لم يمض سوى أقل من شهر على انهيار منزل بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، خلف خمسة قتلى، حتى انهار أول أمس منزل آخر بنفس المدينة، مخلفا مقتل ثلاثة أشخاص، وعددا من الجرحى. انهيار المنازل القديمة الآيلة للسقوط أصبح ظاهرة تتكرر كل مرة في عدد من المدن، مثل فاس والدار البيضاء ومراكش وسلا وغيرها، لأن المدينة القديمة في كلٍّ من هذه المدن تضم دورا عتيقة تعود إلى زمن بعيد تفصلنا عنه سنين طويلة لم تخضع خلالها تلك الدور لأي صيانة من أي نوع، كما أن الحكومة والمسؤولين المحليين لم يبدوا تجاهها أي اهتمام يذكر، مع العلم بأنهم جميعا يعرفون أنها معرضة للسقوط الذي من شأنه التسبب في كارثة إنسانية، والدليل أن الاسم الرسمي لهذه الدور هو «الدور الآيلة للسقوط». لا ينبغي أن تبادر الحكومة، كلَّ مرة يقع فيها حادث انهيار مخلفا ضحايا، إلى تشكيل لجان لإحصاء هذه الدور، بل يجب وضع سياسة ناجعة وفعالة لإعادة ترميم تلك الدور وإصلاحها بحيث تصبح قابلة لإيواء أصحابها في ظروف سليمة خالية من المخاطر، أو إعادة إسكانهم وفتح ورش إصلاح هذه الدور المهددة بالسقوط، حتى لا تتكرر المآسي في كل مرة ويتم تشكيل لجنة في انتظار كارثة مقبلة. كوارث انهيار الدور والبنايات لا تقتصر فقط على المدن العتيقة، بل أصبحت خطرا يهدد حتى بعض البنايات الجديدة التي يشرف عليها مقاولون عقاريون، كما حصل في مدينة القنيطرة قبل مدة عندما انهارت عمارة بكاملها في طور البناء مخلفة عدة ضحايا، والواجب على الحكومة تشديد المراقبة واليقظة إزاء التجزئات التي تبنى حديثا، لأن بعض المقاولين يمارسون الغش في مواد البناء مستغلين انعدام المراقبة والتتبع من لدن المسؤولين.