بايتاس ينتقد منطق الشعبوية والمكاسب السريعة.. ويؤكد: الأحرار حزب التخطيط ورفع التحديات    فاتح شهر رجب بعد غد الاثنين بالمغرب    أشرف حكيمي يتسلم جائزة "فيفا ذا بيست- 2025 "    الحسيني: "شياطين التفاصيل" تحيط بالحكم الذاتي.. والوحدة تفكك "القنبلة"    الحماس يختم استعدادات "الأسود"    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    تنبيه أمني: شركة أفريقيا تحذر من محاولة احتيال بانتحال هويتها    موتسيبي: كأس إفريقيا للأمم ستقام كل أربع سنوات ابتداءً من 2028    قطبان والجيراري يفتتحان معرضهما التشكيلي برواق نادرة    أخنوش يُنوه من طنجة بشركاء الأغلبية الذين "ردّوا الاعتبار" لمؤسسة رئاسة الحكومة        خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    العلمي: نجاح تواصل "الأحرار" يثير حنق منافسين.. حزب بناء لا مساومة        أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    إحداث مكاتب قضائية بالملاعب المحتضنة لكأس إفريقيا    بوريطة ولقجع وموتسيبي يفتتحون منطقة المشجعين بالرباط    حكيمي يطمئن الجماهير المغربية    الركراكي يدعو الجماهير لصنع الفارق: "بغيت المدرجات تهدر"    الجيش ينشئ 3 مستشفيات ميدانية    صحيفة تركية تصفع النظام الجزائري: القبائل لم تكن تاريخيا جزائرية        "جبهة دعم فلسطين" تدعو إلى التظاهر تزامنًا مع الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقية التطبيع    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات ميدانية    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    تساقطات ثلجية وأمطار قوية بعدد من مناطق المملكة    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وطقس بارد من اليوم السبت إلى الاثنين المقبل    روبيو: هيئات الحكم الجديدة في غزة ستشكل قريبا وستتبعها قوة دولية    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير الكويت    بعد مرور 5 سنوات على اتفاقية التطبيع..دعوات متواصلة لمقاطعة أي تعاون ثقافي مع الكيان الصهيوني    الملك محمد السادس يهنئ أمير الكويت    مطالب بتخفيض عمل أساتذة التعليم الابتدائي إلى 18 ساعة أسبوعيا    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    انخفاض في درجات الحرارة وبحر هائج.. تفاصيل طقس السبت بالمغرب    احتراق عدد من السيارات في محيط ملعب طنجة (فيديو)    إنذار جوي يدفع تطوان إلى استنفار شامل    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    تنظيم الدورة السابعة عشر من المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات    الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والدولة الاجتماعية    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    في أداء مالي غير مسبوق.. المحافظة العقارية تضخ 7.5 مليارات درهم لفائدة خزينة الدولة    وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبح اليمين المتطرف يخيم على الانتخابات الرئاسية في فرنسا
حصد نتيجة «تاريخية» في الدور الأول والجميع ينتظر مآل أصواته في الدور الثاني
نشر في المساء يوم 26 - 04 - 2012

بعد الصدمة التي تلقتها القوى السياسية الفرنسية في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، بحصول الجبهة الوطنية المتطرفة
على 18,30 في المائة من الأصوات، أي قرابة 6,4 ملايين ناخب، أخرج استراتيجيو وإعلاميو كل معسكر آلاتهم الحاسبة لتعداد الأصوات وضرب الأخماس في الأسداس لمعرفة الخارطة المحتملة للتصويت النهائي والنسب التقريبية لكل مرشح. كما بدا جليا أن شبحا اسمه الجبهة الوطنية أصبح يخيم بالفعل على فرنسا، بما يمثله من أفكار عنصرية وإسلاموفوبية ونبذ للآخر باسم قيم وطنية شوفينية، إضافة إلى أن هذا الشبح سيلعب دور «الحكم» في الدور الفاصل بين اللاعبين الأساسيين في الطريق إلى الإليزيه، هولاند وساركوزي.
