هل تتذكرون شعار نتنياهو في انتخابات 1999؟ إذا لم تكونوا كذلك فابحثوا في «غوغل» وفي «يوتيوب» وتستطيعون أن تروه وتسمعوه يُحمّس مواليه بشعار «هم يخافون». والحقيقة أنه خاف آنذاك وبحق، فقد هزمه إيهود باراك هزيمة ساحقة. ولبيبي اليوم كثرة ساحقة في الكنيست، وهو يستطيع أن يقرر هل يقدم موعد الانتخابات وهل يدفع إلى الأمام بتسوية مع الفلسطينيين، لكنه يتلاعب الآن بعنصر الخوف. إنه يخاف ويخيف الشعب أيضا. وقد تغيرت قواعد اللعب بيننا وبين العالم وأصبحت الحرب على الوعي ونحن مهزومون هناك. لنفترض أن غونتر غراس، الحائز على جائزة نوبل للأدب، أراد أن يزور البلاد الآن، هل كانوا يسمحون له بالدخول؟ لا، حسب ما يراه إيلي يشاي، وقد أعلن وزير الداخلية أنه غير مرغوب فيه. ألا يجوز لشخص أن يعبر عن رأيه المضاد لنا؟ هل يوجد لدينا هنا نظام حكم استبدادي؟ لماذا لا نبدأ بإحراق كتبه أيضا؟ ما الذي عند نتنياهو الذي يسلك سلوك الرجل في ظاهر الأمر في مواجهة إيران ويخاف من بضع مئات من متظاهري سلام يريدون المرور من طريق إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية؟ أكان من الضروري تجنيد ألف شرطي في المطار وإحداث جلبة واضطراب في مطارات أوربا؟ وهل مجيئهم يهمنا؟ إن من يتبجح بالديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط يجب أن يحافظ على القيم الأساسية التي تشمل حرية التعبير. هل يعارضون الاحتلال بكلامهم؟ فليتكلموا إذن. كما كانت الحال مع «مرمرة» ومحاولات أخرى لقيت معارضة مجنونة، لا يضر خوفنا بمكانتنا فحسب بل ربما يضر بأمننا أيضا. إن بنيامين نتنياهو يشكر، في صفحته على فيسبوك، شرطيي شرطة إسرائيل وقادتها على العلاج المصمم الناجح لإحباط النشاط الذي خُطط لإجرائه في مطار بن غوريون. «إن استعداد كل الجهات التنفيذية والدبلوماسية أثبت نفسه»، يكتب بيبي ويضيف: «أصبح العالم اليوم أشد فهما لمكان وجود المشكلة الحقيقية في الشرق الأوسط». لم أقرأ منذ زمن سخافات كهذه. إن العالم لا يفهمنا منذ زمن. ومن المثير أن نعلم ماذا كان يكتب بيبي في صفحته على فيسبوك لو أن الرئيس أوباما بادر، مثلا، إلى عرض «وقوف مع التصفيق» في الكنيست كما فعل له بيبي في الكونغرس، لن يحدث هذا بالطبع لأن الكنيست مستعبدة لأكثرية من معارضي السلام. هل تذكرون ذعر «الشريط المسجل» الذي جعل بيبي يعترف في التلفاز بشيء ينبغي ألا يُفعل مع زوجته سارة؟ إنه نفس الخوف الذي يدفعه إلى سلوك خاطئ أيضا مع الرئيس أوباما. إنه في واقع الأمر وبخه لأنه منح إيران مهلة «هدنة» بخمسة أسابيع وكأننا كنا نوشك أن نقصف إيران فلم ينقذها سوى أوباما. هل تعلمون ماذا كان سيقول الراحل أشكول؟ «الدفتر مفتوح واليد تكتب». إذا انتخب أوباما من جديد فسيكون أمامنا رئيس أقل تساهلا. وهناك أمريكيون مُطلعون على خبايا الأمور يزعمون أن الرئيس يبغض بيبي. ولم يتم تصديق إنكار الرئيس ساركوزي الذي أسمى بيبي كذابا. ويبدو أننا لن نهدأ ولن نستريح حتى نصبح الدولة الأكثر تنديدا بها في العالم رغم الإنجليزية الفاخرة لبنجامين. إن اسرائيل نتنياهو تبني سلب الدولة شرعيتها. نحن لا نُدخل في قِدر واحدة كارهينا فقط بل أصدقاءنا وأبناء دين موسى أيضا مهما كانوا. تقول الشرطة إنها نجحت لكننا بقينا في العالم مع الصور. وهذا هو حكم نائب قائد اللواء الذي ضرب المتظاهر الدانماركي ببندقيته أيضا. ويستطيع بيبي أن يكرر قوله مرة بعد أخرى «دولتان للشعبين»، لكن صورة واحدة على الأرض تبرهن، كما قال سائح عارض، على أن إسرائيل محتاجة إلى «شرينك». ويتهم مؤيدو بيبي الكاميرا. «لماذا مكّنوا المصورين من التصوير بصورة حرة؟»، ويمكن الرد على ذلك بأنه ربما لأننا دولة ديمقراطية، مع كل ذلك أو أهم من ذلك أن نفحص عما كمن في نفس هذا المحارب وجعله يسلك كما سلك. أثار نتنياهو بصيص أمل حينما سن مبدأ دولتين للشعبين في خطبة بار إيلان. وقد قبلنا باعتبارنا أمة المنطق السياسي لدولتين للشعبين، لكن حينما يرأس الدولة زعيم يخاف رغم الأكثرية الصلبة التي يملكها، تخاف الأمة كلها إلى أن يصبح الأمر متأخرا جدا، والعياذ بالله.