تفرض علينا نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي قادت مرشح الحزب الاشتراكي، فرانسوا هولاند، إلى قمة هرم السلطة في فرنسا، التوقف لحظات للتأمل. وقد أظهرت هذه النتائج، في البداية، عودة التيار الاشتراكي في فرنسا. وهي عودة تأتي عقب الربيع العربي الذي شكل مصعدا رفع الإسلاميين إلى الحكم في العالم العربي في ظرف قياسي بعدما ظلوا عاجزين عن ذلك على مدى عقود. الأمر ذاته يطرح في المغرب الذي يسير حكومته حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، والذي سيصير مطلوبا منه الآن التعاون مع حكومة فرنسية جديدة ذات مرجعية اشتراكية، فهل هذا ينبئ بصعوبة حدوث توافق مرن بين حكومة بنكيران وهولاند في القادم من الأيام؟ النتيجة الثانية التي أظهرتها انتخابات فرنسا هي الصعود التدريجي لقوى اليمين المتطرف، ممثلا في حزب الجبهة الوطنية. ويطرح بروز هذا التيار اليميني -الذي يتوقع الجميع أن يتعمق خلال الانتخابات التشريعية الفرنسية المقبلة- كذلك إشكالا بالنسبة إلى المغرب، خصوصا وأن هذا التيار لا يخفي حقده الدفين وتفكيره العنصري تجاه المهاجرين، وعلى رأسهم المسلمون والعرب، والمغاربة في مقدمتهم. كما أظهرت النتائج الفرنسية كذلك أن أكثر الذين صوتوا لصالح ساركوزي، الذي بنى حملته الانتخابية على خطاب معاد للمهاجرين، ينتمون إلى الفئة العمرية المتراوحة ما بين 18 و24 سنة، مما يعني أن جيل فرنسا القادم ميال أكثر إلى الخطاب اليميني الذي يحمل موقفا متصلبا من قضية الهجرة. هذه العوامل، إلى جانب تصويت عدد كبير من الناخبين الفرنسيين الموجودين في المغرب لصالح أحزاب اليمين، بما فيها المتطرفة، تدعو إلى بدء تفكير سياسي واستراتيجي حول مستقبل العلاقات المغربية الفرنسية، وخاصة ملف المهاجرين المغاربة هناك.