«ظل لوبان على الجولة الثانية» يلخص هذا العنوان، الذي تصدر الصفحة الأولى لجريدة «لوموند»، المناخ السياسي لما بعد الجولة الأولى. لكن اللفظة التي تليق أكثر بالظرف الحالي هي لفظة «شبح». إذ يخيم بالفعل على فرنسا شبح اسمه الجبهة الوطنية بما يمثله من أفكار عنصرية وإسلاموفوبية ونبذ للآخر باسم قيم وطنية شوفينية. إذ صوت قرابة 6,4 ملايين ناخب فرنسي لصالح الجبهة الوطنية. إلى درجة حديث الجريدة الالكترونية «Rue 89» عن «دمقرطة العنصرية». وبحصولها على 18,30 بالمائة، ضاعفت مارين لوبان النسبة التي حصل عليها والدها في استحقاق 2007، والتي كانت قد قاربت 10 بالمائة. حول خزان أصوات الجبهة سيبدأ الصراع إذن بين المرشحين الرئيسين، فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي. فما هي حظوظ كل منهما لاستقطاب هذه الأصوات؟ اعتبر معسكر ساركوزي بأن اللعبة لم تنته بعد ولازالت لها عدة أشواط، بل أشواط إضافية. عشية إعلان النتائج صعد ساركوزي إلى منصة قاعة موبير موتواليتي المعروفة بإيوائها تجمعات اليسار ليرسم أمام أنصاره معالم خطة الطريق، التي سيعتمدها في الجولة الثانية، والتي تقوم ركائزها على التموقع في مساحة اليمين الأقصى. وجاء في كلمته بأن «ثمة مخاوف، آلام وهواجس حيال عالم جديد بدأ في التشكل. أعرف وأفهم هذه المخاوف والهواجس التي تنصب على الحدود، على الهجرة، نقل المصانع، الأمن، ورد الاعتبار لقيمة للعمل». ليست مواضيع الهجرة والأمن غريبة فعلا على ساركوزي، بل جعل منها خلال ولايته وفي حملته الانتخابية الرئاسية حصان طروادة. وكلف وزيره في الداخلية، كلود غيان، بمهمة الدركي لإيقاف وطرد المزيد من الأجانب وتضييق الخناق عليهم. وعلى الرغم من طرد ما يقرب من 30 ألف أجنبي، تعتبر الجبهة الوطنية أن سياسته تبقى رخوة، بل متسامحة مع الهجرة، مما يعني أنه مطالب لإرضاء مطالبها بطرد المزيد من الأجانب. أما معسكر فرانسوا هولاند، ولكي لا ينفصل عن قاعدة اليسار، وبالأخص «جبهة اليسار» بزعامة جان-ليك ميلنشون، فأكد على شريحة العمال والفلاحين والشباب التي صوتت لصالح اليمين المتطرف بسبب التذمر وتنامي البؤس، اللذين تعتبر سياسة ساركوزي الميالة لإغناء الأثرياء أحد مسبباتها الرئيسية. وفي مقابلة مطولة خص بها صحيفة «ليبراسيون» يوم الثلاثاء الماضي، أوضح فرانسوا هولاند بأنه سيعمل على إقناع ناخبي الجبهة الوطنية الذين ينتمي قسم كبير منهم لليسار. «يجب أن يلتحقوا بمعسكر التقدم، المساواة، التغيير، الجهد المشترك، العدالة، لأنه ضد الامتيازات وضد العولمة التجارية وضد أوروبا في وضعية انهيار...». فإلى أي حد سينصاع ناخبو الجبهة لغزل المرشحين؟ إلى الآن لم تعط مارين لوبان تعليمات واضحة لقاعدتها بالتصويت لأحد المرشحين، بل اكتفت في كل المناسبات التي طرح عليها السؤال بالخبط بشدة عليهما وإعطاء موعد الفاتح ماي كتاريخ للحسم في الاختيار بين «شرين».
