سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العيرج: نعيش فراغا قانونيا بخصوص علاقتنا بمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج قال إن مسألة العودة للمغرب مسألة شائكة وتتطلب مراعاة الوضع الاجتماعي لأسر وأبناء الأساتذة العاملين في أوربا
قرر أساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية في المهجر مواصلة حركتهم الاحتجاجية، إذ من المقرر أن يخوضوا وقفة احتجاجية ثانية أمام سفارة المغرب في باريس يوم الأربعاء، 27 يونيو 2012. «المساء» التقت رشيد العيرج، منسق اللجنة المحلية في باريس وضواحيها وعضو اللجنة التنسيقية لأساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية في أوربا، وأجرت معه الحوار التالي.. - منذ 2009 وملفكم لم يجد حلا، كيف ذلك؟ ملف تدريس اللغة العربية والثقافة المغربية بأوربا تؤطره الاتفاقيات المبرمة مع بعض الدول الأوربية التي توجد فيها أعداد كبيرة من الجالية المغربية بالخارج، اتفاقيات تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي. تكلفت وزارة الخارجية بالملف بعد إبرام هذه الاتفاقيات، ومنذ سنة 1992، أسند تدبير الملف إلى مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج. وبفعل تراكم الاختلالات التدبيرية التي انعكست بشكل كارثي على الأوضاع المادية والإدارية لرجال ونساء التعليم قرابة لعقدين من الزمن، وبعد المراسلات الكثيرة التي توصلت بها، طيلة سنوات، الجهات المتدخلة في الملف، وعلى رأسها مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، من طرف المتضررين من الأساتذة، فرادى وعلى شكل لجان، وتنسيقيات، وتهديد هؤلاء بالدخول في محطات نضالية قبل سنة 2009.. كل هذه المعطيات دفعت الوزير الأول إلى تشكيل لجنة مختلطة سنة 2009 وقفت على هذه الاختلالات التدبيرية. وخلصت اجتماعاتها إلى توقيع الأطراف المتدخلة في الملف على مجموعة من الالتزامات. - ما هي الالتزامات الواردة في المحضر الموقع من طرف أعضاء اللجنة المختصة؟ يلخص جلَّ هذه الالتزامات نص ما جاءت به رسالة الرئيس المنتدب لمؤسسة الحسن الثاني المذكورة، التي تقول: «عهد لهذه اللجنة بدراسة الموضوع وإيجاد الحلول العملية العاجلة لمختلف جوانبه الإدارية والمالية. وقد عرضت خلاصة أشغال اللجنة المذكورة على أنظار الوزير الأول ووزير الاقتصاد والمالية، الذي وافق على تسوية المستحقات على مدى ثلاث سنوات ابتداء من سنة 2010. وتضمنت الرسالة، أيضا، القرارات والتوصيات التي تم اتخاذها كما وردت في مراسلة وزير الاقتصاد والمالية، وهي كالتالي: وقف العمل بوضعية رهن الإشارة، لكونها لا تستند إلى مقتضى تشريعي أو تنظيمي، واعتماد وضعية الإلحاق. إبرام عقود جديدة بين مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج والمعلمين المتعاقدين سابقا مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. استفادة مجموع الأعوان العاملين في المؤسسة المذكورة من التعويض اليومي عن الإقامة وكذا السعر التفضيلي المعمول بهما لفائدة موظفي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون. وحتى لا تتكرر ما عرفته وضعية المدرسين العاملين في الخارج، التابعين لمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج من تجميد إداري ومادي، أضافت رسالة وزير الاقتصاد والمالية توصية تتمثل في «دعوة المؤسسة المذكورة إلى إبرام اتفاقية مع المركز الوطني للمعالجات لأجل أداء أجور الأعوان العاملين فيها انطلاقا من الاعتمادات المفتوحة لفائدتها، والتي يتعين عليها تحويل هذه الاعتمادات إلى المركز