نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية بهذه المناطق    رسمياً.. بلدان إفريقيان يشرعان في إنتاج الغاز الطبيعي    الدرهم يتراجع أمام الدولار بنهاية العام    برنامج الجولة 18 من البطولة الاحترافية ومواعيد المباريات المؤجلة    انتحار اللاعب الأوروغوياني أكونيا    مسرحية هم تمثل المغرب في الدورة ال5 عشرة لمهرجان المسرح العربي    انطلاق أشغال مؤتمر الألكسو ال14 لوزراء التربية والتعليم العرب بمشاركة المغرب    الإعلان في المغرب عن تأسيس المنظمة الإفريقية لحقوق الإنسان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    الناظور..جمعية مغرب الثقافات والفنون تنظم الدورة الثانية لمهرجان أنيا للثقافة الأمازيغية    وقفة احتجاجية تضامنا مع سعيد آيت مهدي أبرز المدافعين عن ضحايا زلزال الحوز    هولندا.. شرطة روتردام تحذر المواطنين بعد 3 حوادث إطلاق نار لنفس الشخص    تاوسون تتوج بدورة أوكلاند للتنس بعد انسحاب اليابانية أوساكا    برشلونة يعلن جاهزية لامين يامال    "ميتا" تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتطوير تجربة التواصل الاجتماعي    مصر تترقب بقلق صعود إسلاميي تحرير الشام إلى السلطة في سوريا    وزير خارجية سوريا يصل الدوحة في أول زيارة لقطر    عصابة للتنويم المغناطيسي تسرق ملايين الدينارات بلمسة كتف في بغداد    88 قتيلا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    انخفاض المبيعات السنوية لهيونداي موتور بنسبة 1,8 بالمائة    دوري أبطال إفريقيا: الرجاء الرياضي يفوز على ضيفه ماميلودي صن داونز '1-0'    خبراء مغاربة يؤكدون عدم وجود تهديد استثنائي من "فيروس HMPV"    المغرب يفرض "رسما مضادا للإغراق" ضد الأفران الكهربائية التركية    مصرع شخصين إثر تحطم طائرة خفيفة قبالة الساحل الشرقي لأستراليا    تفاصيل متابعة جزائري بالإرهاب بفرنسا    "أدناس" يستحضر تيمة "الشعوذة"    فيروس رئوي جديد يثير قلقا عالميا    مطالب للحكومة بتوعية المغاربة بمخاطر "بوحمرون" وتعزيز الوقاية    الصين تطمئن بشأن السفر بعد أنباء عن تفشي فيروس خطير في البلاد    أسباب اصفرار الأسنان وكيفية الوقاية منها    إسرائيل تؤكد استئناف المفاوضات مع حماس بقطر وكتائب القسام تنشر فيديو لرهينة في غزة    آخر الأخبار المثيرة عن حكيم زياش … !    المرأة بين مدونة الأسرة ومنظومة التقاعد    هزيمة جديدة للمغرب التطواني تزيد من معاناته في أسفل ترتيب البطولة الاحترافية    5.5 مليار بيضة و735 ألف طن من لحوم الدواجن لتلبية احتياجات المغاربة    حادث سير بشارع الإمام نافع في طنجة يعيد مطالب الساكنة بوضع حد للسرعة المفرطة    أمن مراكش يحجز 30 ألف قرص طبي    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تُعلن تشغيل المسار البرتقالي من قطار الرياض    المشاركون في النسخة ال16 من لحاق أفريقيا ايكو رايس يحطون الرحال بالداخلة    جنازة تشيّع السكتاوي إلى "مقبرة الشهداء".. نشطاء يَشهدون بمناقب الحقوقي    "نصاب" يسقط في قبضة الشرطة    إحراج جديد لنظام الكابرانات أمام العالم.. مندوب الجزائر بالأمم المتحدة ينتقد وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية علنًا    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من أقاليم الشمال    منيب: نريد تعديلات لمدونة الأسرة تحترم مقاصد الشريعة لأننا لسنا غربيين ولا نريد الانسلاخ عن حضارتنا    تامر حسني يخرج عن صمته ويكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل    سليم كرافاطا وريم فكري يبدعان في "دا حرام" (فيديو)    رالي "أفريكا إيكو ريس".. تجاهل تهديدات البوليساريو والمشاركون يواصلون رحلتهم على أراضي الصحراء المغربية    بطولة انجلترا.. الفرنسي فوفانا مهدد بالغياب عن تشلسي حتى نهاية الموسم    خبراء يحذرون من استمرار تفشي فيروس "نورو"    تشاينا ايسترن تطلق خط شنغهاي – الدار البيضاء    افتتاحية الدار: الجزائر بلد الطوابير.. حين تصبح العزلة اختيارًا والنظام مافياويًا    عبد الرحمان بن زيدان.. قامة مسرحية شامخة في الوطن العربي بعطائه المتعدد وبَذْله المُتجدّد    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبح اليمين المتطرف يخيم على الانتخابات الرئاسية في فرنسا
حصد نتيجة «تاريخية» في الدور الأول والجميع ينتظر مآل أصواته في الدور الثاني
نشر في المساء يوم 26 - 04 - 2012

بعد الصدمة التي تلقتها القوى السياسية الفرنسية في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، بحصول الجبهة الوطنية المتطرفة
على 18,30 في المائة من الأصوات، أي قرابة 6,4 ملايين ناخب، أخرج استراتيجيو وإعلاميو كل معسكر آلاتهم الحاسبة لتعداد الأصوات وضرب الأخماس في الأسداس لمعرفة الخارطة المحتملة للتصويت النهائي والنسب التقريبية لكل مرشح. كما بدا جليا أن شبحا اسمه الجبهة الوطنية أصبح يخيم بالفعل على فرنسا، بما يمثله من أفكار عنصرية وإسلاموفوبية ونبذ للآخر باسم قيم وطنية شوفينية، إضافة إلى أن هذا الشبح سيلعب دور «الحكم» في الدور الفاصل بين اللاعبين الأساسيين في الطريق إلى الإليزيه، هولاند وساركوزي.
«ظل لوبان على الجولة الثانية» يلخص هذا العنوان، الذي تصدر الصفحة الأولى لجريدة «لوموند»، المناخ السياسي لما بعد الجولة الأولى. لكن اللفظة التي تليق أكثر بالظرف الحالي هي لفظة «شبح». إذ يخيم بالفعل على فرنسا شبح اسمه الجبهة الوطنية بما يمثله من أفكار عنصرية وإسلاموفوبية ونبذ للآخر باسم قيم وطنية شوفينية. إذ صوت قرابة 6,4 ملايين ناخب فرنسي لصالح الجبهة الوطنية. إلى درجة حديث الجريدة الالكترونية «Rue 89» عن «دمقرطة العنصرية». وبحصولها على 18,30 بالمائة، ضاعفت مارين لوبان النسبة التي حصل عليها والدها في استحقاق 2007، والتي كانت قد قاربت 10 بالمائة. حول خزان أصوات الجبهة سيبدأ الصراع إذن بين المرشحين الرئيسين، فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي. فما هي حظوظ كل منهما لاستقطاب هذه الأصوات؟ اعتبر معسكر ساركوزي بأن اللعبة لم تنته بعد ولازالت لها عدة أشواط، بل أشواط إضافية. عشية إعلان النتائج صعد ساركوزي إلى منصة قاعة موبير موتواليتي المعروفة بإيوائها تجمعات اليسار ليرسم أمام أنصاره معالم خطة الطريق، التي سيعتمدها في الجولة الثانية، والتي تقوم ركائزها على التموقع في مساحة اليمين الأقصى. وجاء في كلمته بأن «ثمة مخاوف، آلام وهواجس حيال عالم جديد بدأ في التشكل. أعرف وأفهم هذه المخاوف والهواجس التي تنصب على الحدود، على الهجرة، نقل المصانع، الأمن، ورد الاعتبار لقيمة للعمل». ليست مواضيع الهجرة والأمن غريبة فعلا على ساركوزي، بل جعل منها خلال ولايته وفي حملته الانتخابية الرئاسية حصان طروادة. وكلف وزيره في الداخلية، كلود غيان، بمهمة الدركي لإيقاف وطرد المزيد من الأجانب وتضييق الخناق عليهم. وعلى الرغم من طرد ما يقرب من 30 ألف أجنبي، تعتبر الجبهة الوطنية أن سياسته تبقى رخوة، بل متسامحة مع