بعد تسعة أشهر من التجربة الحكومية التي يقودها عبد الإله بنكيران، وما رافقها من تحديات بعد تفاقم العجز في الميزان التجاري، وارتفاع البطالة وتراجع عائدات القطاع السياحي وتحويلات الجالية المغربية بالخارج، تستعد أحزاب الأغلبية الحكومية المكونة من حزب العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، للتفكير في إطلاق «مناظرة» تزامنا مع الدخول السياسي والبرلماني الجديد، قصد التداول في اتخاذ مجموعة من التدابير في القطاعات الاجتماعية لتفادي تفاقم وضعية الاقتصاد الوطني في المستقبل، وستستعين أحزاب الأغلبية بوجهات نظر عدد من الخبراء الاقتصاديين داخل هذه الأحزاب للإطلاع على منهجيات العمل التي يجب اتباعها حول وضعية القانون المالي المقبل. وزراء حكومة عبد الإله بنكيران سيكونون ملزمين في المناظرة المقبلة، بتقديم تقارير حول التجربة الفتية في القطاعات الحساسة كوضعية الاقتصاد الوطني بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية، والجفاف الذي عرفه المغرب برسم الموسم الجاري مما تسبب في تداعيات ارتفاع حبوب القمح، إلى جانب تفاقم وضعية التشغيل في البلاد بعد ارتفاع معدل البطالة وتراجع الاستثمار الأجنبي بالبلاد، وكذا فشل البرنامج الاستعجالي في قطاع التعليم..، والهدف من التفكير في إطلاق «المناظرة» وضع توجهات استراتيجية ملموسة لمواجهة التحديات التي تهدد هذه القطاعات الحساسة في المستقبل، قبل البدء في وضع القانون المالي المقبل. محمد نبيل بنعبدالله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، والذي يشارك حزبه بأربع وزارات ذات قطاعات اجتماعية، أوضح في أحد التدخلات الأخيرة من شهر رمضان، أمام أعضاء القيادة الوطنية للحزب في يوم دراسي حول الاقتصاد الوطني، أن التوجه العام ل«المناظرة» يسير في اتجاه وضع «ميكانيزمات» للتداول في التحديات والهفوات التي سقطت فيها الحكومة منذ بداية السنة الجارية، مؤكدا أن قيادات أحزاب الأغلبية، رحبت بالتفكير في عقد هذه المناظرة والتي ستتزامن مع الدخول البرلماني في شهر أكتوبر المقبل. بنعبد الله أكد أن من بين الإشكالات المطروحة للنقاش في هذه المناظرة، هو البحث عن ظروف مناسبة للرفع من قيمة الضرائب قصد تحقيق نوع من التوازن في الاقتصاد الوطني، واعتبر أن البلاد في حاجة ماسة إلى الرفع من الجبايات لمواجهة الرهان المطروح بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية، وخصوصا في عدد من الدول الشريكة في الاتحاد الأوروبي الذي تربطه علاقات تجارية مع المغرب. بنعبد الله خرج عن صمته حول الجدل الدائر في قضية فرض الضريبة على الثروة، على الرغم من المعارضة التي أبداها عبد الاله بنكيران في عدم القدرة على تحقيق هذا الإجراء، حيث اعتبر أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، أن هذا المقترح كان من أولويات مشروع الحملة الانتخابية لحزبه في نونبر من السنة الماضية، مشيرا إلى أن هذا الإجراء سيقلل نوعا ما من عجز الميزان التجاري الذي وصل إلى 99 مليار درهم على حد قول وزير الإسكان والتعمير وسياسة المدينة، مشيرا إلى أن الاقتصاد الوطني في حاجة ماسة إلى تدابير ضريبية جديدة للرفع من ميزانية الدولة. ومن الإجراءات المقترحة كذلك حسب بنعبد الله، ينتظر أن تناقش أحزاب الأغلبية الإجراءات الكفيلة لعودة الروح إلى قطاع التشغيل، بعد تراجع الاستثمارات الأجنبية داخل البلاد، وإعلان فرنسا سحب المشاريع المرتبطة بقطاع ترحيل الخدمات بعدما بدأت شظايا الأزمة تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الفرنسي، ولجوء الأخيرة إلى فرض سياسة للتقشف. وحسب ما تسرب ل«المساء» يسود الإجماع داخل أعضاء أغلبية حكومة بنكيران إلى عدم المساس بالاستثمار العمومي في القانون المالي المقبل لسنة 2013، وهو ما سيفرض على الحكومة المقبلة، البحث عن موارد مالية إضافية، على الرغم من الزيادة التي شهدتها أسعار المحروقات في شهر يونيو الماضي. حزب التقدم والاشتراكية سيطرح في المناظرة المقبلة، موضوع الحد من الإدماج المباشر في قطاع الوظيفة العمومية، ويعتبر الحزب أن عملية الإدماج التي قامت بها الحكومة المنتهية ولايتها في عهد الوزير الأول السابق عباس الفاسي، أثرت إلى جانب الزيادة في الأجور بشكل كبير على الاقتصاد الوطني، مما جعل الحكومة الحالية مهددة بعد تفاقم عجز الميزان التجاري وتراجع معدل الاستثمار الأجنبي، الذي ساهم في ارتفاع معدل البطالة. وينتظر أن يناقش أعضاء الحكومة الإستراتيجية الجديدة لدعم المقاولات بجميع أصنافها، قصد خلق فرص الشغل، وتشجيع المبادرة الفردية في خلق المقاولات الصغرى والمتوسطة، للحد من البطالة.