طرحت الحوادث المتكررة التي تتسبب فيها حافلات شركة للنقل الحضري في القنيطرة أكثر من علامة استفهام حول الدور الذي تلعبه لجن المراقبة المختلطة والجهات التي توفر الحماية ل»خروقات» هذه الشركة، رغم وتهديدها أمنَ وسلامة المواطنين. ففي ظرف لم يتعد السبعة أيام، نجا مستعملون لهذه الحافلات من موت محقق في حادثين منفصلين، وقع الأول حينما فقدت الحافلة المتجهة صوب منطقة بئر الرامي عجلاتها الخلفية وكادت تنقلب وتزهق أرواح المواطنين الأبرياء لولا الألطاف الإلهية. وقد استنفر هذا الحادث كبار مسؤولي المدينة، حيث حلوا، على عجل، بعين المكان، لكن المثير للانتباه هو أنه رغم خطورة هذه الحادثة، فقد تم التعامل معها باستخفاف شديد، حيث اقتصر الأمر على اعتبارها مجرد عطب أصاب الحافلة، لتتدخل بعد ذلك إدارة الشركة لنقل الحافلة إلى مستودعها، مع أنه كان من المفروض أن يتم فتح تحقيق عاجل حول ملابسات وأسباب وقوع هذه الحادثة، خصوصا أن المسؤولية التقصيرية ثابتة، والدليل على ذلك الحالة الميكانيكية السيئة للحافلة. أما الحادث المروع الثاني فقد كان شارع جون كينيدي مسرحا له، حينما عجز سائق الحافلة عن الوقوف أمام الإشارة الضوئية الحمراء، وخوفا من الاصطدام بالسيارات المتوقفة أمامه، زاغ عن الطريق الرئيسية وفضل السير فوق الرصيف، قبل أن يتوقف على بُعد أمتار قليلة من متجر للملابس. وحمّلت جهات عدة مسؤولين في العمالة مسؤولية الخروقات التي تمادت في ارتكابها شركة «الهناء» للنقل الحضري، خاصة في ظل التقرير الذي سبق أن أعدوه في وقت سابق وأكدوا فيه أن الشركة المذكورة تفي بالتزاماتها وتحترم دفتر التحملات، سواء في مجال تدعيم الأسطول بحافلات جديدة أو بصيانة الحافلات في وضعية متردية، إضافة إلى تقديم نماذج بشأن المخابئ التي سيتم إنشاؤها في محطات وقوف الحافلات، والتي تهدف إلى تحسين هذا المرفق. ورغم أن قضاة المجلس الأعلى الحسابات أشاروا في تقريرهم السنوي، آنذاك، إلى مجموعة من التجاوزات المرتكَبة من طرف هذه الشركة واستغربوا عدمَ إقدام المجلس الجماعي وقتها على فسخ العقدة التي تربطه بها، فإن تقرير العمالة «قفز» على كل هذه الحقائق ونوّه بالخدمات التي تقدمها الشركة، مدّعيا انعدام وجود أزمة للنقل الحضري في المدينة. وسبق لكل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وللمنظمة المغربية لحقوق الإنسان أن أعربتا عن مخاوفهما من أن يكون مثل هذا التقرير الذي يحرف حقيقة أوضاع المدينة نهجا يطال مختلف المرافق الحيوية في القنيطرة وكذا الحاجيات والانتظارات الأساسية لساكنة المدينة، مما قد يحرم عاصمة الغرب من مشاريع من شأنها أن تحقق الرفع من نمط الحياة وتؤسس لتنمية حضرية شاملة ومستدامة وتضمن العيش الكريم وفق المعايير الكونية لحقوق الإنسان. وطالب الحقوقيون بفتح تحقيق فوري ونزيه في ملابسات التقرير «المحرف للوقائع» الذي أنجزته السلطات وبمعاقبة كل من ثبت تورطه في «تزييف الحقائق» عبر التستر عن «خروقات الشركة المعنية» والاستهتار بمصالح ساكنة القنيطرة.