لم تكن مباراتي برشلونة وتشيلسي الإسباني، وريال مدريد وبايرن ميونيخ الألماني في نصف نهائي عصبة الأبطال الأوربية لكرة القدم، مجرد مباراتين كرويتين فقط، تبارت فيهما الفرق وانتهى الأمر فقط، ولكنهما كانتا مباراتين مليئتين بالدروس الكروية والحضارية. في مباراة برشلونة وتشيلسي حضرت الإثارة بكل تفاصيلها وبهاراتها، لقد تقدم زملاء ميسي بهدفين لصفر، اعتقدوا بعدها أن شارع التأهل أصبح مفتوحا، لكن الفريق الإنجليزي تمسك بالأمل وقاوم فخطف هدفا عن طريق لاعبه راميريس، الذي سجله في مرمى فيكتور فالديز بهدوء أعصاب قاتل. ولما انطلق الشوط الثاني، حصل رفاق ميسي على ضربة جزاء، لو أودعها اللاعب الأرجنتيني في الشباك لكان كل شيء قد انتهى خصوصا أن الفريق الإنجليزي كان يلعب بعشرة لاعبين، لكن ميسي الذي يصنع أفراح البارصا بشكل دائم، ضيع ضربة العمر، وضاع معها أمل فريقه في التأهل، ثم أبدى تشيلسي مقاومة عنيفة. في نهاية المباراة، اعترف عميد تشيلسي جون تيري بأنه أخطأ عندما نال بطاقة حمراء وترك رفاقه في المعركة منقوصي العدد، كما اعترف مدرب البارصا بيب غوارديولا بأخطائه، وصفق جمهور البارصا وهو يعتصر مرارة الإقصاء للاعبيه وللفريق الضيف الذي نجح في انتزاع التأهل. في مباراة ريال مدريد وبايرن ميونيخ، كانت الإثارة حاضرة مجددا، فالريال وضع نفسه في طريق مفتوح بهدفي رونالدو، لكن الفريق الألماني أحرز هدفا، جعل نتيجتي مباراتي الذهاب والإياب متعادلتين، ثم انتقل الفريقان إلى الأشواط الإضافية وبعدها الضربات الترجيحية التي منحت تأهلا تاريخيا للبايرن الذي سيستضيف المباراة النهائية بملعبه وأمام جمهوره. برز في هذه المباراة الحارسان كاسياس ونوير، وإذا كانت شهرة الأول تسبقه فإن الثاني نجح في إثبات ذاته وأكد أنه صفقة رابحة للبايرن، فعندما جاء إلى الفريق الألماني رفضه الجمهور وحمل اللافتات ضده، لكن هذا الحارس الهادئ واصل حضوره القوي، ثم حول الرفض إلى إعجاب وإشادة. في المباراة نفسها، هنأ مورينيو مدرب البايرن، ولم يحمل أي طرف مسؤولية الخسارة، كما أن جماهير الريال لم تتردد في التصفيق للاعبي فريقها وأيضا لفريق بايرن ميونيخ. وإذا كان عشاق الكرة الجميلة خسروا عدم تأهل فريقي البارصا والريال إلى نهائي عصبة الأبطال الأوروبية، إلا أنهما قدما دروسا حضارية للعالم، فلا شغب ولا تكسير ولا اتهامات، أو تشكيك في فوز الآخر، مع أن الأمر يتعلق بمسابقة أوروبية هي الأبرز. إنها دروس أوروبية كروية وحضارية وبالمجان لمن أراد أن يستفيد من مسؤولين ومدربين ولاعبين.