الهجرة، مما يعني أنه مطالب لإرضاء مطالبها بطرد المزيد من الأجانب. أما معسكر فرانسوا هولاند، ولكي لا ينفصل عن قاعدة اليسار، وبالأخص «جبهة اليسار» بزعامة جان-ليك ميلنشون، فأكد على شريحة العمال والفلاحين والشباب التي صوتت لصالح اليمين المتطرف بسبب التذمر وتنامي البؤس، اللذين تعتبر سياسة ساركوزي الميالة لإغناء الأثرياء أحد مسبباتها الرئيسية. وفي مقابلة مطولة خص بها صحيفة «ليبراسيون» يوم الثلاثاء الماضي، أوضح فرانسوا هولاند بأنه سيعمل على إقناع ناخبي الجبهة الوطنية الذين ينتمي قسم كبير منهم لليسار. «يجب أن يلتحقوا بمعسكر التقدم، المساواة، التغيير، الجهد المشترك، العدالة، لأنه ضد الامتيازات وضد العولمة التجارية وضد أوروبا في وضعية انهيار...». فإلى أي حد سينصاع ناخبو الجبهة لغزل المرشحين؟ إلى الآن لم تعط مارين لوبان تعليمات واضحة لقاعدتها بالتصويت لأحد المرشحين، بل اكتفت في كل المناسبات التي طرح عليها السؤال بالخبط بشدة عليهما وإعطاء موعد الفاتح ماي كتاريخ للحسم في الاختيار بين «شرين».
التحالف مع الشيطان
يبقى إذن درس أو دروس النتيجة التي حصلت عليها الجبهة. يترجم هذا التصويت لصالح الجبهة الوطنية أزمة اقتصادية في المقام الأول، ثم أزمة أخلاقية غير مسبوقة ثانيا، على الأقل في تنامي الفوارق الاجتماعية بين الأثرياء والفقراء. كما يترجم بلدا مصابا بداء الساركوزية. بعد أن استقطب ساركوزي قاعدة الجبهة في انتخابات 2007 رجعت هذه الأخيرة إلى أصليها ومصدريها الطبيعيين: من جهة «الجبهة الوطنية» المتطرفة ومن جهة أخرى «جبهة اليسار» بزعامة جان لوك ميلنشون. اليوم لصالح من ستصوت هذه القاعدة بعد أن تكون رئيستها قد حسمت في مسألة الاختيار؟ هل ستصوت لصالح ساركوزي، الذي تريد مارين لوبان الانتقام منه ومعاقبته؟ أم لصالح فرانسوا هولاند عدوها الطبقي؟ المعلوم أن ساركوزي على استعداد للتحالف مع الشيطان شريطة أن يبقى على رأس السلطة. وقد أفصح دون مواربة منذ إعلان النتائج عن كنه أفكاره لما عرف بالأولويات التي سيركز عليها في حملته الانتخابية للدور الثاني: الأمن، الهجرة، القيم الفرنسية. كما أنه أوضح أنه على استعداد ليلبس قناع الجبهة، وهو ما ستترجمه الشعارات القادمة التي طبخها مهندس أفكاره باتريك بويسون، الذي «كسر أسنانه» في صفوف الجبهة الوطنية مع جان-ماري لوبان قبل أن يقلب معطفه ويلتحق بساركوزي ليصبح ملهمه المتطرف. هذه المرة، لن يكتفي ساركوزي بالاستنساخ بل سيكون مضطرا لطرح أوراقه العنصرية على المكشوف. وحتى بالنسبة إلى جهة الحزب الاشتراكي، فإن الاتجاه نحو نزع هالة الشيطنة عن الحزب المتطرف واعتباره حزبا عاديا وطبيعيا بدأت في التسرب إلى أذهان المسؤولين الاشتراكيين. وقد جاءت تصريحات سيغولين رويال وبيار موسكوفوفيتسي في هذا الاتجاه. إذ أشارت المرشحة السابقات لرئاسيات 2007 إلى أنه يجب تفهم ناخبي الجبهة الوطنية. في هذه الأثناء تفرك مارين لوبان راحتيها استعدادا لاستحقاق آخر سيمكنها من وضع أقدامها في مجلس النواب القادم. وستكون معركة تكريس الجبهة ودخول العنصريين إلى البرلمان لأول مرة في تاريخ الجمهورية الخامسة. على مستوى آخر، تسعى مارين لوبان إلى تفجير اليمين الكلاسيكي من الداخل، وبالأخص حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية التابع لساركوزي، وأخذ زعامة حزب يميني وطني متطرف بأبعاد أوروبية. لذا رفعت شعار: «لا يمين ولا يسار» وإنما جمع وتوحيد صفوف جميع الوطنيين من اليسار كانوا أو من اليمين.