المذكور دفعة واحدة في بداية كل سنة وتخصيصها حصريا لأداء رواتب المعنيين بالأمر». وللإشارة، فإن جميع الموظفين المغاربة الملحقين بالخارج يستفيدون، بقوة القانون، من التعويضات الواردة في المرسوم والقرار الوزاريين رقم 2/75/898 و 2231/2008. وتبقى فئة رجال ونساء التعليم الممارسين في أوربا الفئة الوحيدة المستثناة دون غيرها من الفئات الملحقة للعمل في الخارج. ويشكل ذلك ضربا لتكافؤ الفرص بين موظفي الدولة وخرقا سافرا لقانون الوظيفة العمومية والمقتضيات التشريعية التي تؤطر وضعية الموظفين الملحقين للعمل بالخارج. - ما هو المشكل الحقيقي لملف أساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية في أوربا؟ المشكل إداري -تدبيري بالدرجة الأولى. فجميع المدرسين يعملون في مرافق الدولة ويطبق عليهم بالتالي القانون الأساسي للوظيفة العمومية والنصوص التنظيمية والتشريعية المكملة له. غير أن مؤسسة الحسن الثاني، بسبب اعتبارات نجهلها، وضعت جانبا هذه النصوص واعتمدت معايير ومقاييس من ابتكارها الخاص، لا تمتّ للقانون الإداري المغربي بِصِلة، وطبقتها ظلما على مدرسي اللغة العربية والثقافة المغربية، التابعين لها في الخارج. وكان لهذه الخروقات والتجاوزات وقع خطير على الحياة الإدارية والمالية والصحية والاجتماعية لجميع فئات المدرّسين، حيث جعلت منهم موظفين من الدرجة الثانية بالمقارنة مع زملائهم من الوزارات الأخرى العاملين في الخارج، في نفس الوضعية. - هل يمكن توضيح حقوقكم العالقة؟ تضمّنت حقوقَنا، التي نتمسك بها، بيانات ورسائل مختلف اللجن الممثلة لنساء ورجال التعليم في أوربا، وتتعلق، في جانب مهم منها، بتفعيل قرارات اللجنة المختلطة ومحتوى رسالة وزير المالية رقم 1357، المؤرخة بتاريخ 19 مارس 2010، تطبيقا لمضامين المنشور الوزاري رقم 2.75.898. هذه الحقوق الواردة في التزامات اللجنة المختلطة والمطالب الآنية الأخرى هي كالتالي: -التسريع بتسوية المتأخرات المادية الخاصة بالدفعات المتبقية الناتجة عن تجميد وضعيتنا الإدارية والمادية لسنوات، وتوضيح الطريقة الغامضة التي شابتها أخطاء خلال احتساب وصرف الدفعتين الأولى والثانية، تحيين الرواتب وفق الدرجة والرتبة، بإحالة أجور الأساتذة العاملين في أوربا على المركز الوطني للمعالجات (CNT) تفاديا للمزيد من تراكم المتأخرات، وتنفيذا لالتزامات مختلف الأطراف الموقعة على محضر اجتماعي 08 و15 دجنبر 2010، المنعقدين بمديرية الميزانية في الرباط، استفادتنا من التعويض اليومي عن الإقامة، وكذا من السعر التفضيلي المعمول بهما لفائدة موظفي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون. كما جاء في رسالة وزير الاقتصاد والمالية، الموجهة للوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج رقم 1375، بتاريخ 19 مارس 2010، وغيرها من المرتكزات القانونية التي أرفقناها بالمراسلات السابقة للأطراف المعنية، استفادة رجال ونساء التعليم في أوربا من زيادة 600 درهم الأخيرة في الأجور داخل المغرب، استفادة نساء ورجال التعليم من التغطية الصحية، أسوة بزملائهم في الخارجية. مطالبتنا بعدم الإقدام على اتخاذ أي تغيير للوضعية الإدارية دون موافقة مكتوبة من طرف المعني بالأمر، اعتماد مسطرة واضحة في حالة العودة إلى المغرب، تراعي الوضعية الجديدة للأساتذة وتحفظ لهم جميع حقوقهم، المادية والمعنوية، اعتبارا للمهمة الوطنية والنبيلة التي أسدوها إلى أبناء الجالية، إعداد برنامج دراسي خاص بتدريس اللغة العربية والثقافة المغربية في أوربا بإشراك الأساتذة الممارسين في عملية الإعداد والصياغة. - لمن تحملون مسؤولية عدم إيجاد حل لهذا الملف؟ بما أن الملف تتدخل فيه الأطراف التالية: المؤسسة باعتبارها المشغل الرئيسي، وزارة التربية الوطنية، وزارة التعاون والشؤون الخارجية، وزارة الاقتصاد والمالية، الوزارة المكلفة بالجالية. وبما أن «الوجه المشروك ما كيتغسلش»، كما يقال، فإننا نُحمّل المسؤولية بالدرجة الأولى للمؤسسة على سوء تدبير الملف، لعقدين من الزمن، وانعكاس ذلك جليا على الوضعية الإدارية والمادية لنساء ورجال التعليم التابعين لها. كما نحمّل المسؤولية، أيضا، للحكومة لعدم تجاوبها مع مراسلاتنا وبياناتنا ونضالاتنا. إذ المطلوب من رئيس الحكومة، بفعل تعدد المتدخلين، إعادة اللجنة المختصة إلى طاولة اجتماعاتها بحضور ممثلي الأستاذة لتنفيذ الالتزامات التي وقّعت عليها الأطراف المتدخلة ووضع حد لمعاناة أعضاء البعثة الثقافية وتمكينهم من حقوقهم، التي تنصّ عليها القوانين الجاري بها العمل، إحقاقا لكرامة الأساتذة، ومن خلالهم كرامة البلد وسمعته في الخارج، باعتبار الأساتذة سفراء للمغرب في أوربا بفضل تعاملهم اليومي مع رؤساء المؤسسات التعليمية التي يعملون فيها وأبناء الجالية المغربية وأولياء أمورهم وجمعيات آباء وأمهات التلاميذ. - ما علاقة مطالبكم بثورة الربيع العربي؟ تعود مطالب رجال ونساء التعليم أوربا إلى عقدين من الزمن، أي منذ تولي مؤسسة الحسن الثاني تدبير الملف. ونضالات أساتذة المهجر من أجل رفع الحيف الذي طال وضعيتهم المادية والإدارية بدأت قبل ثورة «الربيع العربي».. فمراسلات وبيانات الأساتذة وتمثيلياتهم كانت منذ سنين، والدليل على ذلك تشكيل الوزير الأول لجنة مختصة سنة 2009 لإيجاد حل للأوضاع المزرية التي تعيشها هذه الفئة في الخارج.. ونحن ندين، بشدة، كل محاولة تدفع في اتجاه إضفاء صبغة تمردية سياسية على طبيعة نضالاتنا، إذ يبقى الهدف الأساسي من هذه «المناوشات» هو تغليط الرأي العام المغربي والنخبة السياسية الحاكمة وزرع الشك حول نوعية الحراك وحقيقة أبعاده التدبيرية الكارثية. - تمت معاقبة 17 دبلوماسيا مغربيا وقيل إنك تتحملون مسؤولية عودتهم، ما رأيك؟ إنهاء مهام مجموعة من الدبلوماسيين المغاربة في أوربا أو إعادة تعيينهم في دول أخرى مسألة عادية وجارٍ بها العمل في السلك الدبلوماسي تطبيقا للمذكرات الجاري بها العمل في هذا الصدد. وحراك رجال ونساء التعليم في أوربا بدأ قبل هذه الضجة الإعلامية المتعلقة بالدبلوماسية المغربية، حيث إن الحراك، كما قلت موجود، قبل 2008 وامتد سنة كاملة تقريبا في بلجيكا. وإذا كان صحيحا هذا الربط بين نضالاتنا وما سمّيتموه عقاب الدبلوماسيين المغاربة في أوربا، فإننا نشير إلى أن الخارجية ليست إلا طرفا من بين الأطراف المتدخلة في الملف وليست الطرف الأساسي فيه. وعليه، يجب وضع الأصبع على مكمن النزيف والوقوف على مكمن الداء ومعالجة المشكل معالجة شمولية خدمة لمصالح الجالية المغربية، التي تطلب المزيد من الأساتذة لتعليم أبنائها اللغة العربية والثقافة المغربية. - يقول البعض إن الملف تم تسييسه.. ما رأيك؟ يؤدي رجال ونساء التعليم في أوربا واجبا وطنيا، إذ عليهم واجبات ولهم حقوق، مثلهم مثل باقي الموظفين. ومن أجل تطبيق القانون الذي يؤطر وضعيتهم في الخارج لن يكَلّوا ولن يمَلّوا في مراسلة الجهات المتدخلة في الملف، كما فعلوا منذ مدة وعند استنفاد لغة المراسلات وانغلاق آليات الحوار الجاد والمسؤول، فإنهم سيكونون مضطرين إلى التعبير عن حقوقهم ومطالبهم بالطرق السلمية التي يرونها مناسبة.. ولا علاقة لتحركهم بالتسييس، لا من قريب ولا من بعيد، لأن مطالبهم مطالب اجتماعية وإدارية محضة.