ثلوج وأمطار قوية وهبات رياح من الأحد إلى الأربعاء بعدد من مناطق المغرب    "مجموعة نسائية": الأحكام في حق نزهة مجدي وسعيدة العلمي انتهاك يعكس تصاعد تجريم النضال    كأس إفريقيا .. الوفد الجزائري في قلب واقعة استفزازية بالرباط    الاحتلال يوسّع الاستيطان في الضفة الغربية لمنع قيام دولة فلسطينية    وزارة الأوقاف تعلن مطلع هلال شهر رجب    هولندا.. لص يسرق سيارة بداخلها ثلاثة أطفال ويخلف صدمة كبيرة للعائلة    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    ضربة البداية أمام جزر القمر.. المنتخب المغربي يفتتح "كان 2025" بطموح اللقب    قنوات مجانية تنقل جميع مباريات كأس أمم إفريقيا المغرب 2025    كأس افريقيا للأمم بروفة للمونديال    افتتاح أفضل نسخ "الكان".. الأنظار تتجه إلى المنتخب الوطني ضد جزر القمر في مباراة إثبات الذات    الأمن الوطني يشرع في اعتماد الأمازيغية على مركباته    أزمة المقاولات الصغيرة تدفع أصحابها لمغادرة الحسيمة ومهنيون يدقون ناقوس الخطر    مغربي مرتبط بالمافيا الإيطالية يُدوّخ الشرطة البلجيكية    تفتيش مركزي يكشف خروقات خطيرة في صفقات عمومية بوثائق مزورة    عرس كروي استثنائي    مبابي يعادل الرقم القياسي لرونالدو    ضيعة بكلميم تتحول إلى مخزن للشيرا    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    المستشفى العسكري بالرباط ينجح في إجراء 4 عمليات دقيقة بواسطة الجراحة الروبوتية    أشرف حكيمي يطمئن الجماهير المغربية بخصوص مشاركته في ال"كان"    السعدي: أعدنا الاعتبار للسياسة بالصدق مع المغاربة.. ولنا العمل وللخصوم البكائيات    "فيسبوك" تختبر وضع حد أقصى للروابط على الصفحات والحسابات المهنية    حركة "التوحيد والإصلاح" ترفض إعلانًا انفصاليًا بالجزائر وتدعو إلى احترام سيادة الدول    الأحمدي يحذر المنتخب من الثقة الزائدة    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    نقابة التعليم بالحزام الجبلي ببني ملال تنتقد زيارة المدير الإقليمي لثانوية بأغبالة وتحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع    أجواء ممطرة في توقعات اليوم الأحد بالمغرب    بايتاس بطنجة: "النفس الطويل" العنوان الأبرز لمسار الأحرار في تدبير الشأن العام ومواجهة التحديات    اختتام حملتي "حومتي" و"لقلب لكبير" بجهة طنجة تطوان الحسيمة: مسيرة وطنية بروح التضامن والعطاء    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    قطبان والجيراري يفتتحان معرضهما التشكيلي برواق نادرة    تنبيه أمني: شركة أفريقيا تحذر من محاولة احتيال بانتحال هويتها    خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام        روبيو: هيئات الحكم الجديدة في غزة ستشكل قريبا وستتبعها قوة دولية    بعد مرور 5 سنوات على اتفاقية التطبيع..دعوات متواصلة لمقاطعة أي تعاون ثقافي مع الكيان الصهيوني    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مالية الجماعات المحلية وعوائق الاستثمار والتنمية
نشر في التجديد يوم 10 - 01 - 2008

بحلول فاتح يناير 2008 يكون القانون الجديد المنظم للجبايات المحلية قد دخل حيز التنفيذ، وهو القانون الذي تعتبره الدولة العمود الفقري للعملية الإصلاحية التحديثية للامركزية في البلاد، وهو ما تم التعبير عنه في المذكرة التقديمية لقانون مالية ,2008 واتضح ذلك أكثر في تدخل وزير الداخلية شكيب بنموسى أثناء مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الداخلية بلجنة الداخلية واللامركزية بالغرفة الثانية.