أصوات من ذهب
بعد الصدمة التي تلقتها جميع القوى السياسية بحصول الجبهة الوطنية المتطرفة على 18,30 بالمائة أخرج استراتيجيو وإعلاميو كل معسكر آلاتهم الحاسبة لتعداد الأصوات وضرب الأخماس في الأسداس لمعرفة الخارطة المحتملة للتصويت النهائي والنسب التقريبية لكل مرشح. من جهة فرانسوا هولاند- الذي يتوفر على رأسمال انتخابي يتشكل من قاعدة صلبة من المؤيدين: جبهة اليسار الحائزة على 11,7بالمائة، أنصار البيئة الخضر بنسبة 2,3 بالمائة، ثم جبهة اليسار الراديكالي المؤلف من فيليب بوتو عن الحزب المعادي للرأسمالية بنسبة 1,16 بالمائة، وناتالي آرتو عن الحزب العمالي التي فازت بنسبة 0,56 بالمائة...- بإمكانه أن يغرف من خزان واحتياطي قسم من حزب الوسط التابع لفرانسوا بايرو، وقسم من الجبهة الوطنية، مما قد يرفع نسبته الإجمالية إلى 54 بالمائة. أما نيكولا ساركوزي، فيشير معهد إيبسوس لاستطلاعات الرأي إلى أن قسما من ناخبي الجبهة المتطرفة، تبلغ نسبته 60 بالمائة، ستصوت لصالحه، وأن أنصار فرانسوا بايرو، الذي حصل على 9,19 بالمائة سيصوتون عليه بنسبة 32 بالمائة، فيما سيصوتون بنسبة 33 بالمائة لصالح فرانسوا هولاند.
مفاجآت الجولة الثانية
خلافا للدور الأول، الذي أجمع المراقبون والمحللون السياسيون على طابعه الباهت، الروتيني والفلكلوري، فإن الدور الثاني من المرتقب أن يكون ساخنا، بل حارا، ومن غير المستبعد أن تستعمل فيه الضربات تحت الحزام. في التجمع الذي أقامه نيكولا ساركوزي بالموبير ميتياليتي، يذكرنا تصريحه لما دعا فرانسوا هولاند إلى ثلاث مناظرات بالتصريحات التي يدلي بها الملاكمون قبل الصعود إلى الحلبة وهم يسبون خصومهم بكلمات نابية قادحة. لكن استراتيجية الاستفزاز التي لا يتردد ساركوزي في توظيفها أدرك للتو مقالبها فرانسوا هولاند.
فاتح ماي وساحات الاستعراض.
