كانت مشاركة المغاربة الذين بلغ عددهم 150 ألف جندي حاسمة في انتصار جنود الجنرال فرانكو المتحالف مع الكنيسة ضد الشيوعيين والجمهوريين الذين كان يرى فيهم حماة دين الرب خطرا على المسيحية في دولة تعد ضمن أهم قلاع أبناء عيسى عليه السلام، بل تعتبر تلك الحرب الوحيدة في تاريخ الحروب الأهلية في أوروبا والعالم التي لعب فيها المقاتلون المسلمون دورا رئيسيا لوصول أحد الأطراف المسيحية إلى الحكم. ولعب الماريشال محمد أمزيان دورا حاسما في تجييش المقاتلين المغاربة للقتال في شبه الجزيرة الإيبيرية، نظرا للعلاقة التي ربطته بفرانكو منذ جاء إلى المغرب ضابطا صغيرا ولامعا في الجيش إلى أن أصبح جنرالا سيحكم إسبانيا مدة أربعة عقود كاملة، وبحكم خبرته بعقلية المغاربة في مناطق جبالة والريف فقد لعب فرانكو والجنرالات المحيطون به على العامل الديني لضمان تجييش أكبر عدد من المقاتلين المغاربة إلى جانبه في حربه ضد الجمهوريين والشيوعيين، فأطلق الإسبان إشاعات مفادها أنهم سيحاربون الكفار الشيوعيين، وأنهم يساندون المؤمنين بالله، في إشارة إلى الكنيسة الكاثوليكية، وروج إلى أن الشيوعيين خطر على الإسلام والديانات السماوية، فالقتال إلى جانب فرانكو صيغ على أساس أنه شكل من أشكال الجهاد. وكانت شائعات أخرى تشير إلى أن الجنرال فرانكو، زعيم الجنرالات المتمردين على الجمهورية، اعتنق الإسلام، وأنه يحارب الشيوعيين الكفرة، بل قالت أخبار أخرى إنه بعد الحرب سيعطي فرانكو الاستقلال للمغرب ويعيد الأندلس للمسلمين بعدما طردتهم إيزابيل الكاثوليكية منها. ورغم ذلك، فإن مؤرخا مثل عزوز حكيم يعتقد أن شائعات بهذا الشكل لم يكن لها تأثير كبير في عملية تجنيد المغاربة، فاستخدمت القوة والترهيب في عدة مناسبات في وقت كان شمال المغرب خاضعا للحماية الإسبانية. وفي جميع المعارك التي شاركوا فيها اكتسب المغاربة سمعة رهيبة بحكم تعودهم على القساوة، وركز بعض المؤرخين على طريقة تعاملهم مع كل قرية أو مدينة يدخلونها، وكان مجرد ذكرهم يثير الرعب في صفوف الاسبان العاديين أو المنتمين إلى الصف الجمهوري، كما أنهم لعبوا أدوارا حاسمة في معارك مهمة في الحرب الأهلية خصوصا في محاولة لدخول مدريد، وكان يدفع به في المعارك الأكثر شراسة، ومات عدد كبير منهم في هذه المواجهات الطاحنة تاركين خلفهم عائلاتهم وأبناءهم في شمال المغرب وكثيرون منهم لم يعودوا أبدا. ويرى الصحافي والمؤرخ الإسباني فرانسيسكو سانشيث روانو أن الجيش المنظم الذي عرفته إسبانيا هو الذي كان مشكلا من الألوية الأجنبية والمغاربة والذي كان موجودا في شمال المغرب، لقد كان الجيش الإسباني لإفريقيا أكثر دربة واستعدادا لخوض الحرب. ورغم مرور أزيد من سبعين عاما على الحرب الأهلية الإسبانية، مازالت أغاني خالدة كان ينشدها الجمهوريون تؤكد على دور المغاربة الحاسم في محاولة إخضاع مدريد مثل هذه الاغنية التي تقول في مطلعها: المغاربة الذين جلبهم فرانكو يريدون دخول مدريد مادام هناك مليشيات فالمغاربة لن يمروا غدا أردت أن تكتب لي فأنت تعلم أين تجدني الكتيبة المختلطة الثالثة على خط النار. الأحداث الرئيسية: 1931 : إعلان الجمهورية الإسبانية الثانية. ألفونسو الثامن يتنازل عن العرش. فبراير 1936: تحالف الأحزاب اليسارية يتسلم السلطة من اليمين في الانتخابات. 17-18 يوليوز: ثورة الجيش - المتمردون يستولون على حوالي ثلث إسبانيا. 28 يوليوز: الطائرات الإيطالية والألمانية تنقل جيش فرانكو من المغرب الإسباني إلى إسبانيا في أول عملية نقل جوي لجيش في التاريخ. نونبر: القوات الجمهورية تصد هجوماً كبيراً للوطنيين على مدريد بعد وصول مدد من الاتحاد السوفييتي والفرق الدولية. يناير - مارس 1937: فرانكو يفشل في الاستيلاء على مدريد في هجومين منفصلين رغم دعم القوات الإيطالية. أبريل: تدمير جيرنيكا. ماي: نشوب القتال بين قوات الجمهوريين يضعف برشلونة. يونيو: بلباو تسقط في يد الوطنيين. يوليوز: الوطنيون يحبطون هجوما معاكسا للجمهوريين في برونيت. أكتوبر: سقوط خيخون وانتهاء الحرب في الشمال. فبراير - أبريل 1938: بعد معركة للاستيلاء على تورويل القوات الوطنية تصل إلى البحر الأبيض المتوسط وتشطر بذلك المنطقة التي يسيطر عليها الجمهوريون إلى شطرين. يوليوز - نونبر: معركة إبرو - قوات الجمهوريين تشن حملة ناجحة لإعادة توحيد المنطقة. يناير فبراير 1939: الوطنيون يستولون على كاتالونيا بهجوم كاسح. 27 مارس: مدريد تسقط في أيدي الوطنيين. فاتح أبريل: إعلان انتصار الوطنيين.