حصلت «المساء» على معطيات معزّزة بوثائق دقيقة تكشف وقوع اختلالات مالية فاضحة في شركة استغلال الموانئ «مرسى ماروك»، من خلال عدم استخلاص مَبالغ كبيرة ومفوترة من شركات ملاحية ترسو في الموانئ التابعة للشركة. وحسب المعطيات والوثائق، فإن شركة «مرسى ماروك» لا تعمد إلى تحصيل المبالغ المالية الواجب أداؤها من طرف شركات ملاحية مقابل رسو بواخرها في موانئ تابعة ل»مرسى ماروك»، وهي عبارة عن تسعة موانئ، بينها ميناء الدارالبيضاء، الذي لم تستخلص فيه «مرسى ماورك» مبلغا خياليا من شركات ملاحية. وتبرز المعطيات ذاتها أن شركة ملاحية واحدة، يوجد مقرها بالدارالبيضاء وتابعة لمجموعة ملاحية كبرى تأسست سنة 1987 ويوجد مقرها أيضا بالدارالبيضاء، ما زال بذمتها مبلغ يفوق ثلاثة ملايير و161 مليون سنتيم (31 مليون و613 ألف و617 درهما و8 سنتيمات بالتحديد) مقابل استغلالها ميناء الدارالبيضاء لوحده.. علما أن المبلغ الإجمالي كان محددا في أزيد من 3 ملايير و297 مليون سنتيم بعد أداء الشركة مبلغ 136 مليون سنتيم فقط. وتؤكد المعطيات نفسها أن عدد الفواتير غير المُسدَّدة التي كشف عنها جرد تم الانتهاء منه ظهر يوم 10 يوليوز الأخير، والذي شمل الفترة ما بين 25 يوليوز 2011 و9 يوليوز 2012، قارب الألفي فاتورة، حيث توزعت هذه الفواتير وفق مبالغها غيرل المسددة على 27 صفحة، في كل صفحة المعلومات الخاصة بقرابة 70 فاتورة. وتفيد المعطيات والوثائق سالفة الذكر أن بين هذه الفواتير التي أعدت بناء على رسو كل باخرة من بواخر شركة الملاحة المذكورة في ميناء الدارالبيضاء لوحدها ما يتراوح المبلغ المستحق، المضمن فيها 182 درهما فقط، ومنها فواتير يفوق المبلغ المُضمَّن فيها 45 مليون سنتيم، وأغلب هذه الفواتير تتعلق بحق استغلال السفن للميناء. ووفق مصادر مطلعة، فإن الأمر يتعلق بتعامل تفضيلي مع شركات بعينها، ويمكن أن يكون عدد الشركات المستفيدة من هذا التعامل التفضيلي كبيرا، كما يمكن أن يصير رقم مجموع الفواتير غير المستخلصة أضخمَ إذا تم افتحاص مالية جميع الموانئ التابعة ل«مرسى ماروك»، والموجودة، فضلا على الدارالبيضاء، في كل من الناظور وطنجة والمحمدية والجرف الأصفر وآسفي وأكادير والعيون والداخلة. وأفادت المصادر ذاتها أن عدم استخلاص فواتير بهذا الحجم هو إجراء فير قانونيّ، مضيفة أن مجموع الفواتير التي يمكن عدم استخلاصها في الحين وإعطاؤها مهلة، وفق مسطرة خاصة وبناء على ضمانات مالية، لا يجب أن يتعدى 200 مليون سنتيم. وقد اتصلت «المساء» بشركة «مرسى ماروك»، حيث أخبرنا أحد المسؤولين أنه يجدر الاتصال بميناء الدارالبيضاء، لأنه لا علاقة للشركة المركزية بالأمر، على حد قوله، كما اتصلنا بالميناء المذكور إلا أن الهاتف ظل خارج التغطية. من جهة ثانية، اتصلت «المساء» بالشركة المشار إلى بأنها لم تسدد الفواتير ل»مرسى ماروك» فأخبرنا مسؤول فيها أن الأمر يعود إلى تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية وإلى عدم قدرة زبناء على أداء مستحقاتهم للشركة، ولذلك جرى الاتفاق مع «مرسى ماروك» لتأخير سداد الفواتير بحكم أن الشركة هي من أكبر المتعاملين مع «مرسى ماروك» وأن المبالغ الواجب سدادها لا تقارَن برقم معاملاتها. وأضاف المسؤول ذاته أن عدم استخلاص «مرسى ماروك» لمستحقات استغلال موانئها، خاصة ميناء الدارالبيضاء بحكم أنه الذي يعرف نشاطا تجاريا أكبر، يشمل سركات ملاحية أخرى تعيش الظروف ذاتها، مبرزا أنه تم الاتفاق مع «مرسى ماروك» على جدولة زمنية لتسديد الفواتير تبدأ من أكتوبر المقبل. وتجدر الإشارة إلى أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات الخاص بسنة 2009 سبق أن كشف ما اعتبره اختلالات في تدبير الوكالة الوطنية لاستغلال الموانئ، وتخص هذه الاختلالات بالأساس الصفقات المبرمة.