في تصريح لقناة «الجزيرة»، أكد الكاتب الأول الجديد لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن حزبه لن يتردد في اتخاذ تدابير غير شعبية، لأنه ليس شعبويا. لا أحد يمكنه أن ينكر أن كلامه فيه حكمة سياسية. لكن، هل يجب مرة أخرى أن يكون هذا الكلام كلمة حق أريد من ورائها باطل. ورغم كون هذا يبدو مدهشا، فإننا لا يمكن إلا أن نوافق على الجزء الأول من تصريح.. أقدم نائب برلماني مغربي، أي أن الاتحاد الاشتراكي لم يتوقف يوما عن تأييد إجراءات غير شعبية منذ توليه مناصب وزارية. حلفاؤه من الكتلة كان لهم نفس السلوك. وقد استعملتُ لحكمة ما مصطلح «توليه مناصب وزارية»، لأن أحزاب الكتلة لم تقم يوما بالممارسة الفعلية للسلطة، التي ظلت حصريا في يد الملك ومستشاريه ووزراء السيادة. أما بالنسبة إلى التدابير غير الشعبية، فهي تعد بالعشرات. وزيادة على ذلك، فليس هم من اتخذوا هذه التدابير، لأن هذه الأخيرة تمت بلورتها وصياغتها من طرف أولئك الذين في يدهم السلطة الحقيقية. أحزاب الكتلة، أو على الأقل قادتها، قاموا فقط بتأيد هذه التدابير وتبنيها إما جهرا أو من خلال الصمت المتواطئ وبالتالي المؤيد. ألم يحجموا عن النطق بكلمة واحدة خلال القمع الذي عانى منه سكان صفرو، أو عندما كان سكان سيدي إيفني يتعرضون لأسوأ المعاملات من طرف قوات الأمن: ضرب، إذلال، تحرش جنسي وغيرها من الانتهاكات. الصمت نفسه كان في مواجهة التعذيب الذي يُرتكب داخل أقسام الشرطة، كما كان الحال مع المعتقلين في قضية القصر الملكي بمراكش، وكما تم في حالة طلبة جامعة القاضي عياض والذي شهدت عليه زهرة بودكور وأصدقاؤها. شهادات تم نشرها في الصفحات الأولى للجرائد المستقلة. شهادات قاسية عن المهانة والإذلال، لا يمكن تحمل سماعها، غير أن أحزاب الكتلة وقادتها لم يتحدثوا عنها أبدا. نفس الموقف تجاه القمع الوحشي الذي يتعرض له بشكل شبه يومي المجازون المعطلون وحتى المعاقين منهم. هناك صمت مازال يحيط بمركز تمارة والتعذيب الذي يرتكب فيه حسب شهادات عشرات الإسلاميين وبعض الأجانب مثل محمد بنيام، الذي تم اعتقاله في 21 يوليوز 2002 في باكستان وتم نقله إلى المغرب، حيث تم سجنه وتعذيبه إلى غاية 22 يناير 2004، وهو التاريخ الذي نقلته فيه طائرة وكالة الاستخبارات المركزية من الرباط إلى كابول. صمت أمام الاتهامات بالتعذيب الخارجي لإدارة بوش. وهنا أيضا فإن هناك العديد من الشهادات. شهادات تم تأكيد صحتها من طرف المنظمات الدولية لحماية حقوق الإنسان. صمت أمام الفظائع التي ترتكب في السجون المغربية والتي كان آخر ضحاياها السيد بوشتى بودالي الذي توفي عاريا بيدين مكبلتين إلى قضبان زنزانة سجن عين قادوس بفاس. دون أن ننسى الأحكام غير العادلة التي راح ضحيتها الصحفيون والجرائد المستقلة. وبذلك، فإن وزراء الاتصال، منذ إنشاء التناوب الذي قيل إنه توافقي، يمكن أن يحصلوا على «نياشين». عبد الرحمان اليوسفي والعربي المساري لديهما كأوسمة في مسارهما حظر «لوجورنال إيبدومادير» و«الصحيفة» و«دومان». أما بالنسبة إلى «الأسبوع الصحفي»، «تيل كيل»، «الأيام»، «الوطن»، «نيشان» و«المساء»، فإنها ستكون محور غضب وزراء الاتصال: الأشعري، بنعبد الله، الناصري، والذين ينتمون إلى أحزاب الكتلة من الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية! هل يجب التذكير بأن قمع هذه الجرائد المستقلة تم عندما كان الراحل بوزوبع واليوم الراضي على «عرش» وزارة العدل، وهما قياديان من حزب «يساري» هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وقائمة هذه «التدابير غير الشعبية» -في إعادة لعبارة السيد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ووزير العدل- لم تكتمل بعد. وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند.