تواجه حكومة عبد الإله بنكيران المقبلة بالمغرب تحديات اقتصادية كبرى، تتجلى أساسا في عجز الميزان التجاري، والدين العام. وأكد مكتب الصرف في المغرب أن عجز الميزان التجاري للمملكة، في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى نوفمبر/ تشرين الثاني، بلغ 166.5 مليار درهم (19.5 مليار دولار) مرتفعا 24 في المائة عما كان عليه قبل عام. لكن الميزان التجاري والدين العام ليس التحدي الوحيد الذي ستواجهه الحكومة المغربية الجديدة، التي يقودها الإسلاميون، إذ ستفرض الأزمة التي يعاني منها الشريك الأوروبي على فريق عبد الإله بنكيران اتخاذ مجموعة من الإجراأت للتخفيف في حدتها. وفي هذا الإطار، قال إدريس بنعلي، أستاذ اقتصاد ومدير البحوث في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن الحكومة المقبلة مطالبة بالتحكم في التوازنات المكرو اقتصادية، محذرا في الوقت نفسه من اللجوء إلى السياسية التقشفية، التي ستنعكس سلبا على النمو الاقتصادي، الذي يجب أن لا يتراجع حتى يجري التمكن من حل المشاكل الاجتماعية، التي تبقى من أهم انتظارات المواطن المغربي. وشدد الخبير الاقتصادي على عدم تخفيض حجم الاستثمارات العمومية، التي تمثل 25 في المائة من الناتج القومي، مؤكد أن هذا الإجراء سيؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي. ويتطلع حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الائتلاف الحكومي، إلى بلوغ معدل نمو اقتصادي ب 7 في المائة في حدود 2016، والعمل على الحفاظ على التوازنات المالية عبر حصر عجز الميزانية في حدود 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، حسب ما جاء في برنامج الحزب الانتخابي. غير أن هذه الوعود تبقى صعبة التحقيق، وفق ما أكده الخبير الاقتصادي، مشيرا إلى أن “المعدل المنطقي، الذي يمكن بلوغه في السنتين المقبلتين، هو 4 أو 5 في المائة”. وكشف الباحث الجامعي أن “هذا المعدل سيساعد فقط على إبقاء الحالة على ما هي عليه، أما إذا أرادت الحكومة التخفيف من البطالة فيجب عليها تحقيق معدل نمو في حدود 7 في المائة، وهذا صعب في ظل الظروف الصعبة المسجلة حاليا”. ويرى إدريس بنعلي أن تحديات أخرى تنتظر الاقتصاد الوطني وتتمثل في الأزمة الكبيرة التي يعاني منها الشريك الأول للمملكة، ألا وهو أوروبا، موضحا أن هذه الوضعية ستنعكس على عدد من القطاعات، إذ أن القدرة الشرائية للأوروبيين ستتراجع، وبالتالي سينخفض التصدير، كما أن عدد السياح الأوروبيين الذين يتدفقون على المغرب سيتقلص، وبالتالي ستنخفض المداخيل من العملة الصعبة، بالإضافة إلى تراجع تحويلات المهاجرين المغاربة. وأفاد المحلل الاقتصادي أن مخزون المغرب من العملة الصعبة لم يعد يتعدى 5 أشهر، بينما كان في السابق يصل إلى 11 شهرا، مشيرا إلى أنه إذا وصل إلى 3 أشهر فإن المشكل سيكون صعبا جدا. وأوضح إدريس بنعلي أن المغاربة المقيمين في أوروبا، الذين يصل عددهم إلى 5 ملايين، يحولون 5 ملايير دولار سنويا إلى المملكة، ما يعني أنه إذا تفاقمت الأزمة في هذه البلدان فسيؤثر ذلك على تحويلات أفراد الجالية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المملكة مطالبة ببذل مجهود كبير على المستوى الاقتصادي بسبب تراجع الاستثمارات الأجنبية، التي تأثرت نتيجة الأزمة المالية. وتضمن البرنامج الانتخابي للعدالة والتنمية رفع الدخل الفردي ب 40 في المائة في الخمس سنوات المقبلة، وتوسيع استفادة المشاريع الاستثمارية من التحفيزات الاستثنائية، وإشراك المقاولات الوطنية الصغرى والمتوسطة في تنفيذ الصفقات العمومية الكبرى بنسبة 30 في المائة على الأقل، إلى جانب الرفع من الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم (ما يفوق 340 دولار). ويتوقع المغرب تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5 في المائة، خلال سنة 2011، وبنسبة 4.8 في المائة في سنة 2012.