سيكون فاتح ماي مناسبة الاستعراضات الكبرى التي ستظهر فيها الجبهتان، الجبهة الوطنية المتطرفة وجبهة اليسار، قوتهما ووزنهما الحقيقي. ودخل على الخط نيكولا ساركوزي، الذي دعا إلى عقد «فاتح ماي للعمل الحقيقي». فالجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبان ضربت موعدا لأنصارها لتخليد ذكرى جان دارك، التي تم الاحتفاء مؤخرا بمرور 600 سنة على وفاتها، والتي استقطبتها الجبهة الوطنية المتطرفة لتسخيرها كرمز للمقاومة ضد المحتل الأجنبي. إذ كانت وراء تحرير فرنسا من الاحتلال البريطاني، قبل القبض عليها وإحراقها. وحتى نيكولا ساركوزي اكتشف فضائلها الوطنية لما ترأس مراسيم الاحتفال بهذه الذكرى. واعتادت الجبهة الوطنية القيام بمسيرة في اتجاه النصب التذكاري لجان دارك الواقع بالقرب من متحف اللوفر للاستماع إلى الخطب النارية لجان ماري لوبان وابنته. أمام تمثال جان-دارك قد تخرج هذه الأخيرة من عباءتها الكثير من المفاجآت. ومن موقع وزنها الانتخابي ونسبتها المرتفعة، ستلجأ لا محالة إلى لغة الابتزاز. إذ ما يهمها في المقام الأول هو الحفاظ على خزان الأصوات تأهبا للانتخابات التشريعية، وثانيا العمل على تفجير اليمين الكلاسيكي من الداخل مع استقطاب اليمين الشعبي داخل يمين أرحب يكون رأس جسر لليمين المتطرف الأوروبي. أما جبهة اليسار فستدفع بمناضلي الحزب الشيوعي والكونفدرالية الديمقراطية
للشغل إلى الشارع. وقد ارتكب ساركوزي خط قاتلا لما هاجم النقابات، التي قد تنتهز الفرصة للرد عليه بالمثل. وستكون الشعارات التي سيرفعها اليسار واضحة في هذا الاتجاه: المطالبة برحيل ساركوزي. وتبقى المفاجأة أو شبه المفاجأة دعوة ساركوزي إلى تنظيم استعراض فاتح ماي، مع العلم أن هذا التقليد لا يشاركه فيه اليمين إلا فيما ندر. ثم من هي النقابات التي ستشارك تحت صوره وشعاراته؟ ذاك هو السؤال.
صحوة الضواحي «زنكة زنكة»
مقارنة بانتخابات 2007، سجلت الجولة الأولى من اقتراع 2012 فورة في مشاركة الناخبين المتحدرين من أصول مغاربية. إذ في مقاطعات الضواحي مثل سان دونيه، جانفيلليه، أوبيرفيلليه، ليميرو، مانت لاجولي المعروفة كمدينة يمينية، صوت الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18و25 سنة، بنسبة 43,5 بالمائة لصالح فرانسوا هولاند مقابل 20,29 بالمائة لصالح ساركوزي. الخ... إنها طريقة للتعبير عن استيائهم من سياسة ساركوزي التي ستأخذ منحى جديدا على خلفية تقربه من ناخبي الجبهة الوطنية لاستيعاب أصواتهم. وسيكون طبعا الفرنسيون المتحدرون من أصول أجنبية ومن الضواحي أكباش الفداء المفضلين في خطبه وتجمعاته. لذا ستكون التعبئة على أشدها وسيدفع مرشح اليسار بهؤلاء الشباب إلى «التقاط» أصوات المترددين «زنكة زنكة». وقد لوحظ أيضا خروج المحجبات رفقة أطفالهن وتوجههن إلى صناديق الاقتراع. وتستعمل الجالية الإسلامية ورقة الانتخاب كورقة حمراء أو عقاب ضد ساركوزي. ومن المحتمل أن تنتفض في الجولة الثانية هذه الشريحة لإظهار أنها قوة ضغط لا تقل وزنا عن ناخبي الجبهة الوطنية. هل ستعقد الجالية الصلح مع مفهوم وممارسة المواطنة والخروج أخيرا من ظل الحياد، بل اللامبالاة، من السياسة؟
مراكش ساركوزية وفاس هولاندية
كما هو الشأن في انتخابات 2007 احتل ساركوزي المرتبة الأولى بالمغرب. لكن فرانسوا هولاند نجح في تقليص نفوذه أو توسيع مساحة نفوذه. إذ يبقى الفارق بين الاثنين نقطة واحدة. حصل ساركوزي على نسبة 36,72 بالمائة، في الوقت الذي حاز فرانسوا هولاند على نسبة 35,93 بالمائة. المفاجأة هي حصول جان-ليك ميلنشون على نسبة 12,39 بالمائة. أما مارين لوبان فنزلت إلى أسفل السافلين بنسبة 3,67 بالمائة. فيما حصلت إيفا جولي على 2,41 بالمائة، وفرانسوا بايرو وصلت نسبته إلى 7,20 بالمائة. وتبقى مدن مثل مراكش وأكادير «مدنا ساركوزية»، فيما تبقى مدن مثل فاس والرباط مدنا هولاندية بلا منازع. فماذا تخبئه الجولة الثانية؟


مسلمو فرنسا يستعدون ل«معاقبة» ساركوزي
يظهر تحليل نتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية وتقاطعها مع المعطيات الاجتماعية والسكانية أن المسلمين سيصوتون على الأرجح ضد نيكولا ساركوزي، الذي تبنى خطاب اليمين المتطرف بشأن مسائل تهمهم.
