المطلب الثاني: على مستوى القوانين التنظيمية الفقرة الأولى: مقتضيات قانونية: ينص الباب الرابع من الدستور، والمتعلق بالسلطة التشريعية في مجال تنظيم البرلمان، على مجموعة من القوانين التنظيمية: - قانون تنظيمي متعلق بمجلس النواب؛ - قانون تنظيمي متعلق بمجلس المستشارين؛ - قانون تنظيمي متعلق بلجان برلمانية لتقصي الحقائق. إننا من خلال تصفحنا للقانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، نلاحظ أنه احترم التراتبية الواردة في الدستور، خاصة في الفصل 62، حيث ركز على المحاور التالية: عدد أعضاء مجلس النواب ونظام انتخابهم ومبادئ تقسيم انتخابهم وشروط القابلية للانتخابات وحالات التنافي ونظام المنازعات الانتخابية، ونفس الأمر ينطبق على القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين. الفقرة الثانية: ملاحظات: من خلال ما ذكرناه يمكن تسجيل الملاحظات التالية: 1 - إن القانونين التنظيميين يضبطان مقتضيات مهمة غالبا ما تثير مجموعة من الإشكالات، فعدد الأعضاء ونظام الانتخابات ومبادئ التقسيم، سواء في مجلس النواب أو في مجلس المستشارين، مضمونة بمنطق القانون، وكذلك شروط القابلية للانتخابات وحالات التنافي؛ كما أكدا أخيرا على المنازعات الانتخابية والمخالفات المرتكبة والعقوبات المقررة لها. إن كل هذه المقتضيات واحترامها تفرز لنا برلمانا يمارس سلطته التشريعية والرقابية وغيرها. 2 - إن الباب الرابع المتعلق بتنظيم البرلمان في الدستور يشير إلى أن القانون التنظيمي يحدد طريقة تسيير لجان برلمانية لتقصي الحقائق. السؤال المطروح: هل، فعلا، تعتبر هذه الأجهزة داخلة في إطار التنظيم أم الرقابة؟! وحسب تقديرنا، فإن الجهاز المقصود يتخذ بعدين أساسيين: أولهما: تنظيمي يتضمن هيكلتها وشروط تشكيلها؛ وثانيهما: سياسي رقابي يدخل في التنافس الديمقراطي بين الأغلبية والمعارضة في متابعة تدبير العمل الحكومي والسياسات العمومية والمؤسسات والمقاولات الاستراتيجية التي تعمل تحت وصاية الدولة. وللإشارة، فإن القوانين التنظيمية تحال على المحكمة الدستورية قبل إصدار الأمر بتنفيذها.
المطلب الثالث: على مستوى الأنظمة الداخلية الفقرة الأولى: مقتضيات عامة: ينص الفصل 69 من الدستور من الباب الرابع المتعلق بتنظيم البرلمان على أن كلا من المجلسين يضعان نظامهما الداخلي ويقرانه بالتصويت، وتجري عليهما نفس الأحكام المتعلقة بالقوانين التنظيمية، حيث لا يجوز العمل بهما إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتهما لأحكام الدستور. لقد صدر النظام الداخلي لمجلس النواب متضمنا ثمانا وتسعين (98) مادة. وللإشارة، فقد تم إصدار قرارين للمجلس الدستوري في شأنه: القرار الأول: 4 فبراير 2012 رقم 12/829؛ القرار الثاني: 16 فبراير 2012 رقم 12/838. أما النظام الداخلي لمجلس المستشارين فقد تضمن 326 مادة. وينص الفصل 69 من الدستور على أنه يتعين على النظامين الداخليين مراعاة التناسق والتكامل بينهما، متضمنين خاصة قواعد وتأليف وتسيير الفرق والمجموعات البرلمانية والحقوق الخاصة بفرق المعارضة وأعمال اللجان والجلسات العامة والجزاءات المطبقة