تواجه جماعة الغد أربعة تحديات يأتي في مقدمتها بلورة رؤية من طرف كل مجلس جماعي لتحديد الاختيارات والمخططات وترجمتها إلى مشاريع واقعية تنعكس على حياة المواطنين، وذلك وفق الأولويات الواقعية والاستعمال الأمثل للموارد وفق منطوق التعديلات الجديدة التي تلزم الجماعات بالتوفر على مخططات للتنمية. التحدي الثاني يتعلق بالإدارة المحلية التي يجب أن تكون فاعلة بمواردها البشرية وبآليات التكوين والتحفيز والتمويل لتحقيق البرامج. التحدي الثالث يتمثل في دعم الدولة للجماعات ولعب دور المواكب والمصاحب للمجالس المنتخبة وعدم الاقتصار على الوصاية. التحدي الأخير يتعلق بملاءمة الإطار القانوني والتنظيمي واعتماد الإصلاحات الضرورية للقوانين المنظمة للشأن المحلي خاصة قانون الجبايات المحلية والميثاق الجماعي والتنظيم المالي للجماعات المحلية والمراسيم والقرارات التنفيذية لهذه القوانين. هذه التحديات الأربعة أبْرَزَهَا حسب وزير الداخلية العمل الاستباقي الذي قامت به وزارة الداخلية بمشاركة 2000 منتخب محلي ووطني لتحديد الإصلاحات والإجراءات الضرورية للارتقاء بدور الجماعة المحلية. وأوضح شكيب بنموسى الذي كان يجيب عن أسئلة ثمان فرق بمجلس المستشارين أن الجماعة المحلية بعد تجربة تفوق 30 سنة أصبحت تحظى بميزة مباشرة صلاحيات خدماتية واسعة في البادية والمدينة كالطرق والمسالك لفك العزلة عن المواطنين والتطهير ومعالجة النفايات والإنارة والنقل الحضري وتهيئة المناطق الاقتصادية وإنعاش الشغل، ثم بميزة التدبير كمؤسسة عمومية يرأسها منتخبون يتجددون كل ست سنوات، ويتولون مهمة تحديد البرامج وتسيير ميزانيات مهمة، حيث انتقل الغلاف المخصص للجماعات المحلية من 15 مليار درهم سنة 2003 الى 25 مليار درهم سنة 2009، فضلا عن أن هذه المؤسسات تتوفر على إدارة تتكون من 150 ألف موظف وموظفة، وتحظى باستقلالية إدارية ومالية. ولمواكبة المستجدات القانونية المتعلقة بالجماعات المحلية قامت الحكومة بإخراج صندوق دعم تمثيلية النساء قبل حلول أجل إيداع الترشيحات وتوجت الجهود في نهاية أبريل وبداية ماي الجاري بقبول 30 مشروع لدعم تمثيلية النساء، 9 مشاريع قدمتها الأحزاب، و 6 مشاريع جمعيات ذات طابع وطني و 15 مشروعا من طرف جمعيات محلية، وبلغت الكلفة الإجمالية لهذه المشاريع 7 ملايين و 300 ألف درهم ممولة من طرف الصندوق بنسبة 60 في المائة. وسبقت هذه المبادرة مراجعة اللوائح الانتخابية التي جرت في ظروف إيجابية ساعدت على تحقيق الأهداف الرئيسية وخاصة ضبط هوية الناخبين وتحسين جودة اللوائح وشفافيتها. وقد شرع المواطنون قبل أيام في سحب بطائقهم، وتم كما أكد وزير الداخلية اتخاذ الإجراءات لتقريب المكاتب الإدارية لهذه الغاية، والذي دعا الأحزاب الى المساهمة في تأطير المواطنين وحثهم على سحب بطائقهم. العنصر الثالث الذي باشرته وزارة الداخلية يتمثل في تعبئة المواطنين عبر حملات تحسيسية في الإعلام المرئي والمسموع للتوعية بأهمية الشأن المحلي ودور الجماعة في سياسة القرب وآفاق الحكامة بالمغرب وحثهم على سحب البطائق الانتخابية والتعريف بطريقة الاقتراع وتفسيرها لتمكين كافة الفئات المجتمعية من فهمها. وفيما يخص تخليق العملية الانتخابية فإن السلطات العمومية كما جاء على لسان وزير الداخلية ستحرص على جعل الانتخابات مدخلا أساسيا لمصداقية المؤسسات التمثيلية وتنفيذ مضمون الاتفاقية المشتركة الموقعة بين وزارة العدل ووزارة الداخلية، وسيتم تعبئة كافة الوسائل والطاقات لرصد المخالفات الانتخابية وتحريك المتابعات وتقديم المخالفين الى العدالة، وقد تم في هذا السياق تفعيل اللجنة المركزية بالوزارتين والخلايا الجهوية والاقليمية والتي عهد إليها تتبع الشكايات المتعلقة بالخروقات الانتخابية والتصدي لها، كما تم اتخاذ تدابير تهدف الى تعبئة الأجهزة الأمنية لرصد كل التجاوزات التي قد تحصل خلال هذه الاستحقاقات وذلك تحت إشراف النيابة العامة، مع التزام السلطات المحلية والأمنية الحياد والتصدي لمحاولات استغلال وسائل الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية لأغراض انتخابية، وأكد وزير الداخلية أن نجاح هذه العناصر رهين الحفاظ على الأجواء الطبيعية للانتخابات والمنافسة الشريفة والانضباط، وأن الإجراءات الوقائية والزجرية غير كافية إذا لم تكن مصحوبة بإرادة قوية للأحزاب السياسية والناخبين. وفي ضوء هذه الإجراءات وضعت وزارة الداخلية مخططين استراتيجيين تحت اسم «الجماعة في أفق 2015» يشملان عدة ميادين لتدبير الشأن المحلي وإرساء التخطيط في التنمية المحلية، وتأهيل موارد الإدارة المحلية ومدها بأنظمة معلوماتية ووضع آليات للتوظيف لجلب الكفاءات ، وتحسين طرق تحصيل الجبايات المحلية وتدبير ممتلكات الجماعة، حيث صادق المجلس الوزاري على مشروع قانون لتدبير الممتلكات الجماعية سيحال في الأيام المقبلة على البرلمان. وأشاد وزير الداخلية بدور المجالس الجهوية للحسابات في تخليق أداء الجماعات المحلية، والأخذ بتوصيات تقاريرها لبلورة إجراءات احترازية، وقد أنجزت وزارة الداخلية في سنة 2008 ما يقرب من 150 مهمة مراقبة في الجماعات المحلية، ووقفت على أن أغلب الاختلالات مرتبطة بنقص في الإلمام بالمساطر، فيما كانت الخروقات القانونية محدودة وقد اتخذت إجراءات تأديبية بشأنها في حق 40 منتخبا. وفي الختام دعا وزير الداخلية الى ضرورة ترسيخ ثقافة التدقيق والافتحاص لدى المسؤولين الجماعيين وحث المواطنين على حسن اختيار من سيدبرون شؤونهم.