تراهن الدولة على القانون الجديد من أجل تحسين المداخيل الجبائية للجماعات المحلية، من خلال اعتماد آليات التبسيط والتجميع وملائمة النظام الجبائي المحلي مع النظام الضريبي الوطني. لكن يبقى السؤال المركزي بخصوص هذا الموضوع هو: هل الإصلاح الجبائي المحلي الجديد يعكس رؤية استراتيجية للدفع بدور اللامركزية في التنمية؟ أم أن الأمر مرتبط بتدبير أزمات عبر إصلاحات جزئية سرعان ما يتم إعلان إفلاسها؟ هل يشكل القانون الجديد إجابة توفيقية بين السياسة والتنمية، من خلال إعطاء الجماعات المحلية آليات مالية لأداء دور أكثر تدخلية استقلالية، في إطار التحول الذي عرفه دور الدولة في اتجاه الدور الحاضن والموجه؟ هل ترجم القانون خطاب الدولة حول تطوير الجهة لأداء دورها الترابي والمجالي في التنمية؟
بداية تطبيق مرتبكة
طُرح إشكال دستوري أثناء مناقشة مشروع قانون مالية 2008 بخصوص القانون الجديد، بحيث أنه كان سينسخ مقتضيات ظهير بموجب مرسوم، فالقانون الجديد رقم 47,06 المتعلق بالجبايات المحلية نسخ القانون القديم رقم 30,,89 والقانون الجديد لم ينظم الحقوق والأتاوات المستخلصة من لدن الجماعات المحلية، وأمام تأخر الحكومة في نشر القانون في الجريدة الرسمية، عمدت الجماعات المحلية إلى إعداد ميزانياتها لسنة 2008 في شق المداخيل بناء على القانون القديم وذلك في دورة أكتوبر.
والإشكال أن وزارة الداخلية، باعتبارها سلطة الوصاية، صادقت على هذه الميزانيات رغم علمها بوجود قانون جديد منظم للجبايات المحلية، وبالتالي تطرح شرعية هذه الميزانيات.
ولتفادي هذا الإشكال الدستوري عمدت الوزارة إلى تقديم مشروع قانون يتعلق بسن أحكام انتقالية فيما يتعلق ببعض الرسوم والحقوق والأتاوى المستحقة لفائدة الجماعات المحلية أثناء مناقشة مشروع قانون المالية، وبمقتضى هذا القانون تم الترخيص للجماعات المحلية بمواصلة تطبيق أحكام القانون القديم، في شق الاتاوات والحقوق المستخلصة من لدن الجماعات. ولكن بالنسبة للضرائب والرسوم التي تستخلصها وزارة المالية فهي بين مطرقة ميزانيات الجماعات المحلية وسندان القانون الجديد.
ويظهر الارتباك جليا في تدخل وزير الداخلية أثناء تقديم مشروع قانون 07,39 أمام لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية، حين قدم دواعي اقتراح مشروع القانون. وبخصوص هذا الموضوع اعتبر سعيد جفري أستاذ بجامعة الحسن الأول بسطات والمتخصص في المالية المحلية أن هذا الارتباك طبيعي من الناحية الإجرائية، لكن الإشكال هو إبقاء مشكل التعدد في البنية الجبائية المحلية، بحيث سننتقل من 17 ضريبة ورسم إلى أزيد من ,30 وهذا الأمر يطرح صعوبات في ربط الضريبة وتحصيلها، وبالتالي فهذا الإجراء هو ضرب لمقصد التجميع والتبسيط كأحد أهداف القانون الجديد.
الإعفاءات وغياب العدالة
إنّ عجز المنظومة القانونية في التدخل من أجل تضريب قطاعات مهمة يمكن أن يساهم في الرفع من موارد الجماعات المحلية، هو مؤشر عجز السياسات العامة للدولة عن تحقيق توزيع عادل للثروة وللأعباء العمومية، والتجربة التاريخية للجبايات المحلية تعكس حضور بعض اللوبيات التي استفادت من الإعفاءات، ويستحضر هنا إصلاح 78 الذي قضى بفرض الضريبة العقارية لصالح الجماعات المحلية، لكن عجزت الدولة عن تطبيقه نظرا للضغوط الكبيرة التي مارسها لوبي العقار، وتم التراجع عن الإجراء سنتين فقط على فرضه، دون إغفال الإعفاء المتواصل والمتكرر للقطاع الفلاحي دون تمييز بين صغار وكبار الفلاحين.