التحالف مع الشيطان
يبقى إذن درس أو دروس النتيجة التي حصلت عليها الجبهة. يترجم هذا التصويت لصالح الجبهة الوطنية أزمة اقتصادية في المقام الأول، ثم أزمة أخلاقية غير مسبوقة ثانيا، على الأقل في تنامي الفوارق الاجتماعية بين الأثرياء والفقراء. كما يترجم بلدا مصابا بداء الساركوزية. بعد أن استقطب ساركوزي قاعدة الجبهة في انتخابات 2007 رجعت هذه الأخيرة إلى أصليها ومصدريها الطبيعيين: من جهة «الجبهة الوطنية» المتطرفة ومن جهة أخرى «جبهة اليسار» بزعامة جان لوك ميلنشون. اليوم لصالح من ستصوت هذه القاعدة بعد أن تكون رئيستها قد حسمت في مسألة الاختيار؟ هل ستصوت لصالح ساركوزي، الذي تريد مارين لوبان الانتقام منه ومعاقبته؟ أم لصالح فرانسوا هولاند عدوها الطبقي؟ المعلوم أن ساركوزي على استعداد للتحالف مع الشيطان شريطة أن يبقى على رأس السلطة. وقد أفصح دون مواربة منذ إعلان النتائج عن كنه أفكاره لما عرف بالأولويات التي سيركز عليها في حملته الانتخابية للدور الثاني: الأمن، الهجرة، القيم الفرنسية. كما أنه أوضح أنه على استعداد ليلبس قناع الجبهة، وهو ما ستترجمه الشعارات القادمة التي طبخها مهندس أفكاره باتريك بويسون، الذي «كسر أسنانه» في صفوف الجبهة الوطنية مع جان-ماري لوبان قبل أن يقلب معطفه ويلتحق بساركوزي ليصبح ملهمه المتطرف. هذه المرة، لن يكتفي ساركوزي بالاستنساخ بل سيكون مضطرا لطرح أوراقه العنصرية على المكشوف. وحتى بالنسبة إلى جهة الحزب الاشتراكي، فإن الاتجاه نحو نزع هالة الشيطنة عن الحزب المتطرف واعتباره حزبا عاديا وطبيعيا بدأت في التسرب إلى أذهان المسؤولين الاشتراكيين. وقد جاءت تصريحات سيغولين رويال وبيار موسكوفوفيتسي في هذا الاتجاه. إذ أشارت المرشحة السابقات لرئاسيات 2007 إلى أنه يجب تفهم ناخبي الجبهة الوطنية. في هذه الأثناء تفرك مارين لوبان راحتيها استعدادا لاستحقاق آخر سيمكنها من وضع أقدامها في مجلس النواب القادم. وستكون معركة تكريس الجبهة ودخول العنصريين إلى البرلمان لأول مرة في تاريخ الجمهورية الخامسة. على مستوى آخر، تسعى مارين لوبان إلى تفجير اليمين الكلاسيكي من الداخل، وبالأخص حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية التابع لساركوزي، وأخذ زعامة حزب يميني وطني متطرف بأبعاد أوروبية. لذا رفعت شعار: «لا يمين ولا يسار» وإنما جمع وتوحيد صفوف جميع الوطنيين من اليسار كانوا أو من اليمين.
