الرباط محمد الرسمي اعتبر مدير موقع «لكم.كم» الإخباري الإلكتروني، أن تقنين قطاع الصحافة الإلكترونية، الذي تسعى إليه الدولة، «لا يهدف إلى تنظيم القطاع بقدْر ما يهدف إلى «ضبط» هذه المواقع، خاصة تلك التي لا تساير أطروحة السلطة»، مشيرا في ندوة نظمتها أول أمس الإثنين جمعية طلبة المعهد العالي للإعلام والاتصال بعنوان «الصحافة الإلكترونية وحرية التعبير»، إلى أن «عدم انتظام أغلب المواقع الإلكترونية الإخبارية في إطار مقاولاتي لا يعني أنها ليست مقاولات صحافية، بل يكفي أن تمارس مهنة الصحافة، كما هي متعارَف عليها عالميا». وقال علي أنوزلا إن «الصحافة الإلكترونية في المغرب بدأت بشكل هاو، إلا أنها بدأت تتلمس طريقها نحو الاحترافية، خاصة مع دخول كثير من الصحافيين المهنيين إلى هذا المجال، قادمين إليه من الصحافة المكتوبة، نظرا إلى الإشعاع الذي أصبح يملكه قطاع الصحافة الإلكترونية، بالنظر إلى ارتفاع أعداد مرتادي هذه المواقع الإخبارية، مقارنة مع قراء الجرائد الورقية التقليدية». وأضاف أنوزلا أن «ارتفاع أعداد مستخدمي الأنترنت ساهم في زيادة شعبية هذه المواقع الإخبارية، وإنْ كان الكثيرون لا يُفرّقون بين الصحافة الإلكترونية والصحافة المواطنة التي تتيحها وسائل التكنولوجيا الحديثة، حتى وإنْ اعتمد عليها الصحافيون كمصادر للأخبار». وأكد أنوزلا أن «الصحافة الإلكترونية ساهمت في توسيع هامش الحرية وشجّعت الصحافة المكتوبة على تكسير مجموعة من الطابوهات، إلا أن هذا لا يعني تنصلها من الأخلاقيات التي تحكم العمل الصحافي، وإن كانت السلطات تثير مسألة الأخلاقيات كلما اقتربت هذه الصحافة من الخطوط الحمراء الكثيرة المفروضة على الصحافة الورقية وتستغلها، إلى جانب الدعم المادي المرتقب أن تمنحه للمواقع الالكترونية، من أجل تحجيم الحرية والاستقلالية التي تتمتع بها إلى حدود الآن». من جهته، اعتبر طلحة جبريل، الصحافي السوداني المقيم بالمغرب، أن «المملكة تتوفر على مواقع إلكترونية وليس على صحف إلكترونية بمعناها الأكاديمي، والتي يشترط فيها أن تتجدد على مدار الدقيقة وأن تضم على الأقل 12 صحافيا، إضافة إلى الخدمات السمعية -البصرية التي تميزها عن الصحافة التقليدية». وأرجع مدير مكتب جريدة «الشرق الأوسط» في الرباط غياب هذا النموذج للصحف الإلكترونية في المغرب إلى غياب مصادر التمويل الكافية، والمتأتية أساسا من محركات البحث العملاقة، إضافة إلى الإشهار، الذي يبقى في المغرب عموما إشهارَ خدمات وليس إشهار مؤسسات، فضلا على المعضلة الكبرى، المتمثلة في ضعف معدل القراءة بين المواطنين المغاربة. وقدّم جبريل نصيحة إلى الصحف الورقية، بالتخلي عن فكرة الصحف الوطنية والتوجه تدريجيا نحو تبني النموذجين الألماني والأمريكي، والقاضي بالتوفر على جرائد محلية أو جهوية، إضافة إلى مواقع إلكترونية تتجدد على مدار الساعة، في أفق اختفاء الجرائد الورقية، بسبب التراجع الكبير لأعداد قرائها. وقد عرفت الندوة، أيضا، مداخلة للصحافي السوري المقيم بالمغرب محمد زيد مستو، الذي عرّج على الدور الذي لعبته الصحافة الشعبية في الثورة السورية، من خلال التغطية التي خصصها النشطاء لهذه الانتفاضة عبر المواقع الاجتماعية وتأسيسهم شبكات إخبارية شبيهة بوكالات الأنباء، تعمل على تزويد وسائل الإعلام الدولية بالأخبار والصور والفيديوهات لحظة وقوعها. وأوضح مستو أن وسائل الإعلام الدولية كانت مضطرة إلى الاعتماد على المواد التي يرسلها هؤلاء النشطاء، رغم أنها لم تكن مهنية مائة في المائة، نطرا إلى استحالة ولوج طواقمها إلى سوريا لتغطية الأحداث على الأرض، وهو ما خلق «أجناسا صحافية جديدة»، تمثلت في الفيديوهات القصيرة التي عوّضت الروبورطاجات المحترفة.