أعلن المسؤولون عن حملة المرشح الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة باراك أوباما أنهم جمعوا 150 مليون دولار خلال شهر سبتمبر الماضي فقط، وبذلك يكون أوباما قد حقق رقما قياسيا في المشهد السياسي الأمريكي بجمعه أكثر من نصف مليار دولار لحملته الانتخابية في فترة زمنية قياسية. أكثر من مليار دولار هو الرقم غير النهائي للمبالغ التي استطاع كل من المرشح الجمهوري لخوض سباق الرئاسة جون ماكين ومنافسه الديمقراطي باراك أوباما جمعها حتى الآن حسب معطيات رسمية من الموقع الرسمي لحملتيهما معا. ودخل أوباما التاريخ السياسي الأمريكي بعدما نجح في جمع أكثر من نصف مليار دولار هذه السنة معتمدا على المانحين الكبار (الشركات العملاقة) بالإضافة إلى تشجيعه الناخبين الصغار على التبرع أيضا مهما كان حجم المبالغ المُتبرع بها. وقال المسؤولون في حملة أوباما الانتخابية إنهم نجحوا في جمع 150 مليون دولار خلال الشهر الماضي فقط، وهو ما يعني أكثر من ضعف المبلغ الذي تم جمعه خلال شهر غشت الماضي والذي فاق 62 مليون دولار. واستطاع أوباما استقطاب 632 ألف متبرع جديد خلال الشهر الماضي فقط، معظمهم من المتبرعين الصغار (طلبة جامعيون وموظفون وعمال وربات بيوت). يقول توماس سيلفر، وهو طالب جامعي، ل«المساء»: «أنا طالب جامعي وبالكاد أستطيع دفع مصاريف الجامعة لكنني تبرعت لباراك أوباما بمبلغ 150 دولارا، ولولا أن الظروف الاقتصادية التي أمر بها صعبة للغاية لكنت تبرعت له بمبالغ إضافية... إنه يستحق ذلك وأكثر». لون بشرة توماس أبيض وأسرته محافظة تقطن بمدينة بوتوماك بولاية ماريلاند، ويؤكد أن أسرته تناصر الحزب الديمقراطي منذ عقود، لكنه لم يسبق أن تبرع لمرشح ديمقراطي من قبل، وعن السبب الذي دفعه إلى تغيير موقفه هذه السنة قال توماس: «الأمل الذي يبعثه أوباما فينا نحن الشباب. من حقنا أن نحلم بمستقبل أفضل وبأن تعود بلادنا قائدا قويا على الساحة الدولية لكن بمعايير أخلاقية تكسبنا احترام العالم وليس خوفه وازدراءه»! ويعد توماس واحدا فقط من مئات الآلاف من الأمريكيين الذين لم يكتفوا بالتطوع للعمل ضمن الحملة الانتخابية لباراك أوباما مجانا، بل قرروا دعمه ماليا أيضا حتى لو كان المبلغ بسيطا (بالمقاييس الأمريكية). وأشار تقرير لصحيفة The Examiner التي توزع أعدادها بولاية ماريلاند إلى أن أوباما نجح في إقناع الشباب بالتطوع في حملته الانتخابية والتبرع لصالحه بطريقة غير مسبوقة. كما أشار التقرير إلى أن المسؤولين عن حملة أوباما الانتخابية استعملوا وسائل حديثة للوصول إلى طلاب الجامعات المتمردين الذين عادة ما كانوا «يشمئزون» من العمل السياسي ويفضلون الانكباب على الدراسة. وقامت حملة أوباما بتسخير الإنترنت بشكل فعال للتواصل مع الشباب داخل مختلف الولاياتالمتحدة حتى بلغ عدد المتبرعين الشباب رقما غير مسبوق في تاريخ الانتخابات الأمريكية. كما استعملت حملة أوباما بطريقة فعالة رسائل SMS للتواصل مع آلاف المتطوعين في الحملة وأصدقائهم وأقربائهم الذين اشتركوا في تلك الخدمة التي يوفرها الموقع الرسمي لباراك أوباما. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشبكات الاجتماعية الافتراضية على شبكة الإنترنت مثل «فيسبوك» و»ماي سبايس» تحولت إلى منتديات سياسية حقيقية تجتذب عشرات الآلاف من المشتركين المتحمسين لأوباما الذين يؤسسون صفحات خاصة بالمرشح الديمقراطي بطريقة بسيطة وجذابة، أو «كوول» حسب المفهوم الأمريكي الدارج. كل تلك العوامل منحت أوباما قوة جاذبة يصفها المراقبون بالخارقة للعادة، أقنعت الكثير من المتحمسين له بأن أي مبلغ مهما كان بسيطا (حتى ولو كان 25 دولارا) يمكن أن يساهم في تغيير المشهد السياسي الأمريكي، وهكذا استطاع أوباما أن يجمع أكثر من نصف مليار دولار لدعم حملته الانتخابية التي بدأت تصرف ب«تبذير» مؤخرا، حيث بلغت مجموع المبالغ التي دفعتها الحملة مقابل شرائط فيديو دعائية قصيرة على شبكات التلفزيون الأمريكية أكثر من خمسة ملايين دولار خلال الأسبوع الماضي فقط. كما قام أوباما بشراء نصف ساعة دعاية من الحيز الزمني على أربع من أكبر القنوات الإخبارية الأمريكية (CBS وABC وNBC وFOX) خلال يوم الأربعاء القادم مقابل ملايين الدولارات من أجل توجيه خطاب دعائي اختار موعده بدقة بالغة، حيث يصادف ذلك اليوم ذكرى يوم الثلاثاء الأسود الذي انهار فيه الاقتصاد الأمريكي سنة 1929، كما أن يوم الانتخابات لن يتبقى عليه سوى ستة أيام فقط (4 نوفمبر القادم)، وربما لهذه الأسباب بالضبط بدأ بعض الديمقراطيين احتفالهم باكرا واعتبروا أن نتائج الانتخابات الرئاسية باتت محسومة منذ الآن، لأنهم يعتبرون أن لاشيء يمكن أن يقف في وجه الآلة الدعائية والمالية للمرشح الذي قد يصبح أول رئيس أسود لبلاد العم سام!