أصوات من ذهب
بعد الصدمة التي تلقتها جميع القوى السياسية بحصول الجبهة الوطنية المتطرفة على 18,30 بالمائة أخرج استراتيجيو وإعلاميو كل معسكر آلاتهم الحاسبة لتعداد الأصوات وضرب الأخماس في الأسداس لمعرفة الخارطة المحتملة للتصويت النهائي والنسب التقريبية لكل مرشح. من جهة فرانسوا هولاند- الذي يتوفر على رأسمال انتخابي يتشكل من قاعدة صلبة من المؤيدين: جبهة اليسار الحائزة على 11,7بالمائة، أنصار البيئة الخضر بنسبة 2,3 بالمائة، ثم جبهة اليسار الراديكالي المؤلف من فيليب بوتو عن الحزب المعادي للرأسمالية بنسبة 1,16 بالمائة، وناتالي آرتو عن الحزب العمالي التي فازت بنسبة 0,56 بالمائة...- بإمكانه أن يغرف من خزان واحتياطي قسم من حزب الوسط التابع لفرانسوا بايرو، وقسم من الجبهة الوطنية، مما قد يرفع نسبته الإجمالية إلى 54 بالمائة. أما نيكولا ساركوزي، فيشير معهد إيبسوس لاستطلاعات الرأي إلى أن قسما من ناخبي الجبهة المتطرفة، تبلغ نسبته 60 بالمائة، ستصوت لصالحه، وأن أنصار فرانسوا بايرو، الذي حصل على 9,19 بالمائة سيصوتون عليه بنسبة 32 بالمائة، فيما سيصوتون بنسبة 33 بالمائة لصالح فرانسوا هولاند.
مفاجآت الجولة الثانية
خلافا للدور الأول، الذي أجمع المراقبون والمحللون السياسيون على طابعه الباهت، الروتيني والفلكلوري، فإن الدور الثاني من المرتقب أن يكون ساخنا، بل حارا، ومن غير المستبعد أن تستعمل فيه الضربات تحت الحزام. في التجمع الذي أقامه نيكولا ساركوزي بالموبير ميتياليتي، يذكرنا تصريحه لما دعا فرانسوا هولاند إلى ثلاث مناظرات بالتصريحات التي يدلي بها الملاكمون قبل الصعود إلى الحلبة وهم يسبون خصومهم بكلمات نابية قادحة. لكن استراتيجية الاستفزاز التي لا يتردد ساركوزي في توظيفها أدرك للتو مقالبها فرانسوا هولاند.
فاتح ماي وساحات الاستعراض.
سيكون فاتح ماي مناسبة الاستعراضات الكبرى التي ستظهر فيها الجبهتان، الجبهة الوطنية المتطرفة وجبهة اليسار، قوتهما ووزنهما الحقيقي. ودخل على الخط نيكولا ساركوزي، الذي دعا إلى عقد «فاتح ماي للعمل الحقيقي». فالجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبان ضربت موعدا لأنصارها لتخليد ذكرى جان دارك، التي تم الاحتفاء مؤخرا بمرور 600 سنة على وفاتها، والتي استقطبتها الجبهة الوطنية المتطرفة لتسخيرها كرمز للمقاومة ضد المحتل الأجنبي. إذ كانت وراء تحرير فرنسا من الاحتلال البريطاني، قبل القبض عليها وإحراقها. وحتى نيكولا ساركوزي اكتشف فضائلها الوطنية لما ترأس مراسيم الاحتفال بهذه الذكرى. واعتادت الجبهة الوطنية القيام بمسيرة في اتجاه النصب التذكاري لجان دارك الواقع بالقرب من متحف اللوفر للاستماع إلى الخطب النارية لجان ماري لوبان وابنته. أمام تمثال جان-دارك قد تخرج هذه الأخيرة من عباءتها الكثير من المفاجآت. ومن موقع وزنها الانتخابي ونسبتها المرتفعة، ستلجأ لا محالة إلى لغة الابتزاز. إذ ما يهمها في المقام الأول هو الحفاظ على خزان الأصوات تأهبا للانتخابات التشريعية، وثانيا العمل على تفجير اليمين الكلاسيكي من الداخل مع استقطاب اليمين الشعبي داخل يمين أرحب يكون رأس جسر لليمين المتطرف الأوروبي. أما جبهة اليسار فستدفع بمناضلي الحزب الشيوعي والكونفدرالية الديمقراطية
للشغل إلى الشارع. وقد ارتكب ساركوزي خط قاتلا لما هاجم النقابات، التي قد تنتهز الفرصة للرد عليه بالمثل. وستكون الشعارات التي سيرفعها اليسار واضحة في هذا الاتجاه: المطالبة برحيل ساركوزي. وتبقى المفاجأة أو شبه المفاجأة دعوة ساركوزي إلى تنظيم استعراض فاتح ماي، مع العلم أن هذا التقليد لا يشاركه فيه اليمين إلا فيما ندر. ثم من هي النقابات التي ستشارك تحت صوره وشعاراته؟ ذاك هو السؤال.