في حالة الغياب، مع تخصيص رئاسة لجنة أو لجنتين للمعارضة على الأقل، مع مراعاة مقتضيات الفصل (10) من الدستور الذي خول للمعارضة حقوقا من شأنها النهوض بمهامها في العمل البرلماني والحياة السياسية. فإلى أي حد تجلت هذه المقتضيات الدستورية في النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان؟! الفقرة الثانية: دورات المجلسين والمكتب المؤقت: يعقد كلا المجلسين دورتين عاديتين في السنة تفتتح الأولى برئاسة الملك يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر والدورة الثانية يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل. يشكل كلا المجلسين مكتبا مؤقتا يرأسه الأكبر سنا أو من يليه في حالة ما إذا تعذر على الأول المجيء، إلا أن المادة الخامسة من النظام الداخلي لمجلس المستشارين تعطي رئيسَ مجلس المستشارين صلاحية ترؤس الجلسة الافتتاحية في حالة تعذر حضور الأول والثاني. وتنحصر مهمة المكتب المؤقت في المجلسين، والذي يتكون من الرئيس والأربعة أعضاء الأصغر سنا، في تسيير الجلسات الخاصة بانتخاب كل من الرئيسين وأعضاء المكتبين. إلا أن النظام الداخلي لمجلس النواب، بناء على المادة (14)، يشترط مبدأ المناصفة في تشكيل المكتب المؤقت، انطلاقا من الفصل (19) من الدستور. ويلاحظ على مستوى تأليف المكتبين أن هناك خلافا يتجلى في ما يلي: - يتكون مكتب مجلس النواب من رئيس و(8) نواب، ومحاسبين و(3) أمناء؛ - يتكون مكتب مجلس المستشارين من: رئيس و(5) خلفاء و(3) محاسبين و(3) أمناء. الفقرة الثالثة: انتخاب الرئيس ومكتب المجلس: أما على مستوى انتخاب رؤساء المجلسين، فإنه يخضع إلى المساطر التالية: - ينتخب رئيس مجلس المستشارين عن طريق الاقتراع السري للأغلبية المطلقة للأعضاء في دورتين وبالأغلبية النسبية في الدورة الثالثة؛ - ينتخب رئيس مجلس النواب عن طريق الاقتراع السري بالأغلبية المطلقة للأعضاء في الدور الأول وبالأغلبية النسبية في الدور الثاني. ويجري انتخاب باقي أعضاء المكتب بكيفية يراعى فيها التمثيل النسبي للفرق. كما ينتخب أعضاء مكتب مجلس النواب في مستهل الفقرة النيابية، ثم في سنتها الثانية على أساس التمثيل النسبي لكل فريق. الفقرة الرابعة: اختصاصات المجلسين: نشير، أولا، إلى أن هناك حالة تناف بين العضوية في مكتب المجلس والعضوية في الحكومة أو رئاسة إحدى لجان المجلس. إلا أن نظام مجلس النواب يضيف رئاسة فريق نيابي أو رئاسة لجنة مراقبة صرف ميزانية المجلس. وبالإضافة إلى الرئيس ونوابه، هناك المحاسبون الذين يسهرون تحت إشراف المكتب على التسيير المالي والإداري للمجلس، أما الأمناء فيقومون بمراقبة تحرير محاضر الجلسات العامة وعمليات التصويت التي تتم خلالها، وكذلك سائر الاقتراعات. ويضع المكتب جدول الأعمال ويشرف على مناقشات المجلس، ويضع ميزانية المجلس ويسير شؤونه المالية. ملاحظات: - يلاحظ أن هناك بعض الاختلافات في الجزئيات، وهذا راجع إلى عدم إصدار نظام داخلي ملائم للدستور بالنسبة إلى مجلس المستشارين. ونتوقع أن يتم تشكيل المجلس طبقا للمقتضيات الدستورية والقانونية والتنظيمية الجديدة في أفق نهاية 2012.