وتؤكد جميلة الدليمي، الأستاذة الجامعية المتخصصة في المالية المحلية أن الإعفاءات تشكل تضحية بأموال محلية، كان من المفروض أن تجبى لفائدة صندوق الجماعات المحلية، وبالتالي فالإعفاء وما شابهه من تدابير جبائية استثنائية يعد عاملا لنقص الموارد المحلية. ومن هذا المنطلق، فهو يشكل نفقات يتحملها صندوق الجماعات المحلية، أي ما يصطلح على تسميته بالنفقات الجبائية المحلية.
من جانب آخر يرى فوزي الشعبي رئيس مقاطعة السويسي بالرباط أن الإعفاءات الجبائية الكلية أو الجزئية من زاوية مداخيل الجماعات المحلية تعتبر نفقات جبائية، أي نقص في الانتفاع، ولكن إذا كانت مرتبطة بالدفع بقطاع معين فتكون بذلك أداة تحفيزية للاستثمار المحلي، ومن جانبه يرى جفري أن الإعفاءات الدائمة والمؤقتة خصوصا في قطاعي الفلاحة والعقار لها حضور تاريخي، وتأثير في النظام الجبائي الوطني والمحلي.
إن الإعفاءات الجبائية على المستوى المحلي تؤثر على مستوى العبء الضريبي بالمغرب، الذي يعتبر بالمقارنة مع دول الجوار الأكثر ارتفاعا، وينتقص من مبدأ عدالة النظام الضريبي على المستوى المحلي، وبهذا الخصوص يرى الشعبي أن العبء واقع في المغرب ويعتبر عائق للاستثمار والتنمية، وبالتالي نحن مع تطبيق جباية ملائمة ومناسبة تشجع الاستثمار، مع استحضار ديمقراطيتها، أي لا تخدم فئة معينة من أجل إرضائها، وفي نفس الاتجاه ترى الدليمي أن العدالة الجبائية تتحقق إذا خضع جميع من هم في مركز اقتصادي واحد لعبء جبائي متساو، فهذا المفهوم تطبعه النسبية، فهو محكوم باختيارات سياسية وثقافية محددة، ومدى التوظيف السياسي لقيم التضامن الاجتماعي.
ومن أجل عدالة جبائية يطرح ضرورة ضمان حياد ومعاملة كل الملزمين على قدم المساواة أمام تطبيق القانون، وهذا ما يتنافى وطول لائحة الإعفاءات المرتبطة بالرسم المهني، التي تضمنتها المادة 6 من قانون جبايات الجماعات المحلية، وأتت هذه الإعفاءات في شكل إعفاءات كلية أو جزئية وتخفيضات وإسقاطات من المادة الجبائية، إلى جانب أسعار تفضيلية، وبلغت عددها 35 إعفاء. فهذه الإعفاءات تشكل مساسا بمبدأ العدالة الجبائية، التي لا يستفيد منها إلا بعض اللوبيات.
وتقتضي حكامة التدبير المحلي في عمقها استحضار مبدأ المساواة والشفافية، كأحد أهم تجلياتها وبالتالي إعطاء مصداقية للفعل العمومي على المستوى المحلي، وإعطاء مفهوم المواطنة بعداً عملياً عبر آلية الضريبة، وإلا فالإعفاءات المعتمدة تعكس بالفعل منطق اشتغال دولة عبر منهج الترضية، والخضوع لضغوطات عبر آليات شكلية تضرب العدالة الجبائية في مقتل.
