فيما يسود الغموض داخل الأوساط الاستقلالية حول من سيخلف عباس الفاسي على رأس الحزب، في ظل حديث عن البحث عن مرشح ثالث يتم الإعداد له على نار هادئة، علمت «المساء» من مصادر مطلعة أن جلسة مكاشفة جمعت يوم الثلاثاء الفائت بين عبد الواحد الفاسي وحميد شباط، المرشحين المتنافسين على منصب الأمين العام للحزب. وحسب المعلومات التي حصلت عليها الجريدة، فإن الجلسة تركزت على محاولة بحث المتنافسين عن وسيلة لفض الاشتباك بينهما ووضع حد للتوتر الذي يعيشه حزب علال الفاسي منذ أشهر، وتفادي كل انعكاس سلبي على وحدة الحزب، بسبب الصراع الدائر بينهما على منصب الأمانة العامة. مصادر الجريدة ذكرت أن جلسة المكاشفة شهدت طرح فكرة تنازل المرشحين المتنافسين عن ترشحهما، لكن دون أن يتمكن أحدهما من إقناع الآخر، وهو ما يجعل السباق نحو منصب الأمين العام مستمرا. بيد أن قياديا استقلاليا كشف ل«المساء» أن المرشحين أبديا استعدادهما للتنازل في حال تقديم مرشح ثالث يحظى بإجماع الاستقلاليين. وكان لافتا خلال الجلسة اتفاق كل من شباط والفاسي على أن محمد الوفا، وزير التربية الوطنية في حكومة عبد الإله بنكيران، «كان يلعب بهم»، على حد تعبير المصادر. واستبق شباط لقاءه بمنافسه باجتماع تم على مرحلتين مع أعضاء الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، انتهى بتمكنه من انتزاع تأييد الفريق النيابي لترشحه، بعد أن كان قد دخل المؤتمر السادس عشر ضامنا لمساندة الذراع النقابي والشبيبة الاستقلالية له. مصدر برلماني كشف أن أعضاء الفريق انتقدوا بشدة، خلال اجتماعهم الأول يوم الاثنين، عباس الفاسي، الأمين العام للحزب، متهمين إياه ب«توتير» الأجواء، بعد أن ألقى كلمة نارية أمام المؤتمرين أكد فيها أن الحزب لن يسمح بوجود أشخاص يكرسون الاستبداد، في إشارة إلى شباط. من جهة أخرى، كشف المصدر، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، أن الاجتماع الثاني الذي عقد ببيت القيادي الصحراوي حمدي ولد الرشيد بالرباط، وعرف حضور أسماء بارزة من قبيل كريم غلاب وياسمينة بادو، وعبد الصمد قيوح، وعبد القادر الكيحل، أظهر بشكل جلي تأييد غالبية أعضاء الفريق لعمدة فاس في ترشحه. فيما فجر ولد الرشيد خلال اجتماع البرلمانيين الاستقلاليين على مأدبة غداء أقامها على شرفهم، قنبلة حينما كشف أنه كان ثلاثة أيام قبل افتتاح المؤتمر من مؤيدي الفاسي، غير أن إعلان هذا الأخير الانسحاب من السباق ثم عدوله عن ذلك القرار دفعه إلى تفضيل التصويت لصالح شباط. ولم يكتف شباط ببحثه عن نصرة برلماني الحزب، بل سارع غداة إعلان تأجيل المؤتمر إلى جمع قياديين في نقابة الحزب والشبيبة الاستقلالية، خلال اجتماع عقد في مقر الاتحاد يوم الاثنين الماضي، وهو الاجتماع الذي عرف هجوما حادا على الأمين العام واتهامات له بالمسؤولية عما وصل إليه الحزب وإضعاف مؤسسة مجلس الرئاسة، مغتنما منصبه كوزير أول. إلى ذلك، وصف محمد الأنصاري، رئيس المؤتمر السادس عشر للحزب، خلال ندوة صحافية نظمت مساء أول أمس الأربعاء بالمركز العام للحزب، كلا من الفاسي وشباط وأنصارهم ب»المشاغبين»، وقال: «كان بعض المشاغبين خلفي في الحافلة يتراشقون ويختلفون، فيما كان همي هو المقود»، في إشارة إلى الصراعات التي نشبت بين المحسوبين على الفاسي وشباط، ووصلت إلى حد العراك والتراشق بالكراسي، مشيرا إلى أن مهمته كانت تقتصر على تدبير كل ما له ارتباط بالمؤتمر وفق مهام محصورة قانونيا. الأنصاري حرص، خلال رده على أسئلة الصحافيين، على بعث رسائل إلى داخل الحزب كما إلى خارجه، بالتأكيد على أن الحزب موحد ومتماسك ولن تنال أزمة الصراع على أمانته العامة من وحدته، معتبرا أن «حزب الاستقلال محفوف بالعناية الإلهية لم يمسه سوء ولن يمسه سوء بإذن الله رغم ما كان يحاك ضده في الماضي وربما في الحاضر أيضا»، قبل أن يتابع قائلا: «حزب الاستقلال حزب عتيد لا يمكن أن يتسرب إليه أي اختلال لا من اليمين ولا من اليسار ومن الأعلى نحن مطمئنون». غير أن اللافت في تصريحات رئيس المؤتمر كان هو إرجاعه تأجيل المؤتمر وانتخاب الأمين العام الجديد وأعضاء اللجنة التنفيذية إلى العياء الذي نال من المؤتمرين ومنعهم من إتمام أشغال المؤتمر، وقال: «قرأت في وجه الحاضرين أنه ليست هناك إمكانية للتركيز وانتخاب المجلس الوطني للأمين العام واللجنة التنفيذية، وهذا الهاجس الذي كان حاضرا في المنصة كان من بين ما خلص إليه الإخوان المجتمعون في إحدى القاعات وكأن القلوب تتناجى».