هذه هي الجريمة وهذا عقابها: فإسرائيل قالت لا متعجرفة لأمريكا وأمريكا لن تغفر ولن تنسى. يجب أداء شكر لباراك أوباما: ففي ليل السبت كشف عن الحقيقة عارية وهي أن بنيامين نتنياهو لا يريد سلاما. ويجب أداء شكر لرئيس الحكومة أيضا: ففي ليل السبت تحدث آخر الأمر صِدقا فكانت نهاية تضليلات بار إيلان، والوعود ب«الثلاثين كلمة السحرية» التي سيتلفظ بها بعد غد (يقصد الأربعاء) في مجلس النواب و«التزامه الدولتين». لا يريد نتنياهو دولة فلسطينية. نقطة. في العالم الجديد الذي يتنبأ به باراك أوباما، لم يعد ثمة مكان لاحتلال عسكري لا نهائي ولا لمشاهد «الرصاص المصبوب» ولا لإطلاق نار على متظاهرين ولا لحواجز. لا تسوية من غير دولة فلسطينية، ولا دولة فلسطينية من غير حدود 1967. إن ال»لا» الواضحة لنتنياهو التي هي «لا» إسرائيل الواضحة ستدوي منذ الآن من أقصى الكون إلى أقصاه. وإذا لم يكن هذا كافيا، فقد تم في ليل السبت الكشف عن أكذوبة أخرى متفق عليها: فإسرائيل ليست صديقة حقيقية للولايات المتحدة. فالصديقة لا تسلك هذا السلوك، ولاسيما من تعتمد جدا على مائدة صديقتها. هذا المساء، عندما سيتحدث الجميع في مؤتمر «آيباك» ممتدحين الصداقة الكبيرة والقيم المشتركة يحسن أن نتذكر أن الحديث عن صداقة من جانب واحد على نحو مخيف هي صداقة أمريكا لإسرائيل. هذه ال«لا» الوقحة ستفضي الآن إلى خطوات شديدة من قبل القوة العظمى، وهذا أمر يقتضيه الواقع. أما في شأن الدعاوى والعناوين فنرجو أن تتوجهوا إلى نتنياهو. تواجه الولاياتالمتحدة ثلاث إمكانيات: الأولى، أن تنصرف عن هذا الشأن مرة أخرى، والحديث عما لا يقل عن كارثة. الحديث من جهة الولاياتالمتحدة عن هدم جهدها الاستراتيجي كله للتوصل إلى قلوب الشعوب العربية، أما إسرائيل التي يعمل الزمن في سرعة مذهلة في غير مصلحتها، حيث تتحول 1967 إلى 1947 وكرمئيل إلى أريئيل، فيجب أن تأمل ألا يكون هذا هو السبيل. ستكون إمكانية أوباما الثانية أن يتحدث إلى الإسرائيليين من فوق رأس زعيمهم. وهذا لن ينجح. فحتى لو فَعَل فِعْل السادات فأتى إلى الكنيست وتحدث إلينا مباشرة، وقال لنا كيف يُعرض رئيس حكومتنا مستقبلنا للخطر وكيف يضعضع العلاقات بحليفتنا الوحيدة، فلن يستيقظ الإسرائيليون آنذاك أيضا من سباتهم الشتوي (والصيفي) الذي أصابهم بين سيارة الجيب الصغيرة والعطلة القصيرة. لا توجد في إسرائيل 2011 أكثرية لليمين ولا أكثرية لليسار، فالأكثرية المطلقة هي لعدم الاكتراث المخيف. بقيت الطريق الثالثة وهي أصعب على إسرائيل في ظاهر الأمر من تلكما الاثنتين، ألا وهي طريق الضغط. إن رفع يد أمريكية في الأممالمتحدة تؤيد إنشاء دولة فلسطينية يجب أن يكون الخطوة الأولى. بعدها ستأتي العزلة وليس من اللذيذ البقاء مع ميكرونيزيا ومضاءلة المساعدة وتركنا للتنهدات. يجب أن يثير هذا رعبا في القدس وفي تل أبيب أيضا، ويجب أن يشعل أملا أيضا. هذه الآن هي الطريق الوحيدة لكسب صداقة حقيقية لإسرائيل. قال نتنياهو (في واقع الأمر) إن هذه هي الطريق. ولم يدع خيارا. إن أوباما، الذي سيبقى معنا لمزيد السعادة ست سنوات أخرى، عاد إلى تصميمه، بالكلمات على الأقل وامتحانه الآن بالأفعال. إن صاحب شعور وطني إسرائيليا حقيقيا يرى إلى أين تتجه بلاده، ويدرك أن التغيير لن يأتي من الداخل، مضطر، في خزي ما، إلى أن يأمل ضغطا من الخارج. أجل، يا سيدي الرئيس، إذا كنت صديقا حقا فقد حان وقت الضغط. إن دعوة الرئيس الأمريكي إلى الضغط على حكومة إسرائيل هي خطوة إشكالية لا مثيل لها عندما تصدر عن إسرائيلي. ونتنياهو أفضى إلى هذا. إن رئيس حكومة يتحدث عن مفاهيم الأمس العفن عن «الخصر الضيق» وعن الحاجة السخيفة إلى اقامة جنود على نهر الأردن، والذي لا يقول سوى «لا»، والذي يزرع مخاوف باطلة ولا يزرع أملا واحدا، والذي يقول «لا» لأمريكا و«لا» للأمل، يضر بالأمن أكثر من جميع مقترحي الحدود الضيقة واليساريين الخونة. لقد دعا نتنياهو هذا أمريكا الآن إلى عقاب إسرائيل. يبدو أن هذه ستكون الخطوة الوحيدة التي ستوقظ الإسرائيليين من الكابوس الذي يتحقق إزاء أعينهم. إذا أصبحت الطريق فقط إلى «ميسيس» صعبة علينا، فسنفهم في نهاية الأمر أنه يجب علينا التخلي عن أفرات: فالإسرائيليون أكثر زيارة ل«ميسيس» من أفرات.