الجهات ضحية الإصلاح الجديد
لم يقدم القانون الجبائي المحلي الجديد، الشيء الكثير بالنسبة للجهات كجماعات محلية، هذه الأخيرة التي انتقلت بموجب دستور 92 إلى جماعات محلية، بعدما كانت مجرد جهات اقتصادية ذات طابع استشاري، وبعد ذلك تم تنظيمها بموجب قانون 96,,47 لكن بقيت رغم هذا التراكم القانوني ذات اختصاصات ضعيفة، مع الحضور التدبيري القوي للسلطة الترابية، في شخص الوالي أو العمل عامل العمالة أو الإقليم مركز الجهة، وزاد ضعف الموارد المالية المخصصة من انحسار دورها التنموي. وارتباطا بهذا الموضوع يشير جفري إلى أن الجهات ومجالس العمالات والأقاليم كانت دائما ضحية القوانين المنظمة للجبايات المحلية، وبقيت الرسوم في حدود ثلاثة فقط، والمنطق نفسه في الإصلاح ما يزال مستمرا، مع العلم أن الجهة تشكل الإطار الحاضن للتنمية على المستوى المحلي، ومن جهته يرى الشعبي أن المجالس الجهوية تعاني من ضعف حجم المداخيل باعتبار الاختصاصات الموكولة إليها والدور المنوط بها، وبالتالي فالمقتضيات الجديدة بالنسبة إلى مداخيل الجهات لم تأتي بالجديد.
إن القانون الجبائي المحلي الجديد أتى في ظل نقاش حول الحكم الذاتي والجهوية الموسعة، والحديث عن التنمية المجالية في إطار فضاء ترابي هو الجهة، لكن لم تعكس مقتضيات القانون هذا التوجه، بل أكد القانون وجود مفارقة بين الخطاب والإجراءات المتخذة فيما يتعلق باللامركزية بالبلاد وتفعيل دورها في تحقيق فعل محلي يجمع بين الديمقراطية والتنمية.
إدارة الجبايات.. خلل بنيوي
ثمة ملاحظة في الخطاب الرسمي، عكست تحولا ارتبط أساسا بربط الجباية المحلية بالاستثمار (الخطاب الملكي بالجرف الأصفر سنة 2000 والجلسة الافتتاحية للبرلمان في السنة نفسها)، لكن هذا الدور للجباية المحلية يستلزم مواكبة الإصلاحات الإدارية بنظام جبائي مرن وبسيط ومندمج في العملية التنموية، مع استحضار المردودية المالية طبعا.
هذا الدور يفترض بالتبعية تطوير وتحديث وتأهيل الإدارة الجبائية، ويرى جفري أن القانون الجديد يتحدث عن الإدارة الجماعية للجبايات المحلية وليس عن الإدارة المحلية وهذا تطور إيجابي، واعتراف أولي بصلاحية الجماعات المحلية التكفل الفعلي بالتحصيل الجبائي المحلي، والمأمول أن تكون هناك استقلالية على مستوى التحصيل. إن ضعف الإدارة الجبائية المحلية أنتج ما يسمى بالباقي استخلاصه (ما تعجز البلديات والجماعات القروية عن تحصيل من جبايات محلية مستحقة لها) وهو مورد كبير وأساسي يمكن أن ينعش مداخيل الجماعات المحلية.
وبهذا الخصوص يقول الشعبي إن العسر في التحصيل وصعوبة تطبيق القانون المتعلق بتحصيل الديون العمومية، وقلة الوسائل اللوجستيكية والبشرية، نتج عنه الباقي استخلاصه، هذا الأخير يؤشر على الإشكالات التي تعرفها الإدارة الجبائية، فعلى المستوى النظام القانوني المتحكم في تعيين وكيل المداخيل العائد إلى اقتراح الآمر بالصرف، الذي يوجد تحت سلطته الرئاسية باعتباره موظفا جماعيا وتحت إشراف القابض البلدي، مما يجعله يتأرجح في منزله بين المنزلتين، وبطبيعة الحال هذا الارتباط والخلط عائق أمام تحرك وفاعلية الطاقم الإداري المشرف على وكالة المداخيل.