وفي مقاطعة سين-سان-دوني في الضاحية الباريسية التي تؤوي أعلى نسبة من المسلمين في فرنسا، وحيث كان الامتناع عن التصويت مرتفعا، تراجعت شعبية ساركوزي من 26,85% في الدورة الأولى سنة 2007 إلى 19,48% في 2012.
ويرى رافايل ليوجييه، أستاذ العلوم الاجتماعية في معهد الدراسات السياسية في إيكس-إن-بروفانس، جنوب شرق فرنسا، تغيرا في موقف المسلمين في الأحياء الشمالية الأكثر فقرا في مدينة مرسيليا (جنوب شرق). ويضيف: «كان يمكن أن يصوت المسلمون في مرحلة ما لصالح ساركوزي»، ولكن مع اتجاه حزبه نحو أقصى اليمين «لم يعد هذا ممكنا».
ورغم انتمائهم إلى الطبقات الأكثر فقرا في فرنسا، يعتبر مسلمو فرنسا وخصوصا المتدينون منهم، قريبين من الأحزاب المحافظة، كما يقول سمير امغر، أستاذ العلوم الاجتماعية الذي نشر كتاب «السلفية اليوم»، وكريم إملال، أستاذ العلوم السياسية ومؤلف كتاب «أنا عرضة للتمييز». ولا يعرف عدد المسلمين المسجلين على اللوائح الانتخابية، حيث يمنع في فرنسا ذكر الديانة أو الانتماء القومي. ويعيش في فرنسا 2,1 مليون «مسلم معلن» تتراوح أعمارهم بين 18 و50 عاما، وفق معهد «انسي» للإحصاءات، فيما تقدر الحكومة عدد المسلمين الإجمالي بأكثر من أربعة ملايين.
ويقول امغر «إنهم اقرب إلى اليمين في ما يتعلق بالشؤون الاجتماعية والأحوال الشخصية (الزواج، العائلة، السلطة)، ولكن أيضا في ما يتعلق بالخيارات الاقتصادية لأنهم يدافعون عن الرأسمالية واقتصاد السوق ويعارضون زيادة الضرائب».
وبالإضافة إلى الدفاع عن هذه القيم، تبنى ساركوزي «خطابا حول العلمانية استمال المسلمين» بين 2003 و2007، وهي الفترة بين إنشائه المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أثناء توليه وزارة الداخلية، وانتخابه رئيسا. ولكن «استراتيجية ساركوزي تغيرت منذ 2010»، بحسب امغر الذي أوضح أن «خطابه في غرونوبل حول الهجرة، ومؤتمر حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية حول الإسلام، وقانون منع النقاب والجدل حول اللحوم الحلال، كل هذا رأى فيه المسلمون هجوما على معتقداتهم».
ويراهن ليوجييه على أن ساركوزي «لن يحصل على أي من أصوات المسلمين أبناء الطبقات الوسطى الجديدة رغم أنهم من المحافظين».
وقبل الدورة الأولى دعا مسؤولون مسلمون إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات ومن بينهم محمد حمزة، إمام مسجد الدائرة الثامنة عشرة في باريس، عندما قال إن عليهم أن يدافعوا عن «كرامتهم ضد الهجمة على الإسلام» من خلال «تصويت حلال كثيف»، من دون تعليمات صريحة.
وبث اتحاد الجمعيات المسلمة على موقعه على الإنترنت نداء من أبو حذيفة، إمام مسجد السنة في برست (بروتانيه، غرب)، يدعو المسلمين إلى التصويت لمرشح «أهون الشرين»، مع الدعوة صراحة إلى عدم التصويت لمارين لو بن. ويوم الاثنين، دعا عميد مسجد باريس دليل بوبكر إلى عدم اقحام الإسلام في الانتخابات، لأن ذلك يمكن ان يضر بالمسلمين.
وأظهرت ثلاثة استطلاعات للرأي أجريت قبل الانتخابات أن المسلمين يؤيدون بشكل كبير المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند ومرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلنشون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.