تواصلت المواجهات، مساء أول أمس، بين سكان البناء العشوائي والقوات العمومية بمدينة طنجة بعد أن أقدمت سلطات المدينة على هدم منازل بمنطقة سيدي إدريس في مقاطعة بني مكادة، فيما استخدمت القوات العمومية في هذه المواجهات القنابل المسيلة للدموع ضد المحتجين. وأصيب خلال هذه المواجهات مواطنون وأطفال، كما أصيب حوالي 70 عنصرا من القوات المساعدة بجروح 3 منهم في حالة خطيرة. كما أحرق المحتجون شاحنة للقوات المساعدة و4 جرافات ومجمعا سكنيا. ولم تفلح قنابل الغاز المسيل للدموع، التي استعملتها القوات العمومية، في ثني المحتجين عن مواصلة احتجاجاتهم، حيث ما كادت الاشتباكات تنتهي حتى عادت لتشتعل من جديد بعد زوال يوم الخميس الماضي. وكان المئات من سكان حيي المرس وبوسلهام في منطقة سيدي إدريس المهمشة، قد هاجموا عناصر القوات العمومية والأمن الوطني، إثر قيام السلطات بهدم 70 منزلا مكتملة البناء و35 مسكنا أخرى في طور الإنشاء، بحجة عدم توفر أصحابها على تراخيص، وكذا لكون عدد كبير منهم شيّدوا تلك المنازل فوق أراضٍ مملوكة للدولة ووسط مجرى مائي. وقد عمد المحتجون إلى رشق عناصر الأمن بوابل من الحجارة، ما جعل الأخيرة ترد بواسطة قنابل الغاز المسيل للدموع، لكنْ في الوقت الذي اعتقدت السلطات أنها سيطرت على الوضع، ستتفاجأ ب»هجوم» جديد من لدن سكان المنطقة، الذين حشدوا أعدادا ضخمة من المحتجين وعادوا إلى رشق عناصر القوات المساعدة بالحجارة، كما دخلوا معهم في اشتباكات مباشرة، بعدما فاقوهم عددا، قبل أن يعمدوا إلى حرق سيارة تابعة للقوات المساعدة وجرافتين استُعملتا في عمليات الهدم، ومن تم قاموا بمهاجمة مُجمَّع سكني في طور البناء مملوك شركة خاصة، كانت تستغله السلطات كموقف لجرافاتها وسياراتها، وقام المحتجون بإحراق جرافتين أخْرَييْن، كما أضرموا النيران في المجمع السكني، حسب رواية مصدر مخول من ولاية جهة طنجة تطوان. ذكر شهود عيان أن الأمور كادت تتطور إلى ما هو أسوأ، بعدما تمكّنَ السكان من محاصرة حوالي 35 عنصرا من القوات المساعدة قرب إحدى بنايات حي بوسلهام وانهالوا عليهم بالحجارة وحاولوا احتجازهم بالقوة.. لولا وصول التعزيزات الأمنية، التي أنقذتهم بعد أكثر من نصف ساعة من الحصار. وقد شوهدت أزيد من 15 شاحنة تابعة للسلطات العمومية، إلى جانب سيارات تابعة للأمن الوطني، تتوجه إلى منطقة سيدي إدريس، بعدما عجزت العناصر المتواجدة في عين المكان عن السيطرة على الأوضاع، علما أن الاشتباكات استمرت حوالي 10 ساعات متواصلة. كما ذكرت نفس المصادر أن السلطات التجأت إلى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، بعدما تطورت الأمور بشكل غير متوقع. وفي الوقت الذي قال شهود عيان إنهم رأوا عنصر من القوات المساعدة مضرجا في دماه وملقى على الأرض، قال مصدر ولائي مخول إن ما تم تسجيله من ضحايا في صفوف القوات المساعدة وعناصر الأمن يتمثل في أزيد من 70 مصابا، يعاني عدد كبير منهم من كسور في أنحاء متفرقة من الجسد ومن إصابات في الرأس، فيما تم نقل 3 أفراد إلى المستشفى في حالة حرجة، نافيا وقوع أي اعتقالات في صفوف المحتجين. وأكد المصدر نفسه أن مقر الولاية سيشهد اجتماعا طارئا لرصد الخسائر البشرية والمادية للمواجهات وتحديد المسؤوليات. من جهتهم، ذكر عدد من سكان منطقة سيدي إدريس أن العشرات من المحتجين أصيبوا بجروح وحالات اختناق جراء استخدام الغاز المسيل للدموع، واصفين التدخل الأمني ب«العنيف»، وألقوا باللائمة في ما حدث على الوالي محمد حصاد، معتبرين أنه ب«صمته» على عمليات البناء بدون ترخيص التي شهدتها مقاطعة بني مكادة جعل السكان يطمئنون إلى «قانونية» عملهم، خاصة أن أعمال البناء انطلقت منذ شهر نونبر الماضي، معتبرين أن هناك منتخبين «متواطئين» مع الولاية دفعوا في اتجاه قيام السلطات بعمليات هدم واسعة «عقابا» للسكان على ما أفرزته نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. كما اعتبر متحدثون من سكان الحي أن احتجاجاتهم العنيفة كانت «عادية»، بحكم أن هدم تلك المنازل يعني تشريدهم، بعدما دفعوا كل ما يملكون في سبيل الحصول على سكن، مطالبين السلطات بتعويضهم عاجلا.