الرياضة الذهنية. برستيج مشروط أما حسن فيرى أن البرستيج هو أن يكون المرء كائنا جيدا، بمعنى أن يعيش حياته بالطول والعرض، أي أن يشتري الملابس الفاخرة وأن يمارس الرياضة وأن يأكل في أحسن المطاعم، كما أنه يرى أن البرستيج مرتبط بلباس وتصرف بعض الشخصيات العامة. أما بالنسبة إلى مصطفى، فهو الهندام ومظاهر الغنى، لكنه يشترط في المرء الذي له برستيجه أو ألمعيته أنه يجب أن يزاوج بين الاعتناء بمظهره الخارجي وبين المكانة الفكرية، فالمستوى الفكري والثقافي، حسب مصطفى، أساسي لكي يستطيع المرء الظفر بمكانة وحظوة في المجتمع الذي يعيش فيه. البرستيج هو العائلة الملكية إيمان ترى أن البرستيج مرتبط بالأساس بالعائلة الملكية وبالعائلات الثرية، فلا يصح الحديث عن البرستيج دون ربطه بالعائلة الملكية طبعا وكبريات الأسر المغربية، لكن إيمان ليست الوحيدة التي تربط البرستيج بالغنى والعائلات الغنية، وهي ترى أن البرستيج يكمن في الملابس والإكسسوارات الباهظة الثمن، لكنها تستدرك بقولها إنه يجب أن تكون هذه الإكسسوارات غير مبالغ فيها ولا يظهر للوهلة الأولى أنها باهظة الثمن بقدر ما تضفي نوعا من الجمالية على مظهر الإنسان. لا وجود للبرستيج سارة، على العكس من سابقيها، ترى أنه لا يوجد برستيج في المغرب ولا يصح لنا الحديث عنه. لطيفة لا تختلف معها كثيرا، حيث ترى أن البرستيج يعيق الإنسان في تصرفاته وطريقة حياته، فالإنسان الذي ينضبط للبرستيج يجد نفسه مجبرا على ارتداء نوعية محددة من الملابس والأكل بطريقة معينة والعيش بطريقة معينة، والأدهى من ذلك أن الإنسان يعيش كما يريده الآخر لا كما يريد هو، مما يولد لدينا صورة نمطية في المجتمع ويلغي الاختلاف.