«من المحتمل أن تتسبب الأزمة المالية العالمية العنيفة في كساد الاقتصاد العالمي، كما أنه من المحتمل أن يستمر هذا الكساد لفترة طويلة، وقد يؤسس لبداية عصر يعرف ارتفاعا في الضرائب ونموا اقتصاديا بطيئا في البلدان الغنية»، هكذا يحلل جاغاديش غوكهيل، خبير اقتصادي في معهد كيتو بواشنطن العاصمة. ويرى الخبير الاقتصادي أن تدهور الأسعار المحلية سيؤدي إلى ضعف الميزانيات العمومية للمؤسسات المالية وانتشار الأزمة. لقد تعالت الأصوات المطالبة بخطط إنقاذ واسعة في أوربا وفي أماكن أخرى، ولكنه من غير المؤكد أن تفلح هذه المبادرات النقدية والمالية في تجاوز الأزمة. وأوضح أن الأزمتين الأمريكيتين الماضيتين كانتا معتدلتين، وشهد نمو الاقتصاد العالمي توقفا لفترة وجيزة فقط، «والأمل اليوم هو أن تنجح خطط الإنقاذ في جعل الكساد الاقتصادي القادم طفيفا وقصير الأمد». ويتابع غوكهيل في تحليله أن أبناء جيل الازدهار من العمال الأكثر خبرة في أمريكا وأوروبا بدؤوا بالتوجه إلى التقاعد. وعلى الرغم من أن نسبة كبيرة من العمال الأكبر سنا لا يزالون يشكلون جزءا من القوة العاملة في السنوات الأخيرة، فإن الكساد القادم يمكن أن يلقي بهم في صفوف العاطلين. فنقص الائتمان بدأ يجبر الكثير من الشركات على تقليص وتخفيض النفقات. ومن المرجح، حسب الخبير، أن تؤثر هذه الضغوط على كبار السن من العمال بشدة من خلال إجبارهم على التقاعد بشكل أكبر. وعليه، فإن خروج العمال الأكثر خبرة من العمل، قسريا أو طوعيا، سيؤدي إلى تقليل جودة العمل العامة، وإبطاء الإنتاجية ونمو الإيرادات. وستستمر هذه الظاهرة طوال العقدين القادمين. ويضيف أنه يمكن للنمو الاستهلاكي المتباطئ للأنظمة الاقتصادية للبلدان المتقدمة أن يعوض بنمو استهلاكي أسرع في البلدان النامية ولاسيما في الصين والهند، ولكن «هذا السيناريو غير وارد في المرحلة المقبلة في ظل قتامة التوقعات الاقتصادية في العالم». إن تباطؤ الطلب الاستهلاكي وإنتاجية العمل واحتمال تباطؤ النمو التجاري، يؤكد الخبير الاقتصادي، كلها مؤشرات «تنذر بأن الكساد القادم لن يكون كسادا معتدلا. فإن لم تفلح خطة الإنقاذ في استعادة الاستقرار المالي بشكل فوري -وهذا ما يشكك فيه العديد من علماء الاقتصاد- فان إنقاذ الاقتصاد بمجمله سيتطلب المزيد من الأموال العامة، وسيزيد من أعباء دافعي الضرائب في المستقبل».