انطلقت المخابرات المغربية مؤخرا في تتبع ومراقبة كل البيانات والمعلومات حول المغاربة المشاركين في موقع «الفيس بوك» العالمي. وكشفت مصادر خاصة ل«المساء» أن مديرية المحافظة على التراب الوطني «الديستي» والمخابرات العسكرية «لادجيد» منهمكتان منذ فترة في الحوارات والبيانات الخاصة والمعطيات وأرقام الهواتف الشخصية الخاصة بالمشتركين المغاربة في الموقع، خصوصا بعد الحملة الدولية التي قام بها هذا الأخير لفائدة عدد من معتقلي الرأي كالمهندس فؤاد مرتضى والمدون المغربي محمد الراجي. وأضاف مصدرنا أن موقع «الفيس بوك» أصبح يثير اهتمام وقلق مصالح المخابرات المغربية ونظيراتها في عدة بلدان عربية وأخرى أجنبية، نظرا للتنسيق السريع والمحكم بين أعضائه وكذا تخوفا من تجنيد بعضهم من طرف مخابرات دول أخرى. وكانت جريدة «الحقيقة الدولية» الفرنسية كشفت منذ فترة خبايا موقع «الفيس بوك» والجهات التي تقف وراءه، ونشرت الجريدة الفرنسية ملفا واسعا عن هذا الموقع، مؤكدة أنه «موقع استخباراتي مهمته تجنيد العملاء والجواسيس لصالح الكيان الصهيوني». وتضمن الملف الذي نشرته مجلة «لوماغازين دو إسرائيل» معلومات عن أحدث طرق للجاسوسية تقوم بها كل من المخابرات الإسرائيلية والمخابرات الأمريكية عن طريق أشخاص عاديين لا يعرفون أنهم يقومون بمثل هذه المهمة الخطيرة. «إن هؤلاء يعتقدون بأنهم يقتلون الوقت أمام صفحات الدردشة الفورية واللغو في أمور قد تبدو غير مهمة، وأحيانا تافهة أيضا ولا قيمة لها» تقول المجلة. ونقل تقرير مجلة إسرائيل اليهودية التي تصدر في فرنسا الكثير من المعلومات السرية والهامة عن موقع «الفيس بوك» بعد تمكن المجلة من جمعها عبر مصادر إسرائيلية وصفتها ب«الموثوقة». ويعود اهتمام الأجهزة السرية المغربية ب«مخابرات الأنترنت» إلى الاستفادة من الكم الهائل من المعلومات المتاحة عن المشتركين وتحليلها وتكوين «فيش» استخباراتية عنهم وعن أصدقائهم وعلاقاتهم وارتباطاتهم بمشتركين من دول أخرى. وما سهل عمل المصالح الاستخباراتية المغربية والإسبانية هو أن الشباب المغربي يجد نفسه مضطرا، تحت اسم مستعار دون أن يشعر، إلى الإدلاء بتفاصيل مهمة عن حياته وحياة أفراد أسرته ومعلومات عن وظيفته وأصدقائه والمحيطين به وصور شخصية له، بل حتى أرقام هواتفه الشخصية ومعلومات يومية عنه، وهي أسرار خاصة لها أهمية قصوى في معرفة أدق التفاصيل عنهم. ويضيف المصدر أنه «ربما قد يعتقد بعض مستخدمي الأنترنت أن الحديث إلى الجنس اللطيف مثلا يعتبر ضمانة تبعد صاحبها أو يبعد الجنس اللطيف نفسه عن الشبهة السياسية، بينما الحقيقة أن مثل هذا الحوار هو وسيلة خطيرة لسبر مواضيع أخرى أكبر أهمية، وبالتالي كشف نقاط ضعف من الصعب اكتشافها في الحوارات العادية الأخرى»، لهذا قد يسهل تجنيد «العملاء» أو تأطير عدد من الشبان في القيام بأعمال متطرفة انطلاقا من تلك الحوارات الخاصة، بحيث تعتبر السبيل الأسهل للإيقاع بالشخص ودمجه في عالم يسعى من خلاله رجال المخابرات أو المتطرفون الإسلاميون إلى جعله «مجندا تابعا لهم دون إدراك منه». وبدأ موقع «الفيس بوك» الذي ينضم إليه أكثر من مليون عضو شهريا في طرح المعلومات المتعلقة بأعضائه علنا على محركات البحث على الأنترنت مثل «غوغل» و«ياهو»، بهدف الدخول المبكر في السباق إلى بناء دليل إلكتروني عالمي يحتوي على أكبر قدر ممكن من المعلومات والتفاصيل الشخصية، مثل السير الذاتية وأرقام الهواتف وغيرها من سبل الاتصال بالشخص، بالإضافة إلى هوايات الأعضاء وحتى معلومات عن أصدقائهم. وينضم إلى «الفيس بوك» حاليا نحو 200 ألف شخص يوميا أصبح يستخدمه 42 مليون شخص، طبقا للموقع ذاته. والمثير في هذا الموقع الذي بدأ يثير قلق الأجهزة السرية المغربية هو تبنيه لعدد من التحركات التغييرية داخل المجتمع المغربي، وانسياقه وراء الدعوات التي أطلقتها جهات لا تزال مجهولة بالنسبة إلى المخابرات المغريبة لإعلان «الدعم والتضامن» مع عدد من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب، وعدد من المحكومين سابقا بسبب آرائهم، آخرهم التلميذ محمد بلعسل الذي قضت استئنافية مراكش بالحكم عليه مؤخرا بسنة واحدة سجنا موقوفة التنفيذ. وتطرقت تقارير إسبانية أخرى إلى استفادة جهاز مخابراتها من الكم الهائل من المعلومات المتاحة عن المشتركين المغاربة واهتماماتهم وتحليلها وتكوين صورة استخباراتية دقيقة عن توجهات وآراء وتصورات الشباب المغربي ورأيه في عدة قضايا تطرح للنقاش عمدا، بهدف معرفة ردود فعلهم تجاهها، مشيرة إلى أن المغاربة أصبحوا أكثر شغفا وحرصا على إنشاء صفحات لهم على «الفيس بوك»، حيث يضم موقع المغرب أكثر من 40 ألف شخص.