صحوة الضواحي «زنكة زنكة»
مقارنة بانتخابات 2007، سجلت الجولة الأولى من اقتراع 2012 فورة في مشاركة الناخبين المتحدرين من أصول مغاربية. إذ في مقاطعات الضواحي مثل سان دونيه، جانفيلليه، أوبيرفيلليه، ليميرو، مانت لاجولي المعروفة كمدينة يمينية، صوت الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18و25 سنة، بنسبة 43,5 بالمائة لصالح فرانسوا هولاند مقابل 20,29 بالمائة لصالح ساركوزي. الخ... إنها طريقة للتعبير عن استيائهم من سياسة ساركوزي التي ستأخذ منحى جديدا على خلفية تقربه من ناخبي الجبهة الوطنية لاستيعاب أصواتهم. وسيكون طبعا الفرنسيون المتحدرون من أصول أجنبية ومن الضواحي أكباش الفداء المفضلين في خطبه وتجمعاته. لذا ستكون التعبئة على أشدها وسيدفع مرشح اليسار بهؤلاء الشباب إلى «التقاط» أصوات المترددين «زنكة زنكة». وقد لوحظ أيضا خروج المحجبات رفقة أطفالهن وتوجههن إلى صناديق الاقتراع. وتستعمل الجالية الإسلامية ورقة الانتخاب كورقة حمراء أو عقاب ضد ساركوزي. ومن المحتمل أن تنتفض في الجولة الثانية هذه الشريحة لإظهار أنها قوة ضغط لا تقل وزنا عن ناخبي الجبهة الوطنية. هل ستعقد الجالية الصلح مع مفهوم وممارسة المواطنة والخروج أخيرا من ظل الحياد، بل اللامبالاة، من السياسة؟
مراكش ساركوزية وفاس هولاندية
كما هو الشأن في انتخابات 2007 احتل ساركوزي المرتبة الأولى بالمغرب. لكن فرانسوا هولاند نجح في تقليص نفوذه أو توسيع مساحة نفوذه. إذ يبقى الفارق بين الاثنين نقطة واحدة. حصل ساركوزي على نسبة 36,72 بالمائة، في الوقت الذي حاز فرانسوا هولاند على نسبة 35,93 بالمائة. المفاجأة هي حصول جان-ليك ميلنشون على نسبة 12,39 بالمائة. أما مارين لوبان فنزلت إلى أسفل السافلين بنسبة 3,67 بالمائة. فيما حصلت إيفا جولي على 2,41 بالمائة، وفرانسوا بايرو وصلت نسبته إلى 7,20 بالمائة. وتبقى مدن مثل مراكش وأكادير «مدنا ساركوزية»، فيما تبقى مدن مثل فاس والرباط مدنا هولاندية بلا منازع. فماذا تخبئه الجولة الثانية؟


مسلمو فرنسا يستعدون ل«معاقبة» ساركوزي
يظهر تحليل نتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية وتقاطعها مع المعطيات الاجتماعية والسكانية أن المسلمين سيصوتون على الأرجح ضد نيكولا ساركوزي، الذي تبنى خطاب اليمين المتطرف بشأن مسائل تهمهم.
