عاد شبح التوتر ليخيم على بلدة بني بوعياش التابعة لمدينة الحسيمة، بعد أن كان الهدوء قد عاد إلى المنطقة طوال الأسابيع الماضية، حين عمدت القوات العمومية إلى تفريق مسيرة سلمية دعت إليها اللجنة المؤقتة لمتابعة أحداث بني بوعياش مساء الجمعة الماضي. المسيرة التي كانت تتجه إلى بلدة بوكيدان، التي تبعد عن الحسيمة بحوالي 15 كلمترا، للتضامن مع سكانها على خلفية ما أسماه المحتجون «تماطل السلطات في تنفيذ وعودها بخصوص تعويض التجار وأصحاب المحلات جراء ما طال ممتلكاتهم من نهب وتخريب»، شهدت تدخل قوات الأمن بأعداد كبيرة لتفريقها والحيلولة دون وصولها إلى بلدة بوكيدان. وكان لافتا الإنزال الأمني الكبير الذي قامت به القوات العمومية بالمدينة، بعد أكثر من شهر على انسحابها من المدينة على خلفية مواجهات دامية اندلعت بين المتظاهرين وقوات الأمن. ورفع المتظاهرون، الذين قدرت أعدادهم بالمئات، شعارات منددة ب«التدخل الأمني الأخير الذي استهدف المنطقة»، معتبرين أن»تماطل السلطات في تنفيذ الملف المطلبي للسكان واستمرار عسكرة المنطقة يمنح الانطباع أن الدولة ماضية في سياستها الإقصائية تجاه الريف». وحمل المتظاهرون لافتات تطالب بضرورة تفعيل «التزامات السلطة فيما يرتبط بالشق الاجتماعي». وأكد أحد المحتجين، في اتصال هاتفي مع «المساء»، أن«إطلاق سراح المعتقلين هو مطلب ملح ولن نستغني عنه، وإذا تواصلت محاكمتهم، فإن درجة الاحتقان ستزداد ببني بوعياش»، مستفسرا في نفس الوقت «عن الأسباب التي أدت بقوات الأمن إلى التدخل مادام أن المسيرة كانت سلمية». فيما قال مصدر مسؤول في تصريح ل»المساء» إن «التدخل الأمني الأخير كان قانونيا ولم يسفر عن أي إصابات، ونحن دائما نستحضر مبدأ أساسيا وهو حماية مصالح المواطنين»، مضيفا أن «حضور القوات العمومية إلى بني بوعياش كان بغاية حماية الطريق العام، خاصة أن المحتجين كان يعتزمون الاتجاه صوب بلدة بوكيدان، مما قد يؤدي إلى إغلاق الطريق الوطنية بشكل كامل». وختم نفس المتحدث تصريحه بالقول: «نحن نحترم حق التظاهر بشكل سلمي، لكن سنتدخل إذا رأينا أن مصالح المواطنين تتعرض للخطر». في السياق نفسه، تشهد بلدة بوكيدان، التي كانت قد عرفت تدخلا أمنيا عنيفا أثناء المواجهات الدامية التي كانت المنطقة مسرحا لها خلال الشهر الماضي، إضرابا عاما من لدن أصحاب المحلات التجارية، احتجاجا على ما وصفوه في تصريحات متطابقة ل»المساء» ب»تملص السلطات من تعويض السكان عن الخسائر المادية الكبيرة جراء التدخل الأمني العنيف بالمنطقة خلال الشهر الماضي». الإضراب المتواصل منذ أكثر من أسبوع جاء بحسب المضربين «بعد ليلة نهب وتخريب طالت ممتلكات المواطنين»، في حين انتقد مصدر رسمي الإضراب معتبرا إياه «غير مفهوم لأن السلطات وعدت السكان بتعويضهم عبر إحداث قناة حوار قبل أن ينسحب منها سكان بوكيدان بشكل مفاجئ». يذكر أن بلدات بني بوعياش وإمزورن وبوكيدان كانت قد شهدت مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين خلال الشهر الماضي، مخلفة إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف الطرفين واعتقال العديد من المحتجين ومحاكمة البعض منهم.