كما إنّ اختصاصات هذه الوكالة هي اختصاصات محدودة، على اعتبار هامشية الرسوم والضرائب التي تقوم باستخلاصها، فأهم الضرائب هي تلك التي تعود إلى القباضات (الرسم المهني، رسم السكن، رسم الخدمات الجماعية، والضريبة على القيمة المضافة)، إضافة إلى كون الضرائب تستخلصها الوكالة أصبحت ضرائب إقرارية، وهذا سيزيد من تعقيد عمل الإدارة الجبائية، لأن الإقرار يحتاج إلى وعي الملزم (مؤدي الجبايات) وبساطة النسق الضريبي المعقد والمتعدد أصلا.
أما العنصر البشري في الإدارة الجبائية فهو جوهر الإشكالية، نظرا لغلبة الأعوان بمعدل 96 %، في حين أن الأطر العليا المتخصصة في الجماعات المحلية والإدارة الجبائية لا تتجاوز 4 %، إضافة إلى وسائل الاشتغال غير المساعدة والبسيطة وغياب التحفيز والتكوين المستمر، وأمام هذا الواقع يقول الشعبي دون توفير الوسائل الكافية وتفعيل النصوص القانونية، والتفكير في عفو عام كلي أو جزئي بالنسبة للسنوات الماضية سوف يبقى الباقي استخلاصه يؤثر سلبا على أداء الإدارات المكلفة باستخلاص الضريبة أو الرسم، مما ينعكس سلباً على التنمية المحلية.
مؤدي الضريبة.. الطرف المغيب
يعتبر الملزم (مؤدي الضريبة تبعا للقانون) أهم عناصر العلاقة الجبائية، لأنه المعني الرئيس بكل العملية الجبائية، بدء من التشريع وانتهاء بالتحصيل. وقد أولت كل الدول أهمية بالغة للملزم من حيث التواصل والتوعية، فالضريبة تشكل مدرسة وآلية مهمة للتربية على المواطنة وخدمة الصالح العام. فانطلاقا من دوافع ذاتية نفسية وغيرها، اعتبر الملزم سلوكه كرد فعل طبيعي ضد عنف الضريبة عبر تاريخها الإنساني، من حيث هي انتقاص من ملكيته الخاصة يصعب استساغتها، ويزداد نفور الملزم بغياب وعي جبائي. وهناك قاعدة واضحة أنه كلما ارتفع العبء الجبائي كلما كان هناك تهرب ضريبي أكبر، إذ إن عدم الموازنة بين السعر والوعاء من جهة والانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى، يؤدي حتما إلى إضعاف مدخول الضريبة عوض النهوض بها.
إن الإصلاح الجبائي الجديد لم يشر نهائيا إلى الملزم، وبالتالي فحديثه عن التوجه نحو إلزامية التصريح بالممتلكات (الإقرارية) في دفع الضرائب مسألة غير سليمة، لأنها مرتبطة بوعي الملزم، بحيث إنها آلية لخلق أسس الحوار بين أطراف العلاقة الجبائية، من خلالها يمكن لهذا الأخير من معرفة حقوقه واجباته، مما يعمق الوعي الجبائي المسؤول.
الضريبة والشرط الاجتماعي
عكس القانون الجديد ميزة اتسمت بها النصوص القانونية المنظمة للمالية المحلية عموما، وتلك الخاص بالجبايات المحلية خصوصا، هي التأخر في مواكبة الإصلاحات الإدارية التي شهدت تطورا مقدرا في التجربة المغربية، وهذا التأخر سواء من حيث الفاعلية القانونية أو من حيث المواكبة، ويرى جفري أن القانون ظل محكوما ب استمرار الحضور المركزي لدور الدولة في الجانبين الإداري والمالي، مع حضور الهاجس المالي دون الاعتداد بالهاجس الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى التركيب والتجميع، لكن بعض مقتضيات القانون الجديد ستنتج قلقا اجتماعيا، خاصة بالنسبة للشريحة العريضة للمهنيين، بحيث أن الأوعية توسعت وارتفع السعر المطبق على بعض المهن، ويمكن لهذا القلق الاجتماعي أن يتحول إلى قلاقل اجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.