وصف سعيد جفري، منسق مسلك العلوم الضريبية بكلية العلوم القانونية بجامعة الحسن الأول، معضلة الباقي استخلاصه بالوباء والسرطان، الذي ينخر مالية الجماعات المحلية ويؤثر سلبا على مخططات تنميتها، واعتبر جفري خلال اليوم الدراسي الذي نظم بمقر بلدية ابن احمد، يوم الخميس أن الباقي استخلاصه هو ظاهرة مالية مركبة تتقاطع فيها الاعتبارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتاريخية والتدبيرية، وهو عبارة عن مجموع المبالغ المالية المستحقة للجماعات الترابية والتي لم يتم استيفاؤها في وقتها المحدد لسبب من الأسباب وتأخذ إشكالية الباقي استخلاصه أبعادا أربعة تتمثل في القانون، الإدارة، القضاء، والملزم لتشمل تعدد القوانين وتنازع الاختصاص وإشكالات التبليغ في المادة الجبائية المحلية وضعف فعالية مساطر التحصيل الجبري، على مستوى الإدارة فقد بين سعيد جفري عيوبا تتعلق بالرسم الخطأ والرسم المزدوج وإشكالية تحسين الجداول الضريبية، وغياب الهيكل التنظيمي للمصالح الجبائية المحلية وإشكالية تواصل الإدارة الجبائية والملزم، وعلى مستوى القضاء فقد أبرز منسق المسلك الضريبي غياب قضاء متخصص في المادة الجبائية، وبخصوص الملزم أكد جفري على انتشار ظاهرتي التهرب والغش الضريبي وغياب ثقافة المواطنة الجبائية، وهذه الإشكالية المتعددة تنعكس آثارها السلبية على التقديرات السنوية وعلى برمجة الفائض التقديري للميزانية المحلية وعلى الاستقلال المالي للجماعات الترابية. واقترح رئيس المسلك الضريبي حلولا عملية لتجاوز هذه الظاهرة قانونيا بإصدار مدونة خاصة بالجبايات المحلية على غرار المدونة العامة للضرائب، وتوضيح وتبسيط النصوص القانونية الخاصة بالجبايات المحلية، إصدار المراسيم والمناشير ومذكرات التطبيق، المواكبة والمصاحبة وتوسيع السلطة الجبائية للوحدات الترابية المحلية وتوحيد مسطرة التنفيذ، ومن حيث الإدارة اقترح منسق المسلك إلغاء الجزء من الباقي استخلاصه الميؤوس من تحصيله وإلغاء عقوبة التأخير عن الأداء وإعادة هيكلة الإدارة الجبائية، وتأسيس ثقافة جبائية بإشراك الملزم والمجتمع المدني وتنظيم حملات للتوعية. وركز الدكتور زهير لخيار، نائب عميد كلية العلوم القانونية بجامعة الحسن الأول، في مقاربته التشاركية على ضرورة تبني الجماعة آليات التوقع بناء على مؤشرات مضبوطة تحدد فيها الأهداف وتقاس بها الحكامة التي توازن بين الكلفة والمردودية. وأشار محمد حراري، رئيس المجلس البلدي لابن احمد أن إشكالية الباقي استخلاصه تأتي أصلا من صياغة وطريقة إعداد الميثاق الجماعي الذي أسس على مبدأ التحكم، وأن الجماعة لا يمكن أن تحقق أهدافها بغير تطور تصاعدي في استرجاع الباقي استخلاصه، مؤكدا على أن الإشكالية يمكن التغلب عليها، من خلال دعم الجماعة المحلية بموارد بشرية مؤهلة ودعم تأهيل هذه الموارد من خلال تنظيم دورات تكوينية خاصة. وأصدر الباحثون والمختصون في ختام اليوم الدراسي عشر توصيات أبرزها دراسة وتحليل الباقي استخلاصه الخام وتصنيفه إلى دين حقيقي قابل للتحصيل وآخر ميؤوس من قبضه، تفعيل المساطر المتعلقة بالإحصاء والمراقبة والفحص الجبائي لتحديد وضبط الباقي استخلاصه غير المتكفل به، إصلاح وتأهيل الإدارة الجبائية المحلية بتنظيم هياكلها وتأهيل مواردها البشرية وتوفير الوسائل المادية والمعدات والبرامج المعلوماتية للقيام بمهامهم، تحسين التواصل الجبائي بتوسيع دائرة إشراك الملزمين في تدبير الجبايات المحلية وتعزيز بنيات الاستقبال والإرشاد والإنصات لمطالبات المرتفقين ووضع استراتيجية للتوعية والتحسيس بأهمية الجبايات المحلية في دعم التنمية الترابية، الإسراع بإصدار الدوريات التفسيرية للقوانين والنصوص المتعلقة بإعداد وتحصيل الجبايات المحلية وكذا دليل المساطر الجبائية، وضع ميثاق الملزم المحلي وإحداث طريقة تحفيزية خاصة للتعامل مع الملزم الملتزم بواجباته الجبائية وخصوصا الأداء مع القيام بتفعيل الإجراءات الزجرية في حق الملزم المخل بالواجبات المذكورة.