وفي مقاطعة سين-سان-دوني في الضاحية الباريسية التي تؤوي أعلى نسبة من المسلمين في فرنسا، وحيث كان الامتناع عن التصويت مرتفعا، تراجعت شعبية ساركوزي من 26,85% في الدورة الأولى سنة 2007 إلى 19,48% في 2012.
ويرى رافايل ليوجييه، أستاذ العلوم الاجتماعية في معهد الدراسات السياسية في إيكس-إن-بروفانس، جنوب شرق فرنسا، تغيرا في موقف المسلمين في الأحياء الشمالية الأكثر فقرا في مدينة مرسيليا (جنوب شرق). ويضيف: «كان يمكن أن يصوت المسلمون في مرحلة ما لصالح ساركوزي»، ولكن مع اتجاه حزبه نحو أقصى اليمين «لم يعد هذا ممكنا».
ورغم انتمائهم إلى الطبقات الأكثر فقرا في فرنسا، يعتبر مسلمو فرنسا وخصوصا المتدينون منهم، قريبين من الأحزاب المحافظة، كما يقول سمير امغر، أستاذ العلوم الاجتماعية الذي نشر كتاب «السلفية اليوم»، وكريم إملال، أستاذ العلوم السياسية ومؤلف كتاب «أنا عرضة للتمييز». ولا يعرف عدد المسلمين المسجلين على اللوائح الانتخابية، حيث يمنع في فرنسا ذكر الديانة أو الانتماء القومي. ويعيش في فرنسا 2,1 مليون «مسلم معلن» تتراوح أعمارهم بين 18 و50 عاما، وفق معهد «انسي» للإحصاءات، فيما تقدر الحكومة عدد المسلمين الإجمالي بأكثر من أربعة ملايين.
ويقول امغر «إنهم اقرب إلى اليمين في ما يتعلق بالشؤون الاجتماعية والأحوال الشخصية (الزواج، العائلة، السلطة)، ولكن أيضا في ما يتعلق بالخيارات الاقتصادية لأنهم يدافعون عن الرأسمالية واقتصاد السوق ويعارضون زيادة الضرائب».
وبالإضافة إلى الدفاع عن هذه القيم، تبنى ساركوزي «خطابا حول العلمانية استمال المسلمين» بين 2003 و2007، وهي الفترة بين إنشائه المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أثناء توليه وزارة الداخلية، وانتخابه رئيسا. ولكن «استراتيجية ساركوزي تغيرت منذ 2010»، بحسب امغر الذي أوضح أن «خطابه في غرونوبل حول الهجرة، ومؤتمر حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية حول الإسلام، وقانون منع النقاب والجدل حول اللحوم الحلال، كل هذا رأى فيه المسلمون هجوما على معتقداتهم».
ويراهن ليوجييه على أن ساركوزي «لن يحصل على أي من أصوات المسلمين أبناء الطبقات الوسطى الجديدة رغم أنهم من المحافظين».
وقبل الدورة الأولى دعا مسؤولون مسلمون إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات ومن بينهم محمد حمزة، إمام مسجد الدائرة الثامنة عشرة في باريس، عندما قال إن عليهم أن يدافعوا عن «كرامتهم ضد الهجمة على الإسلام» من خلال «تصويت حلال كثيف»، من دون تعليمات صريحة.
وبث اتحاد الجمعيات المسلمة على موقعه على الإنترنت نداء من أبو حذيفة، إمام مسجد السنة في برست (بروتانيه، غرب)، يدعو المسلمين إلى التصويت لمرشح «أهون الشرين»، مع الدعوة صراحة إلى عدم التصويت لمارين لو بن. ويوم الاثنين، دعا عميد مسجد باريس دليل بوبكر إلى عدم اقحام الإسلام في الانتخابات، لأن ذلك يمكن ان يضر بالمسلمين.
وأظهرت ثلاثة استطلاعات للرأي أجريت قبل الانتخابات أن المسلمين يؤيدون بشكل كبير المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند ومرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلنشون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.