ساد الترقب والهدوء مدينة الزاك التي عرفت خلال اليومين الماضيين، مواجهات عنيفة بين متظاهرين وقوات الأمن والدرك الملكي. ونتج هذا الهدوء عن انسحاب قوات التدخل السريع من وسط المدينة، بناء على «اتفاق» انتشرت أخباره في أرجاء المدينة مساء أول أمس، مفاده وقف أعمال العنف على الساعة الخامسة صباحا، بتزامن مع انسحاب قوات الأمن. فيما تم نقل ثلاثة من المعتقلين، من بينهم الحارس العام المتهم بإنزال العلم المغربي في إحدى المؤسسات التعليمية، والتلميذان (م. ع) و(ح. ج) إلى مدينة كلميم، حيث توجد المحكمة الابتدائية، دون أن يتأكد ما إن كان قد وجه إليهما أي اتهام؛ وبقي أربعة أشخاص آخرين رهن الاعتقال بمركز الدرك بمدينة الزاك، بعد أن أطلق سراح ابن أحد العسكريين المغاربة برتبة عقيد، مما قد يؤجج غضب المتظاهرين، حسب مصادر محلية. فيما علم بأن الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بأكادير حل بمدينة كلميم، حيث أحيطت المحكمة الابتدائية بطوق أمني خوفا من اندلاع احتجاجات بجوارها. إجراءات التهدئة نتجت، حسب مصادرنا، عن لقاءات مكثفة بين مسؤولين محليين وأعيان المنطقة؛ فيما يحتفظ الشبان المتظاهرون بالحواجز التي أقاموها في شوارع وأزقة المدينة، ومجموعات منهم تصر على المكوث قرب هذه الحواجز، فيما تركزت المواجهات العنيفة في ثلاث نقط رئيسية، هي شارع الزاك، وقبالة منزل عقيد في الجيش المغربي، وشارع العوينة الذي يطلق عليه محليا اسم محمد المتوكل. مواجهات أسفرت عن إصابات لم يحدد عددها، بسبب امتناع المصابين عن التوجه إلى مستشفى كلميم مخافة التعرض للاعتقال؛ ومن بين المصابين، حسب مصادر محلية، عسكريان مغربيان حلاّ بالمدينة في إطار إجازة، وأصيبا على يد قوات الأمن عن طريق الخطأ. أجواء التعبئة وإعلان العصيان تواصلت رغم الهدوء النسبي، حيث قام متظاهرون بإخراج التلاميذ من المدارس صباح أمس؛ وترتفع بين الحين والآخر شعارات انفصالية، فيما قد تنتقل شرارة الاحتجاج إلى الحيين الجامعيين لأكادير ومراكش تضامنا مع ساكنة المدينة. الآلة الإعلامية التابعة لجبهة البوليساريو دخلت على الخط منذ اللحظات الأولى، وبثت الإذاعة التابعة لها، أول أمس، مراسلتين مباشرتين من المدينة، الأولى قام بها أحد الشبان والثانية بصوت نسوي؛ وأرفقت المراسلتان بشهادات لنساء وأطفال، وتسجيل لأصوات القنابل المسيلة للدموع والشعارات التي يتم ترديدها. شرارة هذه المواجهات اندلعت يوم الإثنين الماضي، حين حاول متظاهرون نصب خيمة وسط المدينة قصد الاعتصام بداخلها، على خلفية مطالب بالتشغيل والاستفادة من بطائق الإنعاش الوطني، خاصة بعد أن استفادت منها مجموعتان، الأولى من 72 فردا والثانية من 65، لتصعد مجموعة تطلق على نفسها اسم «الزمّاك» –أي الضائعين باللهجة الحسانية المحلية- من احتجاجها ومطالبها بالاستفادة بدورها من فرص التشغيل هذه. تأجيل محاكمة المعتقلين في المواجهات مع أمن أسا الزاك أحيل صباح أمس الأربعاء، على وكيل الملك لدى ابتدائية كلميم، مصطفى عبد الدائن، حارس عام الخارجية بثانوية علال الفاسي الإعدادية بأسا الزاك، وذلك بتهمة «إهانة العلم الوطني». وذكر مصدر مطلع أن المعني شوهد لدى ولوجه باب المحكمة يردد شعارات انفصالية من قبيل «لا بديل لا بديل.. عن تقرير المصير»... وأشار المصدر ذاته إلى ورود أخبار شبه مؤكدة عن عزل المعني من منصبه من قبل وزارة التعليم، وذلك مباشرة بعد قيامه بنزع العلم المغربي الذي يتوسط ساحة الثانوية أمام أنظار التلاميذ، بحسب نفس المصدر. وفي السياق ذاته، تم صباح أمس تأجيل جلسة محاكمة معتقلين اثنين على خلفية المواجهات العنيفة التي وقعت الاثنين الماضي بين متظاهرين موالين لجبهة البوليساريو وبين قوات الأمن بأسا الزاك. وحسب مصدر مطلع فقد أجلت ابتدائية كلميم النظر في قضية كل من محمد الخشيشي (تلميذ يبلغ من العمر 18 سنة) والمختار عبد الدائن (23 سنة)، المتهمين بالعصيان وإهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بعملهم واستعمال العنف ضدهم وتكسير ممتلكات مخصصة للمنفعة العامة والمساهمة في مظاهرة غير مرخص لها واستعمال السلاح الأبيض، إلى يوم الاثنين القادم. وأضاف المصدر ذاته أن النيابة العامة أطلقت سراح حسن الجلالي (23 سنة) الذي كان قد اعتقل على خلفية مشاركته في نفس المظاهرة.